أجمعت البلدان الأعضاء في مجموعة "بريكس" على ضرورة وقف النار في غزة بأسرع وقت ممكن وفتح الممرات الإنسانية، خلال قمة افتراضية طارئة خُصصت لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط. وأكد قادة بلدان المجموعة استعداد "بريكس" للعب دور محوري في جهود تهدئة الوضع والانتقال إلى عملية سياسية، في حين صدرت دعوات إلى محاسبة إسرائيل على "الإبادة الجماعية" ومنع دخول المساعدات الإنسانية.

السعودية
وأكد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، في كلمة المملكة أمام قمة "بريكس" الافتراضية، أن ما تشهده غزة من جرائم وحشية في حق المدنيين الأبرياء والمنشآت الصحية ودور العبادة يتطلب القيام بجهد جماعي لوقف هذه الكارثة الإنسانية التي تستمر بالتفاقم يوماً بعد يوم ووضع حلول حاسمة لها. وأضاف أن "هذه القمة تنعقد في وقت عصيب يمر به أهالي غزة".

وخلال ترؤسه وفد السعودية في اجتماع قادة مجموعة "بريكس"، نيابةً عن الملك سلمان بن عبد العزيز، جدد الأمير محمد بن سلمان المطالبة بوقف العمليات العسكرية فوراً وتوفير ممرات إنسانية لإغاثة المدنيين وتمكين المنظمات الدولية الإنسانية من أداء دورها. وشدد ولي العهد السعودي على أن موقف بلاده ثابت وراسخ بأن "لا سبيل لتحقيق الأمن والاستقرار في فلسطين إلا من خلال تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين لتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى تقديمها مساعدات إنسانية وإغاثية، جواً وبحراً، لأهالي غزة، وإطلاقها حملة تبرعات شعبية تجاوزت حتى الآن نصف مليار ريال سعودي.

كما أشار الأمير محمد بن سلمان إلى أن بلاده دعت إلى عقد قمة عربية وإسلامية مشتركة غير عادية في الرياض في 11 نوفمبر الحالي لبحث العدوان الإسرائيلي، منوّهاً بما صدر عن القمة من قرار جماعي يتضمن إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ورفض تبرير العدوان تحت أي ذريعة، وأن يتم بشكل فوري فرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع، ورفض التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وإدانة تدمير إسرائيل للمستشفيات في القطاع، ومطالبة جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل، والبدء بالتحرك باسم جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية لبلورة موقف دولي تجاه العدوان على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق سلام دائم وشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة.

وشاركت السعودية في الاجتماع الافتراضي الاستثنائي الخاص بغزة لقادة مجموعة "بريكس" وقادة الدول المدعوّة للانضمام إلى هذه المجموعة؛ كونها إحدى الدول المدعوة للانضمام إلى المجموعة، وكونها أيضاً دولة صديقة لدولة الرئاسة (جنوب أفريقيا) وبوصفها الرئيس الحالي للقمتين العربية والإسلامية.

روسيا
وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من جهته، على ضرورة التوصل في أسرع وقت إلى اتفاق حول هدنات إنسانية وإطلاق سراح الرهائن وإيصال المساعدات إلى غزة، لكنه أكد على أن "المسار الأفضل هو التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد".

وقال بوتين خلال القمة الاستثنائية التي دعت إليها جنوب أفريقيا بصفتها الرئيس الحالي للمجموعة وإيران التي نالت قبل أشهر عضوية كاملة فيها: إن روسيا ودول "بريكس" يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. وشدد على أن "موقف روسيا ثابت وغير انتهازي. وندعو إلى بذل جهود مشتركة من جانب المجتمع الدولي تهدف إلى تهدئة الوضع ووقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ومجموعتنا يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في هذا العمل".

ورأى بوتين أن الوضع الحالي ناجم عن رغبة الولايات المتحدة في احتكار مهام حل الصراع. وأضاف: "هكذا، أصبح واضحاً عدم جدوى المحاولات الفردية لتسوية المشكلة الفلسطينية". وقال: إن "مقتل الآلاف من الأشخاص، والطرد الجماعي للمدنيين، واندلاع كارثة إنسانية، أمور تثير قلقاً عميقاً. وقد تحدث أحد الزملاء للتو عن وفاة عدد كبير من الأطفال. وهذا أمر فظيع، ولكن عندما تنظر إلى كيف يجرون العمليات الجراحية للأطفال من دون تخدير، فإن هذا بالطبع يثير مشاعر خاصة".

وشدد بوتين على أهمية الهدنة الإنسانية الضرورية لإطلاق سراح الرهائن وإجلاء المدنيين والأجانب من غزة. وفي الوقت نفسه، قال: إن المهمة الأكثر إلحاحاً هي التوصل إلى هدنة طويلة الأمد ومستدامة، محذراً من انجرار دول أخرى إلى الحرب في الشرق الأوسط وتوسيع جغرافية الصراع.

