لا تزال دائرة تبعات الحرب في غزة تتسع يوما بعد آخر، حتى باتت تطال المجتمعات اليهودية في أوروبا والغرب؛ إذ نطالع في صحيفة الديلي ميل البريطانية تعليقا بعنوان "الخطاب المسموم الذي يغذّي معاداة السامية".

تشير الصحيفة إلى أن معاداة السامية كـ"النوم الخفيف" - لا يتطلب الاستيقاظ منه جهداً كبيراً، وترى أن الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول "أيقظت خطاب الكراهية القديم".

واتهمت الديلي ميل مَن وصفتهم بالمتعصبين - وبينهم ساسة في مناصب رفيعة - باستخدام تلك الحرب كسِتار من الدخان ينفثون من ورائه كراهية شديدة ضد اليهود البريطانيين.

وقالت الصحيفة إنه "لأمر فظيع أن نشهد - أثناء حياة ناجين من الهولوكوست - صحوة لهجمات معادية للسامية في بريطانيا، مشيرة إلى أن ذلك ما أظهره تقرير صندوق أمن المجتمع، والذي رصد بدوره 4,103 حادثة تم تصنيفها بأنها معادية للسامية في العام الماضي، ليكون بذلك من بين أسوأ الأعوام على هذا الصعيد".

ولفتت الديلي ميل إلى أن حوادث الاعتداءات العنيفة على اليهود في بريطانيا "تضاعفت" مسجلة 266 حادثة، كما تعرّضت معابد يهودية لأعمال تخريب، فضلا عن تشويه جدران مدارس بملصقات تحمل صورة الصليب المعقوف (صليب سويستيكا الذي استخدم على العلم النازي).

رأت الصحيفة أن ثمة أحداثا "مزعجة" وقعت مؤخرا في بريطانيا ربما تشرح بعضا من أسباب تعرّض المجتمع اليهودي في البلاد للـ"ترهيب".

فمثلاً، تم منع ممثل كوميدي من دخول مسرح سوهو لأنه قام على ما يبدو بـ"تحريض" الجمهور على مطاردة اليهود في المكان.

كما تم القبض على أزهر علي، مرشح حزب العمال في الانتخابات الفرعية في روتشديل، وهو "يروج لنظريات المؤامرة" ضد اليهود.

ولم يقم حزب العمال بسحب ترشيح أزهر علي إلا بعد أن تعالتْ مطالبات عامة بذلك، بحسب الديلي ميل التي رأت أن هذا التلكؤ في سحب ترشيح أزهر علي قد هزّ صورة زعيم العمال ستارمر ووصَمه بـ"النفاق"، بحسب الصحيفة.

ويقول الكاتب إن الحزب كما أرسل رسالة مفادها أنه مستعد للتسامح مع معاداة السامية في صفوفه إذا كان ذلك "مفيداً سياسياً".

وأشارت الديلي ميل إلى إخلاء سبيل ثلاثة متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين رغم إدانتهم بارتكاب "أعمال إرهابية"، ومن ذلك عرْض صور تحتفي باستخدام مقاتلي حركة حماس للطيران المظلي، بحسب الصحيفة.

ماذا نعرف عن سلاح المظلات الذي تستخدمه حماس للمرة الأولى؟

كيف تستخدم إسرائيل الذكاء الصناعي في حربها؟

ورأت الديلي ميل أن "غضّ الطرف" عن خطاب الكراهية المعادي للسامية سيكون له تبعات عالمية ملموسة؛ فمن شأن ذلك تأمين غطاء شرعي للكراهية، فضلا عن تغذية سلوكيات مثل السخرية من الآخرين والتخويف والعنف.

وتابعت الصحيفة: "لقد شاهدنا ذلك في أقتم صوَره في ألمانيا النازية، عندما لقي ملايين مصرعهم بينما يقف الناس الطيبون متفرجين – في درس مرعب يعلمنا كيف يمكن للشر أن يزدهر إذا ما مُنح الرخصة".

واختتمت الديلي ميل قائلة: "ويا له من أمر مشين أنْ يحدث ذلك في بريطانيا، معقل الديمقراطية الحرة وسيادة القانون منذ قرون".

الشرطة في بريطانيا تبحث عن رجل "قرأ مقاطع معادية لليهود أمام صبيين"

"تغيّر في المواقف الأمريكية"

من مجلس النواب الأمريكي
Getty Images
مايك جونسون يلقي كلمة عقب انتخابه رئيسا لمجلس النواب الأمريكي

ومن الصحافة الإسرائيلية، نطالع في معاريف مقالا لنائب الكنيست، أوهاد تال، بعنوان "رغم الوضع الراهن المعقد، ثمة فرَص سانحة أمام تغيّر جذري في السياسة العالمية تجاه إسرائيل".

