أيوديا: قال رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي الإثنين إن تدشين معبد في إيوديا الإثنين يؤذن بـ"حقبة جديدة" للهند، وذلك في مراسم تجسد انتصارا لسياساته الهندوسية القومية وانطلاقة فعلية لحملته الانتخابية.

وقال مودي إن "بكسره أكبال العبودية على البلد أن ينهض ويأخذ العبر من الماضي"، متحدثا أمام المعبد المكرس للإله رام، والمشيّد على موقع أقيم فيه طوال قرون مسجد هدمه متشددون هندوس بدفع من أعضاء في حزب الشعب الهندي (بهاراتيا جاناتا).

وأضاف "هكذا فقط تخلق الدول تاريخا".

تسبب تدمير المسجد بأعمال شغب دينية من الأعنف منذ الاستقلال، أودت ب2000 شخص غالبيتهم مسلمون، وهزّ أسس النظام السياسي العلماني الرسمي للهند المعلن رسميا.

وقال إن "تاريخ 22 كانون الثاني (يناير) 2024 ليس مجرد تاريخ في التقويم بل يؤذن بقدوم حقبة جديدة". وجاءت تصريحاته بعد أداء صلاة على أقدام تمثال من الحجر الأسود في قلب المعبد الكبير المزين بالازهار والمنحوتات والمرصع بالجواهر.

وأضاف "ما نشاهده هو البركات العليا لرام".

خارج المعبد كان عشرات آلاف الأشخاص ينشدون ويرقصون ملوحين بأعلام ويطلقون الأبواق ويضربون الطبول في شوارع بلدة أيوديا الواقعة إلى الشمال، فيما كانت مروحيات عسكرية ترش الأزهار.

وشوهد عدد قليل من مسلمي أيوديا بين جموع المحتفلين في الشارع، فيما غاب قادة المعارضة.

لكن بالنسبة لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، فإن تدشين معبد رام ماندير يمثل لحظة تاريخية في المساعي المتواصلة منذ عقود لجعل القومية الهندوسية راية للقوة السياسية المسيطرة على البلد.

وقبل مراسم التدشين "الميمون" قال مودي إن "الإله جعل مني أداة لتمثيل شعب الهند برمته".

مشاهير ومليارديرات
بلغت الاحتفالات ذروتها مع نزول آلاف الهندوس إلى الشوارع المزدحمة فيما صدحت مكبرات الصوت بالموسيقى الدينية.

وأمضى فيجاي كومار (18 عاما) أربعة أيام للوصول إلى البلدة، سيرا ومستوقفا السيارات المارة مسافة 600 كلم.

وقال "أردنا أن نكون هنا ... نود رؤية المعبد قبل أن نغادر".

ويؤدي نحو 2500 موسيقي عروضا على أكثر من 100 مسرح لجموع الحجاج في محيط المعبد المزخرف الذي قُدرت كلفة بنائه بنحو 240 مليون دولار قال مؤيدو المشروع إنها سُددت من تبرعات عامة.

وعلى طول الطريق الممتد 140 كلم بين البلدة ولوكناو عاصمة ولاية أوتار براديش، لا تبدو نهاية لسيل صور الإله رام ذي البشرة الزرقاء حاملا قوسه ورمحه وصور مودي والرئيس الأول في حكومة الولاية الراهب الهندوسي يوغي أديتيناث بردائه الأصفر الزعفراني.

وقال بريم شاران (35 عاما) المقيم في أيوديا "كل هذا يعود لمودي".

وأضاف "بعض المنتقدين يقولون إن المناسبة تتحول إلى أجواء تشبه الانتخابات، فليكن. أقله إنهم ينفذون وعودهم، والإنسان يحتاج للنفوذ كي يتمكن من القيام بأشياء للشعب".

ووصل آخرون للمشاركة في المراسم عن طريق المطار الدولي الجديد وسيقيمون في عدد من الفنادق التي أقيمت لتلبية متطلبات ملايين الحجاج المرتقبين كل عام.

ومن الضيوف المعروفين كوكبة من المشاهير وأصحاب المليارات، مثل القائد السابق لفريق الكريكت الوطني فيرات كوهلي وقطب بوليوود أميتاب باتشان.

تدمير
سعى مودي وحزبه إلى الترويج للهندوسية وإعلاء مقامها منذ وصوله إلى الحكم قبل 10 سنوات.

وتنتقد شخصيات الحزب بانتظام الفترات السابقة من الحكم الإسلامي على أجزاء من الهند، ويعتبرونها فترة "عبودية" عندما كان دينهم مضطهدا، وكانت أيوديا عنصرا أساسيا في خطابهم.

ورام من أهمّ الآلهة لدى الهندوس وهو ولد بحسب معتقداتهم في أيوديا قبل حوالى 7 آلاف عام في موقع شهد لاحقا تشييد المسجد البابري بمبادرة من إمبراطور مسلم في القرن السادس عشر.

واضطلع حزب بهاراتيا جاناتا الذي لم يكن وقتذاك في سدّة الحكم بدور حاسم في الحملة التي أفضت إلى تدمير المسجد.

وكان تدمير المسجد نذيرا بصعود الحزب ومودي كقوة انتخابية لا يمكن إيقافها، ما أدى إلى إزاحة حزب المؤتمر العلماني الذي حكم الهند دون انقطاع تقريبا منذ الاستقلال عن بريطانيا.

ومن شأن تدشين مودي للمعبد إلى جانب كهنة هندوس أن يعزّز صورته باعتباره حامي العقيدة الهندوسية، قبل الانتخابات التشريعية المزمع انطلاقها في نيسان/أبريل.

ويعدّ حزب بهاراتيا جاناتا الأوفر حظّا بأشواط لتحقيق فوز ثالث متتالٍ، خصوصا بفضل سياسة رئيس الوزراء المحابية للهندوس.

وقرّرت أحزاب المعارضة مقاطعة مراسم التدشين، باعتبارها حدثا يكتسي ملامح حملة انتخابية.

وينظر الهنود المسلمون البالغ عددهم 200 مليون، والذين ما زالت أعمال العنف الدامية ماثلة في أذهانهم بعين الريبة إلى التطوّرات الأخيرة في أيوديا.

وروى محمد شهيد (52 عاما) لوكالة فرانس برس في أيوديا الشهر الماضي كيف أحرق حشد والده حيا.

وأردف "هذا المعبد بنظري لا يمثّل سوى القتل والتدمير".