أقيلت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان من منصبها، على أثر انتقادها للطريقة التي تعاملت بها شرطة العاصمة لندن مع مسيرة مؤيدةٍ للفلسطينيين.
وشهدت عطلات الأسابيع الماضية، منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة وإسرائيل يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خروج مسيرات ضخمة في ميادين لندن للتنديد بالحرب وقتل المدنيين.
وكانت أكبر المسيرات، تلك التي خرجت يوم السبت الماضي في الحادي عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، والذي صادف يوم تكريم ذكرى الجنود البريطانيين الراحلين خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية. وقد شارك في تلك المسيرة مئات الآلاف من المتظاهرين.
واتخذ رئيس الوزراء ريشي سوناك خطوة إقالة بريفرمان مدفوعاً بضغوطٍ متزايدة، بعد مقالةٍ للأخيرة نشرتها صحيفة التايمز يوم الأربعاء الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري؛ حيث قارنت بريفرمان بين هذه المسيرات في لندن وبين مسيرات طائفية شهدتها أيرلندا الشمالية أواخر القرن العشرين في أوج صراعٍ قومي عُرف بصراع "المشاكل".
ووصفت بريفرمان مسيرات لندن بأنها محاولة "لتأكيد الهيمنة من جانب مجموعة بعينها -لا سيما الإسلاميين- من ذلك النوع الذي اعتدنا أكثر على رؤيته في أيرلندا الشمالية".
تغذية مشاعر "الكراهية والارتياب"
ورأى كثيرون في مقالة بريفرمان تأجيجاً للتوترات قبيل يوم خروج المسيرة، واتهمها زعيم حزب العمال المعارض كير ستارمر بتغذية مشاعر "الكراهية والارتياب".
وبعد خروج المسيرة يوم السبت، توالت الاتهامات لوزيرة الداخلية بعد رصْد مشاهد عنفٍ من جانب اليمين المتطرف إزاء الشرطة، وذلك بعد أن وصمت بريفرمان متظاهرين مناصرين للقضية الفلسطينية بأنهم "مروّجو كراهية"، فضلاً عن اتهامها شرطة لندن بـ "ازدواجية المعايير" و"الانحياز للمسيرة".
وقالت بريفرمان إنّ شوارع لندن "يجري تلويثها بالكراهية والعنف ومعاداة السامية"، مطالبةً الشرطة بـ "ضرورة اتخاذ موقفٍ أقوى".
وتمخّض المشهد عن اعتقال العشرات من المعارضين للمسيرات ممن حاولوا الوقوف في وجه المشاركين فيها، فضلاً عن إصابة نحو تسعةٍ من ضباط الشرطة.
ووجد رئيس الوزراء نفسه في مواجهة اتهامات تتراوح بين الضَعف والتواطؤ إذا لم يُقل وزيرة داخليته، وكان سوناك قد شارك وزيرة داخليته في حثّ شرطة لندن على منع خروج المسيرة من الأساس؛ حيث وصف سوناك المشاركين فيها بأنهم "متعاطفون مع حماس".
لكنّ ما حدث هو أن مفوض شرطة لندن مارك راولي رفض الانصياع لتوجيهات كلٍ من وزيرة الداخلية ورئيس الوزراء، مشدداً على أهمية "استقلال جهاز الشرطة ... والتركيز ببساطة على إنفاذ القانون في ضوء الوقائع على الأرض".
ورأت وزيرة الداخلية في حكومة الظل إيفيت كوبر، في تصريحات بريفرمان "هجوماً مروّعاً وغير مسبوق" على حيادية الشرطة، وتأجيجاً "متعمّداً" للتوترات.
ومن معسكر المحافظين أيضاً، قال عمدة لندن صادق خان: "للأسف، كانت هذه المشاهِد متوقعة بعد أسبوع من جهود البعض لتأجيج التوتر.. لقد جاءت هذه المشاهد نتيجة مباشرة لكلمات وزيرة الداخلية وسلوكها.. لو كان لدى بريفرمان أيّ شرف فعليها أن تستقيل – وإذا لم يكنْ، فعلى ريشي سوناك أن يقيلها".
وفي داخل حكومة سوناك، وقبل قراره إقالة وزيرة داخليته، مضى نحو أسبوع نأى فيه عدد من الوزراء بأنفسهم عن تصريحاتٍ كانت بريفرمان أدلت بها ومفادها أنّ التشرد "أسلوب حياة اختياري".
وجاءت خطوة إقالة بريفرمان في إطار تشكيلٍ وزاريٍ جديد، شهد مفاجأةً تمثّلت في عودة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون ليشغل منصب وزير الخارجية محلّ جيمس كليفرلي الذي حمل في المقابل حقيبة وزارة الداخلية محلّ بريفرمان.
التعليقات