شغلت الطفلة الفلسطينية هند رجب العالم كله بنداء الاستغاثة الذي أطلقته، وهي عالقة في سيارة بين جثث عدد من أفراد عائلتها، ولكن لم يتمكن أحد من الوصول إليها، وإنقاذها.
وبعد 12 يوما، عثر الأهل على هند، البالغة من العمر ستة أعوام، وقد فارقت الحياة بين جثث أقاربها الذين قتلوا على الفور داخل السيارة، التي كانت تقلهم، عند دوار المالية بمنطقة تل الهوى جنوب غرب مدينة غزة.
وعثر الهلال الأحمر الفلسطيني أيضا على جثتي مسعفين اثنين، أوفدهما لإنقاذ هند، بعد تلقيه نداء الاستغاثة بالهاتف.
واستقلت الطفلة هند السيارة مع عمها وعمتها، وثلاثة من أبناء عمها، هربا من منطقتهم، بعدما أمر الجيش الإسرائيلي سكان المنطقة الغربية للمدينة، بالخروج منها، والتحرك جنوبا.
ويبدو أن السيارة تعرضت لإطلاق نار بعدما واجهت وهي في طريقها إلى جامعة الأزهر بالمدينة دبابات الجيش الإسرائيلي، فدخلت محطة وقود قريبة للاحتماء من الرصاص ومن الصواريخ.
ويظهر من مكالمة هاتفية بين الطفلة هند والعاملين في الإسعاف أنها كانت الوحيدة على قيد الحياة، داخل السيارة، وبقيت مختبئة من القوات الإسرائيلية، بين جثث أقاربها.
وانتهى الاتصال بينها وبين المسعفين وهي تطلب النجدة، عندما انقطع الخط وسط صوت المزيد من إطلاق النار.
وتمكن المسعفون في الهلال الأحمر الفلسطيني من الوصول إلى المنطقة، التي سبق أن أُغلقت باعتبارها منطقة قتال محتدم.
وعثروا على سيارة من نوع كيا سوداء اللون، التي كانت هند على متنها، حيث وجد المسعفون زجاجها مهشمأ وأثار طلقات الرصاص على جوانبها.
وقال أحد المسعفين إن هند كانت بين ست جثث داخل السيارة، ظهرت على جميعها علامات إطلاق النار والقصف.
وعلى بعد أمتار قليلة، كانت سيارة أخرى محترقة تماما ومحركها على الأرض، هي سيارة الإسعاف التي أوفدت لإنقاذ هند، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.
وأضافت المنظمة الإنسانية أن طاقمها، يوسف الزينو وأحمد المدهون، قتلا عندما قصفت القوات الإسرائيلية سيارة الإسعاف.
واتهم الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، إسرائيل بتعمد استهداف سيارة الإسعاف فور وصولها إلى مكان الحادث، يوم 29 يناير كانون الثاني.
وجاء في البيان أن: "الاحتلال الإسرائيلي استهدف عمدا طاقم الهلال الأحمر، على الرغم من حصوله على الموافقة بوصول سيارة الإسعاف إلى مكان الحادث، لإنقاذ الطفلة هند".
وقال الهلال الأحمرالفلسطيني لبي بي سي إن الأمر استغرق ساعات طويلة للحصول على موافقة الجيش الإسرائيلي، قبل إرسال المسعفين إلى هند.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ، لبي بي سي: "حصلنا على الموافقة. حصلنا على الضوء الأخضر. وعند وصول الطاقم أكدا أنهما يستطيعان رؤية السيارة، التي كانت هند عالقة فيها، وأنهما يستطيعان رؤيتها، وآخر ما سمعناه هو إطلاق نار متواصل".
وبعد نشر المكالمة الهاتفية بين هند والعاملين في الهلال الأحمر الفلسطيني، ارتفعت المطالبات بكشف حقيقة ما وقع لها.
وقبل العثور على جثة هند، قالت أمها لبي بي سي إنها تنتظر ابنتها "في كل لحظة، وفي كل ثانية".
وطالبت الهلال الأحمر بنشر تفاصيل تنسيقه مع الجيش الإسرائيلي.
وطلبت بي بي سي مرتين من الجيش الإسرائيلي تفاصيل عن عملياته بالمنطقة في ذلك اليوم، وعن اختفاء هند وسيارة الإسعاف، التي أرسلت لإنقاذها، فرد بأنه يتحقق من الأمر.
وسألناه مرة أخرى، السبت، عن رده على اتهامات الهلال الأحمر الفلسطيني.
وتنص قواعد الحرب على حماية المسعفين وعدم استهدافهم في النزاعات، وعلى تقديم الرعاية المطلوبة للجرحى، بأقصى قدر متاح وفي أقرب وقت ممكن.
وسبق أن اتهمت إسرائيل حماس باستعمال سيارات الإسعاف لنقل الأسلحة والمقاتلين.
التعليقات