قال العاهل الأردني في كلمة ألقاها في مؤتمر الأطراف "كوب 28" المقام في دولة الإمارات: لا يمكن الحديث عن التغيّر المناخي بمعزل عن المآسي الإنسانية التي نراها حولنا، مشيرًا إلى ما يواجهه الفلسطينيون من تهديد مباشر يطال حياتهم.
وأضاف لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، بينما دمار حرب غزة الهائل يهدد المزيد من الضحايا، وسكانها يعيشون على كميات ضئيلة من المياه النظيفة والحد الأدنى من الغذاء، فيما تزيد التهديدات المناخية من فظاعة مآسي الحرب على القطاع.
وشدد عبدالله الثاني على ضرورة "أن يشمل التعامل مع تحديات المناخ الفئات الأكثر هشاشة، لافتا إلى الفلسطينيين الذين تأثروا بشكل كبير بالحرب على غزة، والمجتمعات التي تعاني من الأزمات والفقر حول العالم، والعائلات اللاجئة والمجتمعات المستضيفة بمنطقتنا والعالم".
وقال: في منطقة تقع على الخطوط الأمامية لآثار التغير المناخي، يزيد الدمار الذي تخلّفه الحروب من شدة المخاطر البيئية كشح المياه وانعدام الأمن الغذائي.
وفي هذه الأثناء التي نتحدث فيها، يواجه الفلسطينيون تهديدا مباشرا يطال حياتهم. ففي غزة تم تهجير أكثر من 1.7 مليون فلسطيني من بيوتهم خلال هذه الحرب، وقُتل وأصيب عشرات الآلاف منهم.
وإذ لفت إلى مبادرة الأردن في التصدي لانعدام الأمن الغذائي في غزة، من خلال جمع الشركاء الدوليين للتنسيق حول آليات تزويد الغذاء بشكل مستدام للقطاع، قال: نحن كدولة يشكل اللاجئون أكثر من ثلث عدد سكانها، أطلقنا العام الماضي مبادرة "مترابطة المناخ – اللاجئين" العالمية، التي تهدف إلى إعطاء أولوية الدعم والاستثمار المرتبط بالمناخ للدول المستضيفة للاجئين. نحن ممتنون لـ 58 دولة دعمت هذه المبادرة حتى الآن. لكن ما زالت هناك حاجة للمزيد من العمل.
مشاريع مياه
وركّز على أن "الأردن يساهم بنسبة ضئيلة تبلغ 0.06 بالمئة من الانبعاثات الكربونية عالميا، لكننا نتأثر بشكل كبير بالتغير المناخي الذي يهدد مواردنا المائية الشحيحة، ومواردنا الغذائية، والتنوع البيئي. واليوم، ترتبط أكثر مشاريع الأردن طموحا وأهمية بالمياه، حيث يهدف مشروع وطني كبير للمياه إلى تحلية مياه البحر الأحمر من خليج العقبة ونقلها إلى المراكز السكانية الرئيسة."
وشرح أن "مشروع الناقل الوطني للمياه سيعتمد على الطاقة المتجددة، وهو المجال الذي قطعنا فيه شوطا كبيرا؛ إذ تهدف استراتيجيتنا الوطنية للطاقة إلى توليد 31 بالمئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030. وتمثل المركبات الهجينة والكهربائية 18 بالمئة من نظام النقل لدينا."
أضاف: "في إجراءات أخرى ضمن العمل المناخي، ستعمل الأبحاث في مركز محمية العقبة البحرية على استكشاف خصائص المنعة الفريدة للشعاب المرجانية في البحر الأحمر، لمنفعة جهود الحفاظ على الشعاب المرجانية وإنعاشها في جميع أنحاء العالم. وأتطلع لحضور فعالية على متن باخرة أوشن إكسبلورر غدا، لتسليط الضوء على هذه المبادرة.
الزراعة الذكية
وتطرق لسعي الأردن إلى إيجاد حلول في مجالات الزراعة الذكية، على المستوى الوطني، قائلاً: إننا نمضي قدما بجهود نخبة من رواد الأعمال الشباب والمهندسين الأردنيين المؤهلين لإيجاد حلول في مجالات الزراعة الذكية للتعامل مع أثر التغير المناخي والحفاظ على المياه، والمشاريع الريادية في الطاقة النظيفة، وغيرها الكثير. ويعرض بعض المبتكرين الأردنيين مشاريعهم هنا في مؤتمر تغير المناخ."
ولفت إلى إطلاق استراتيجية التمويل الأخضر في الأردن التي تُعتبَر الأولى من نوعها في المنطقة، كما تم إصدار أول سند أخضر في وقت سابق من هذا العام".
وأردف: على الرغم من التحديات، فقد أصبح الأردن مثالا يحتذى في المنطقة، كرائد في مجال العمل المناخي وبدأ يثبت إمكانياته كمركز للتكنولوجيا الخضراء. لكن، كما أن تأثير التغير المناخي لا يحدث في معزل عن التطورات الأخرى، فإن استجابة أي بلد لا يمكن أن تنجح بمفردها. ولقد بين لنا التقييم العالمي أن عالمنا لا يزال متأخرا كثيرا في تحقيق الأهداف التي حددها اتفاق باريس. وبينما نعمل على تعويض الوقت الضائع والتقدم إلى الأمام، لا يمكننا أن ننسى الفئات الأكثر ضعفا، وعلينا ألا نترك المجتمعات التي تعاني من الصراعات، ومجتمعات اللاجئين، والبلدان النامية وحدها في مواجهة مشكلة عالمية كهذه. كما لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي، بينما الدمار الهائل الناجم عن حرب قاسية في غزة يهدد المزيد من الضحايا ويعيق التقدم نحو مستقبل أفضل للعالم، فالأجيال الحالية والقادمة ستقوم بمحاسبتنا.
وكان العاهل الأردني قد استهل كلمته بالشكر والتقدير إلى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد ودولة الإمارات العربية المتحدة على حسن تنظيم هذه القمة الدولية. علما أن الوفد الأردني ضم في المؤتمر، رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة، ومدير مكتب الملك، د.جعفر حسان، ووزير البيئة د.معاوية الردايدة.
التعليقات