نبدأ جولتنا في عرض الصحف من مقال في صحيفة الغارديان البريطانية بعنوان "لماذا لا يوجد وقف لإطلاق النار في غزة حتى الآن؟ لأن زعماء العالم الذين يهتمون بمصلحتهم الذاتية يعرقلون ذلك".

يركز المقال على مسار المفاوضات غير المباشرة، التي تستهدف وقف إطلاق النار في غزة تمهيدا للتوصل إلى حل سلمي للأزمة في غزة.

وقال سيمون تيسدول، كاتب المقال، إن الناس في غزة "يصرخون كل يوم من أجل وقف إطلاق النار"، وهم الذين يتعرضون للقتل والإصابات، ولا يزالون يتعرضون لويلات أخرى.

وأشار أيضا إلى أن هناك "ملايين المتظاهرين الذين يشاركون أهل غزة هذه الرغبة القوية في وقف الصراع" هناك، علاوة على الحكومات العربية والأوروبية والولايات المتحدة وروسيا والصين وإيران وغير ذلك من الدول التي تعلن أنها تسعى إلى وقف إطلاق النار.

ويقول: كما أن الحوثيين في اليمن، والميليشيات في سوريا والعراق تتعهد بوقف هجماتها التي تزعزع استقرار المنطقة حال التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في غزة حتى ولو كان "توقفاً عن القتال لأغراض إنسانية".

وتساءل الكاتب عن سبب عدم التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني في غزة رغم رغبة كل هؤلاء في التوصل إلى ذلك وسعيهم نحوه بكافة الأشكال.

وقال تيسدول: "كل يوم تُعاد الكرة؛ إذ يعرب المسؤولون المشاركون في المحادثات غير المباشرة التي تتم بوساطة عربية عن إيجابية مشوبة بالحذر؛ لكن الآمال تتبدد ثم تنتعش مرة أخرى. بالتأكيد ينطوي تكرار ذلك كل يوم على قدر كبير من الألم للفلسطينيين المحاصرين في غزة ولأسر الرهائن، لكن بعد المقترحات المضادة التي قدمتها حماس في نهاية الأسبوع، يتزايد التفاؤل مرة أخرى".

ورأى أن المشكلة الحقيقية التي تواجه التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار، الذي وُصف في الفترة الأخيرة بأنه "صفقة محدودة"، تتمثل في أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، يربط ما يتلهف العالم إلى التوصل إليه من "وقف إطلاق نار إنساني" بإقرار سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط.

وأشار الكاتب إلى أن "الصفقة الكبرى طويلة الأجل التي يسعى بايدن إلى التوصل إليها في نهاية المطاف تتضمن قبول إسرائيل بـ 'أفق سياسي' غامض للفلسطينيين الذين يسعون إلى إقامة دولة مستقلة. مع ذلك، بالنسبة لواشنطن، فإن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية - وليس تقرير المصير الفلسطيني - هو الجائزة الأكبر والأكثر إلحاحاً وإغراءً".

وبرأيه، فإن الموقف الحالي لا يحتاج إلا لوقف إطلاق نار يمتد لعدة أسابيع، ومن ثم يتحول إلى وقف دائم للصراع في غزة، وهذا هو "بالفعل ما يحتاج إليه جو بايدن حتى يحرز انتصارا على صعيد السياسة الخارجية".

كما يقول إن الدعم الأمريكي لإسرائيل "لا يزال محدودا"، في حين ترجح معطيات المشهد الحالي أنه حال وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الحكم في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، فسوف "تحصل إسرائيل على دعم غير مشروط" من الولايات المتحدة.

لكن "الأنانية السياسية" تمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من القبول بوقف إطلاق النار، لأنه قد يؤدي إلى انهيار الائتلاف الحكومي اليميني المتشدد، لأن توقف القتال معناه أن نتنياهو لم يحقق "النصر المطلق" ولم يقضِ تماما على العدو "حركة حماس"، وفقا للكاتب.

كما أشار الكاتب إلى أن "حركة حماس نفسها منقسمة على نفسها"، فهناك قيادات في غزة أُنهكت وتحتاج إلى وقف إطلاق نار في أسرع وقت ممكن، وهو ما يتناقض مع موقف قيادات الحركة في الدوحة الذين يريدون استمرار الضغط من أجل تحرير الآلاف من السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

ورأى أن الإجابة عن السؤال الذي طرح في بداية المقال: "لماذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار؟" تتمثل في زعماء العالم الذين "تقودهم المصالح ويحركهم الخوف ويفتقرون إلى القدرة على التأثير".

"حل الدولتين الغامض"

ننتقل إلى صحيفة جورساليم بوست الإسرائيلية التي نشرت مقالا للكاتب آلان بيكر، انتقد فيه التركيز من قبل المجتمع الدولي على "حل الدولتين".