ونوّه النائب أوهاد تال، إلى أنه عاد مؤخراً من زيارة للولايات المتحدة، حيث لمس بنفسه "استعدادا كبيرا من الجانب الأمريكي لتبنّي بدائل سياسية جديدة لم تكن مطروحة على الطاولة قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي".

وتحدث تال عن تغيّر في مواقف أمريكية ظلت ثابتة على مدى الثلاثين عاما الماضية، قائلا "إنهم يتطلعون إلى نسخة جديدة، ولكن للأسف لم يسمعوا عنها بعدُ من القيادة الإسرائيلية".

وأشار الكاتب إلى إدراك بات شائعا بين مسؤولين بارزين في الحكومة الأمريكية إلى الحاجة لانتصار إسرائيل في حربها ضد حركة حماس، فضلا عن إدراك للحاجة إلى "حل جديد أفضلَ وأكثر صوابية من شأنه أن يضمن أمن إسرائيل، وأن يسهم في استقرار المنطقة ويضع نهاية للحرب".

وقال تال إنه أكّد للمسؤولين الأمريكيين أنّ طرح حلّ الدولتين مجددا سيكون بمثابة "مكافأة للإرهاب وسيضرّ بمصلحة إسرائيل، وليس هذا فحسب؛ وإنما سيسهم في زعزعة استقرار المنطقة والعالم، فضلا عن الإضرار بالمصالح الأمريكية".

وأضاف النائب الإسرائيلي بأن "الإسلام الراديكالي إنما يرفع رأسه في بقاع عديدة من العالم لأنه لم يجد عزماً غربيا كافيا".

وتابع أوهاد تال بالقول إنه أوضح للمسؤولين الأمريكيين أن "الطريق الوحيد لإعادة المختطفين الإسرائيليين من قطاع غزة هو زيادة الضغط على حماس، وتوصيل رسالة مفادها أن إسرائيل لن تحني رأسها أمام الإرهاب .. وأنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار قبل أن تعيد حماس كل المختطفين، وأن تستسلم وتلقي بسلاحها أرضا".

ولفت الكاتب إلى أنه "رغم محاولات وسائل الإعلام الدولية وصم 'الحزب الصهيوني الديني' بالتطرف، فإن بابا واحدا من أبواب المؤسسات الحكومية الأمريكية لم يُغلق في وجهي؛ حيث التقيتُ قيادات منظمات يهودية كبرى، كما التقيت عشرات من أعضاء الكونغرس - جمهوريين وديمقراطيين -، فضلا عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي ورئيس مجلس النواب مايك جونسون".

ورأى صاحب المقال أنه "على المدى البعيد، يجب على إسرائيل أن تتبنى استراتيجية تقلل بموجبها الاعتماد على دول أخرى".

"بايدن يجازف بإشعال حرب عالمية ثالثة" - نيويورك بوست

"هو وحده القادر على وقف العدوان الإسرائيلي"

مسلح فلسطيني
Reuters

ونختتم جولتنا مع صحيفة العربي الجديد ومقال للكاتب المغربي، كمال عبد اللطيف، بعنوان "من يوقف حرب إبادة الفلسطينيين؟".

واتهم الكاتب "الولايات المتحدة وكثيرا من دول الغرب الأوروبي" بالإسهام في "أشهَر حرب إبادة" يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ أشهر.

وتساءل عبد اللطيف: "مَن يملك القدرة على وقف جنون القوة" الذي تمارسه إسرائيل متذرعة بآثار يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، و"متدرّعة بخطط هادفة إلى إتمام مشروع صفقة القرن وترسيخ الملامح الجديدة للشرق الأوسط الجديد؟".

ورأى الكاتب أنه "لا تبدو في الأفق المرئي إمكانية مؤكدة لوقف الحرب"، متهماً إسرائيل بـ "التعنّت تجاه مطالب المقاومة الفلسطينية .. أما الحليف الأمريكي فلا يتردد بين حين وآخر في التلويح بإمكانية العودة إلى أحاديث السلام المقرونة بمشروع حلّ الدولتين" في الوقت الذي ترفع فيه إسرائيل شعار "اقتلاع وتهجير مَن تبقوا من الفلسطينيين، بعد تعطيلها بنود اتفاق المبادئ".

وقال عبد اللطيف: "لا نتصوّر أن المظاهرات التي عمّت مدناً غربية وعربية كثيرة .. يمكن أن توقف الحرب اليوم، إنها تُعاين حصولها وتعلن مواقف في التنديد بآثارها، كما تمهّد لبناء رأي عام جديد رافض لها ولمخلفاتها".

وخلص الكاتب إلى القول إن "الشباب الرافع اليوم راية المقاومة والصمود يحمل سمات شباب المقاومة في التاريخ الفلسطيني المعاصر.. وهو وحده القادر على وقف العدوان الإسرائيلي المتواصل، بفضل وحدة الصف المقترنة بوحدة المشروع الوطني الفلسطيني".