قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): شهد الإثنين قطاع غزة المحاصر غارات جوية إسرائيلية مع احتدام المعارك الميدانية بين الجيش الإسرائيلي وحماس، ما يدفع السكان المدنيين إلى النزوح الجماعي وسط أوضاع إنسانية وصحية مزرية.

وأفاد شهود باستهداف ضربات مدينتي خان يونس ورفح، في جنوب القطاع حيث يحتشد مئات آلاف المدنيين الفارين من المعارك في الشمال.

ووفقا لأحدث حصيلة نشرتها وزارة الصحة التابعة للحركة التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007، أدى القصف الإسرائيلي الى مقتل 18205 أشخاص، نحو 70 في المئة منهم نساء وأطفال.

ووصف مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الإثنين الوضع في غزة بأنه "كارثي ومروع" مع دمار "أكبر" نسبيا مما شهدته ألمانيا إبان الحرب العالمية الثانية.

الأحد وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى مقاتلي حماس تحذيرا جاء فيه "أقول لإرهابيّي حماس: انتهى الأمر. لا تموتوا من أجل السنوار. استسلموا الآن"، في إشارة إلى رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار.

وأضاف "في الأيام القليلة الماضية، استسلم العشرات من إرهابيي حماس لقواتنا".

وردًا على هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، توعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس وهي تشنّ غارات جوية وهجومًا بريًا منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر.

وأتاحت هدنة استمرت أسبوعا نهاية تشرين الثاني/نوفمبر إطلاق سراح 105 رهائن من غزة، بينهم 80 إسرائيليا، في مقابل إطلاق إسرائيل سراح 240 سجينا فلسطينيا. وكان المفرج عنهم من الطرفين من النساء والأطفال.

وحذرت حماس الأحد من أن ما من رهينة سيغادر القطاع "حيا" إذا لم تُلبَ مطالبها عبر مفاوضات وتبادل أسرى.

وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، في رسالة صوتية "لا العدو الفاشي وقيادته المتعجرفة ولا داعموه يستطيعون أخذ أسراهم أحياء دون تبادل وتفاوض ونزول عند شروط المقاومة والقسام".

في جنوب القطاع يحتشد مئات آلاف المدنيين في مساحة ضيقة للغاية قرب الحدود المغلقة مع مصر، وقد اضطر بعضهم للنزوح أكثر من مرة مع اتّساع نطاق المعارك.

في غزة يحوّل القصف أحياء بكاملها أنقاضا ويحاول السكان يائسين الهروب من الاشتباكات إلى الجنوب.

وشردت الحرب 1,9 مليون شخص، أي 85 بالمئة من سكان القطاع، وفق الأمم المتحدة.

وطلب الجيش الإسرائيلي من المدنيين في غزة التوجه إلى "مناطق آمنة" لتجنب المعارك. الا أن سكان القطاع والعديد من المنظمات الدولية يؤكدون عدم وجود مكان آمن في القطاع، إذ إن القصف الإسرائيلي يطال مختلف مناطقه.

وقد تحولت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع عند الحدود مع مصر، إلى مخيم ضخم للنازحين حيث نصبت على عجل مئات الخيام باستخدام أخشاب وأغطية بلاستيكية.

ويفر آلاف من سكان غزة بأي طريقة ممكنة، بسيارات أو شاحنات وأحيانا بواسطة عربات أو سيرًا.

خسرت أم محمد الجبري (56 عامًا) التي تقيم في منزل أخيها في رفح، سبعة من أبنائها في ضربة ليلية على منزلهما.

وقالت لوكالة فرانس برس "كل شيء راح. بقي لي أربعة أولاد وبنات من أبنائي الـ11. جئنا من غزة وهربنا لخان يونس ثم نزحنا إلى رفح. هذه الليلة، قصفوا البيت الذي نحن فيه ودمّروه. قالوا إن رفح ستكون آمنة. لكن العكس هو الصحيح، فرفح فيها قصف ولا مكان آمن".

وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن القصف أوقع عشرة قتلى وعشرات الجرحى.

لا مكان آمن
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني الاثنين "لا مكان آمن فعلًا في قطاع غزة، حتى مباني الأمم المتحدة (...) تعرضت للقصف".

وأضاف "يزيد عدد الأشخاص الذين لم يأكلوا منذ يوم أو اثنين أو ثلاثة (...) الناس يفتقرون إلى كل شيء".

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن عشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إلى رفح منذ الثالث من كانون الأول/ديسمبر "يواجهون ظروفًا كارثية في أماكن مكتظة بالسكان داخل وخارج الملاجئ".

وأضاف "تنتظر حشود لساعات حول مراكز توزيع المساعدات والناس في حاجة ماسة إلى الغذاء والماء والمأوى والرعاية والحماية"، في حين أن "غياب المراحيض يزيد من مخاطر انتشار الأمراض" خصوصًا عندما تسبب الأمطار فيضانات.

حصارٌ مطبق
منذ التاسع من تشرين الأول/أكتوبر تفرض إسرائيل حصارا مطبقا على قطاع غزة.

وتقول الأمم المتحدة إن المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع عبر معبر رفح عند الحدود مع مصر من أغذية وأدوية ووقود لا تزال غير كافية.

في الشمال، نصب آلاف النازحين خيامًا حول مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منطقة الرمال غرب مدينة غزة، هربًا من القصف المتواصل، بحسب مراسل وكالة فرانس برس.

وتتراكم النفايات في هذا المخيم المؤقت. وفي المنطقة المحيطة، دمرت عشرات المنازل والمتاجر، بما في ذلك مباني الجامعة الإسلامية ومباني جامعة الأزهر المجاورة.

ويقول الخيّاط العاطل عن العمل حاليًا رامي الدحدوح (23 عامًا) الذي نزح من حيّ تل الهوى "هربنا يوم السبت ونصبنا خيمة بالأونروا، لا يوجد مياه ولا كهرباء ولا خبز ولا حليب للاطفال ولا حفاضات للأطفال. نعيش نكبة جديدة".

بعد فشل مجلس الأمن الدولي الجمعة في التصويت على "وقف إطلاق نار إنساني" بسبب عرقلة واشنطن مشروع قرار في هذا الاتجاه عبر استخدامها حق النقض (الفيتو)، من المقرر أن تجتمع الجمعية العامة بعد ظهر الثلاثاء لمناقشة الوضع في غزة.

مسودة النص التي اطلعت عليها الأحد وكالة فرانس برس تستعيد بشكل كبير القرار الذي رفض الجمعة.

وضعٌ كارثي
ويشير النص إلى "وضع إنساني كارثي في قطاع غزة" ويدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية" وإلى الإفراج "الفوري وغير المشروط" عن كل الرهائن.

وأغلقت المحال والمدارس والمكاتب الحكومية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية أبوابها الإثنين في إطار إضراب شامل للاحتجاج على القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.

ومع تواصل الحرب في غزة، تستمر المخاوف والتحذيرات من اتساع نطاق النزاع ليشمل جبهات إقليمية أخرى.

في لبنان
في جنوب لبنان، قُتل مختار بلدة الطيبة الإثنين جراء قذيفة إسرائيلية، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية، ليرتفع بذلك عدد القتلى المدنيين منذ بدء التوتر على الحدود على وقع الحرب في غزة إلى 17.

واندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل، أسفر عن 1200 قتيل معظمهم مدنيون قضى غالبيتهم في اليوم الأول، وفق السلطات الإسرائيلية. كذلك اختُطف حوالى 240 شخصا ونقلوا إلى قطاع غزة حيث ما زال 137 منهم محتجزين.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الإثنين أنّ حصيلة القتلى من جنوده ارتفعت إلى 104 فيما أُصيب 582 آخرين.

وتحدثت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس عن "عشرات" القتلى في القطاع لا سيّما في خان يونس ومدينة غزة ومخيم جباليا (شمال) ومخيمَي النصيرات والمغازي (وسط)، فيما لا يزال عشرات الضحايا تحت الأنقاض.

وبعدما أفاد الأحد عن "قتال عنيف" في أحياء بمدينتي غزة وخان يونس، أكد الجيش الإسرائيلي الإثنين إطلاق صواريخ من غزة.

وأعلنت الشرطة الإسرائيلية الإثنين عن سقوط شظايا صواريخ في حولون بضواحي تل أبيب، متحدثة عن "أضرار مادية وإصابة مدني بجروح طفيفة".