في استطلاع فرنسي، يبدو أن للمسلمين وجهة نظر مختلفة تمامًا عن وجهة نظر باقي الفرنسيين بشأن الصراع في غزة

إيلاف من بيروت: أظهر استطلاع أجري في فرنسا في نوفمبر الماضي أن أقلية من المسلمين الفرنسيين تتعاطف مع حركة حماس الإسلامية (19 في المئة، مقابل ثلاثة في المئة في المتوسط بين الفرنسيين)، لكن نسبتهم لا تقل أهمية في صفوف المسلمين الأصغر سنًا (24 في المئة في الفئة العمرية 15-24 عاما) وبين الأكثر تديناً (28 في المئة بين المسلمين الذين يصلون في المسجد مرة واحدة على الأقل في الأسبوع).

وأضاف الاستطلاع أن أغلبية المسلمين الفرنسيين يحكمون سلباً على أعمال حماس في 7 أكتوبر داخل الأراضي الإسرائيلية (55 في المئة)، وهم أكثر من الفرنسيين الذين يرون أنها "أعمال مقاومة ضد الاستعمار"، وهم نحو 45 في المئة.

"تطهير عرقي" مصطلح ملائم
وبحسب نتائج الاستفتاء التي عرضها موقع "أتلانتيكو" الفرنسي، أكبر عدد من المسلمين الذين يرفضون استخدام تعبيري "الإرهابيين" و"أعمال الحرب" لوصف هذه الهجمات هم بين الأصغر سناً (50 في المئة في الفئة العمرية 15-24 سنة)، وبين الذين يصلون في المسجد مرة واحدة على الأقل في الأسبوع (51 في المئة).

وثمة اختلاف آخر مع الفرنسيين في طريقة وصف الأحداث: نحو ثلثي المسلمين (62 في المئة) يعتبرون عبارة "التطهير العرقي" ملائمة لوصف العمليات الإسرائيلية الحالية في الضفة الغربية، في مقابل 38 في المئة من الفرنسيين.

وعن الموقف في الصراع الدائر في غزة، تعتقد الأغلبية العظمى من المسلمين الفرنسيين أن الحكومة الفرنسية تقف إلى جانب إسرائيل (58 في المئة، مقارنة بـ 20 في المئة في المتوسط بين الفرنسيين)، و13 في المئة فقط يعتبرونها محايدة، و17 في المئة يعتبرونها تقف إلى جانب الفلسطينيين. هنا أيضاً، نجد المسلمين الأكثر انتقاداً للجانب المؤيد لإسرائيل في الحكومة الفرنسية في صفوف ناخبي جان لوك ميلينشون (75 في المئة).

بالمثل، ما يقرب من ثلثي المسلمين الفرنسيين (67 في المئة) يعتقدون أن المعالجة الإعلامية للصراع مواتية لإسرائيل، مقارنة بـ 22 في المئة فقط يعتقدون أنها موضوعية، و11 في المئة يرون أنها مؤيدة للفلسطينيين.

دين ودولة
تقول صابرينا مجبور، محللة الاستطلاع، في موقع "أتلانتيكو" الفرنسي، إن الإسلام ليس مجرد دين، بل هو قانون ودليل يحكم حياة المؤمنين، "ولهذا يمثل انجذاباً واصطداماً بالفراغ الأنثروبولوجي لمجتمعاتنا المحرومة من الروح، حيث اختفت علامات البلوغ والسلطة من الدوائر الاجتماعية". وهذا ما يبرر التحول الجماعي للشباب الفرنسي لأن الإسلام هو دين الإخوة، والكاثوليكية دين الأبوة. فالإسلام يمنح الشباب هوية قوية وانتماء يدعو إلى الفخر. علاوة على ذلك، كلمة الله هي العليا".

تضيف: "الشباب المسلم يجرد نفسه من بيئته الحقيقية ليعرف عن نفسه ضمن المعايير الإسلامية. واليوم، بفضل الشبكات الاجتماعية، تحول إيمانهم إلى صراع مناهض للغرب". فما حدث في 7 أكتوبر في إسرائيل أحدث انقساماً بين العالم العربي الإسلامي والغرب، وظهر ذلك في التظاهرات التي شارك فيها أحيانًا مئات الآلاف.

بحسبها، هذا ليس صراع حضارات، إنما هو صراع هوية. تقول: "تم بناء الهوية البديلة على مر الأجيال لدعم السياسات الزبائنية التي ساهمت إلى حد كبير في تصنيف هؤلاء كمسلمين، وليس كمواطنين فرنسيين". والأمر المثير للقلق هو أن السياسيين والناشطين في مجال حقوق المرأة يواصلون دفن رؤوسهم في الرمال.

المصدر: "موقع أتلانتيكو" الفرنسي