وقال الكاتب إنه رغم توافر "خيارات أخرى لتسوية النزاع ومنح الفلسطينيين الحق في أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، بما في ذلك الحكم الذاتي، أو تشكيل اتحاد فيدرالي، أو كونفدرالي، أو السيادة المشتركة على الأرض، أو الدولة الداخلية"، يصر المجتمع الدولي على التركيز على "حل الدولتين".

ويرى الكاتب أنه "من الواضح أن قطاع غزة لا يمكن ولن يعود إلى كونه مركزا إرهابيا لحركة حماس المتوحشة بعد انتهاء الصراع الدائر هناك".

كما استبعد بيكر أن تخضع غزة بعد انتهاء الحرب لحكم السلطة الفلسطينية التي وصفها بأنها "ميؤوس منها، وسيئة الحظ وفاسدة وفاشلة وتفتقر إلى الكفاءة".

وانتقدت الصحيفة الإسرائيلية تركيز زعماء العالم، بمن في ذلك الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية الأمريكي، والأمين العام للأمم المتحدة، وقيادات الاتحاد الأوروبي، والزعماء العالميين، والبرلمانيين حول العالم لتركيزهم على "كليشيه حل الدولتين السخيف كما لو كان كلمة السر السحرية التي إذا كررها الجميع أكثر، سوف تنتقل من عالم التمني إلى عالم الواقع".

ورجح بيكر أنه من "الحماقة وعدم الإحساس بالمسؤولية أن نتخيل أن يتمخض الواقع السائد في الشرق الأوسط عن كيان فلسطيني سياسي محب للسلام"، ورأى أن من يتبنون هذه الفرضية "إما أن يكونوا جاهلين بالتاريخ والحقائق التي تحيط برؤية حل الدولتين الغامضة الخيالية، أو أنهم يخدعون أنفسهم".

وأشار إلى بعض الاعتبارات التي تؤيد عدم صلاحية حل الدولتين؛ أولها أن إعلان "خارطة طريق حل الدولتين الدائم" – الذي أعلنه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في 2003 وكرر الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش الحديث عنه في خطاب بعث به إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون في 2004 – لم يتفق عليه طرفا الصراع الفلسطيني والإسرائيلي.

وأضاف أن اتفاقية أوسلو نفسها تركت وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة قضية مطروحة على طاولة المفاوضات، متوقعا أن يؤدي تكرار الدعوة إلى "حل الدولتين" إلى اعتباره حكما مسبقا على النتائج المحتملة لعملية التفاوض ويقلل أهمية الحقائق التي يفرضها واقع المنطقة.

وأشار أيضا إلى أنه من نقاط ضعف "حل الدولتين" ضرورة أن يتم التوصل إلى صفقة بين إسرائيل وقيادة فلسطينية موحدة، تمثل جميع الفلسطينيين، مسؤولة، وفاعلة، لا بين إسرائيل و"تحالف من جماعات إرهابية".

"نتنياهو تفادى التطرق إلى أمرين غاية في الأهمية"

كتب جمال الزحالقة في صحيفة القدس العربي مقالا يحاول من خلاله كشف نوايا رئيس وزراء إسرائيل، مرجحا أنها لا تأخذ في الاعتبار التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة.

وذكر أن نتنياهو قال: "لب سياستنا هو النصر المطلق على حماس. هذا شرط ملزم للحفاظ على أمن إسرائيل. هذه هي الطريق الوحيدة لضمان المزيد من اتفاقيات السلام التاريخية التي تنتظر على الأبواب. النصر المطلق يوجّه ضربة قوية لمحور الشر المكوّن من إيران وحزب الله والحوثيين وبالطبع حماس. وإذا لم يحدث هذا، فإن المجزرة التالية هي مسألة وقت، وإيران وحزب الله سوف يحتفلون بذلك، وسوف يقوّضون الشرق الأوسط".

وتؤكد تلك التصريحات بما لا يدع مجالا للشك، وفقا لكاتب مقال القدس العربي، أن نتنياهو يشترط تحقيق "النصر المطلق" من أجل الجلوس للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، وهو ما يدل على "نوايا ومخططات لها تأثير حاسم على مجريات الحرب وتداعياتها، خاصة أن المتحدّث ما زال على رأس هرم اتخاذ القرار في الدولة الصهيونية. وبعد مراجعة عدد من أشرطة الفيديو، للقاءات نتنياهو مع جنود وضباط في الأسابيع الأخيرة".

وركز الكاتب على أن خطاب نتنياهو تفادى التطرق إلى أمرين غاية في الأهمية بالنسبة للوضع الراهن؛ هما الرهائن الإسرائيليين لدى حماس ووقف إطلاق النار.

ورجح أن الصمت عن قضية الرهائن ووقف إطلاق النار قد يكون محركا سياسيا، إذ أشار إلى أن نتنياهو قد يكون وراء حملة إعلامية ضد إبرام صفقة تبادل جديدة.