وقال بوتين أيضاً: إن روسيا تعتزم، خلال رئاستها مجموعة "بريكس" العام المقبل، بدء اتصالات بشأن التسوية الفلسطينية - الإسرائيلية. مؤكداً أنه "من المفيد للغاية مواصلة المناقشة داخل مجموعة (بريكس) حول مواصلة تطور المواجهة الفلسطينية - الإسرائيلية. إذا لم تكن هناك اعتراضات، زملائي الأعزاء، فخلال الرئاسة الروسية المقبلة للجمعية في العام المقبل، سنبدأ اتصالات محتملة، بما في ذلك عبر الفيديو، حول هذه القضية".

وتضم مجموعة "بريكس" البرازيل، وروسيا، والهند، والصين وجنوب أفريقيا. وفي قمة جوهانسبرغ التي عُقدت في أغسطس الماضي، تم الإعلان عن قرار بدعوة الأرجنتين، ومصر، وإيران، وإثيوبيا، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لتصبح أعضاء كاملي العضوية في الرابطة ابتداءً من مطلع العام المقبل.

إيران
دعا الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي دعت بلاده إلى عقد القمة الطارئة، رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة، من خلال الآليات ذات الصلة في الأمم المتحدة، إلى إصدار قرار بـ"وقف جرائم إسرائيل ضد سكان غزة".

وقال رئيسي في كلمته: إنه "نظراً لفشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أداء مهمته المتمثلة في ضمان السلام والأمن واعتماد قرار بشأن وقف إطلاق النار في فلسطين؛ يتعين على الدول الأعضاء في مجموعة (بريكس) إصدار قرار ملزم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار الأمم المتحدة".

ودعا رئيسي رؤساء الدول الأعضاء في المنظمة إلى "إعلان حكومة إسرائيل منظمة إرهابية وجيشها منظمة إرهابية". ورأى أن "هجمات إسرائيل المستمرة على المستشفيات والمراكز الطبية والأماكن الدينية، وكذلك قتل النساء والأطفال والأطباء والممرضات والصحافيين، هي أعمال إرهابية، ويجب الاعتراف بالنظام الإسرائيلي إرهابياً وجيشه منظمة إرهابية".

جنوب أفريقيا
من جانبه، دعا رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، بصفته رئيساً للقمة، دول العالم إلى الامتناع عن خطوات من شأنها تصعيد الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بما في ذلك في إطار "وقف توريد الأسلحة إلى أطراف الصراع".

وقال رامافوسا: إنه "يجب على جميع الدول ممارسة ضبط النفس والامتناع عن تأجيج هذا الصراع، بما في ذلك عن طريق قطع إمدادات الأسلحة عن الأطراف".

وأكد رامافوسا على أهمية التوصل إلى وقف فوري وشامل لإطلاق النار من أجل حل سلمي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

وقال رئيس جنوب أفريقيا: إن إسرائيل وحركة "حماس" انتهكتا القانون الدولي خلال الصراع. وأوضح أن "تصرفات إسرائيل تعد انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف". وأشار، في الوقت نفسه، إلى أن حركة "حماس" انتهكت أيضاً القوانين الدولية باحتجازها رهائن، و"يجب معاقبتها".

ووصف رامافوسا استخدام إسرائيل "غير القانوني للقوة المفرطة" لمعاقبة جماعية للفلسطينيين بأنه "جريمة حرب". وجدد الدعوة للمحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

الموقف الصيني
من جانبه، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ: إن «بريكس» تعد «منصة مهمة لتعزيز الوحدة والتعاون وحماية المصالح المشتركة للدول النامية».

ووفقاً له، فإن تنسيق المواقف بشأن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والإجراءات التي تم اتخاذها خلال قمة "بريكس" الاستثنائية كانت "بداية جيدة لتعاون الرابطة بعد توسعها". وأكد أن الصين "تعدّ وقف إطلاق النار والإفراج عن المدنيين الأسرى أولوية في الجولة الحالية من الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي".

وقال، أنه "في الوضع الحالي، من الضروري للغاية أن تعمل دول (بريكس) كصوت للعدالة والسلام في القضية الفلسطينية - الإسرائيلية". وشدد على أن الجولة الحالية من الصراع في قطاع غزة أدت إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين وتحولت كارثة إنسانية، مؤكداً أن "الصين تشعر بقلق بالغ إزاء هذا الأمر".

وأعلن شي خلال كلمته أن الصين "سوف تدعو إلى عقد مؤتمر دولي رسمي في المستقبل القريب لتعزيز تسوية سريعة وعادلة في غزة"، مشيراً إلى أنه من الضروري "عقد مؤتمر سلام دولي أكثر موثوقية في أقرب وقت ممكن لتحقيق توافق دولي بشأن توطيد السلام وتعزيز حل مبكر وشامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية".