دبي: تزامنًا مع تعرّض سفينتين أميركية وبريطانية لهجومين جديدين في منطقة البحر الأحمر خلال أقلّ من 24 ساعة، أطلق الاتحاد الأوروبي رسميًا مهمّةً للمساعدة في حماية الملاحة الدولية في الممر المائي الاستراتيجي.

وأفادت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري الاثنين أن سفينة شحن مملوكة أميركيًا أبلغت عن تعرضها لهجومين منفصلين في غضون ساعتين شرق عدن في جنوب اليمن، وذلك بعد ساعات من استهداف الحوثيين سفينة بريطانية في خليج عدن.

وخلال اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أكد وزير الخارجية الإيطالية أنتونيو تاياني إطلاق المهمّة الأوروبية واصفاً إياها بأنّها "خطوة مهمة باتجاه دفاعٍ أوروبي مشترك".

وكتبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على منصّة "إكس": "أوروبا ستضمن حرية الملاحة في البحر الأحمر، عبر العمل مع شركائنا الدوليين".

ويأتي إطلاق المهمة الأوروبية بعد شهرين من إنشاء واشنطن تحالفًا بحريًا لحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي تمرّ عبرها 12 بالمئة من التجارة العالمية.

ومنذ 19 تشرين الثاني (نوفمبر)، ينفّذ الحوثيون المدعومون من إيران، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر).

في محاولة ردعهم، شنّت القوّات الأميركيّة والبريطانيّة ضربات على مواقع تابعة لهم منذ 12 كانون الثاني (يناير). وينفّذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات يقول إنها تستهدف مواقع أو صواريخ ومسيّرات معدة للإطلاق كان آخرها الأحد.

وإثر الضربات الغربية، بدأ الحوثيون استهداف السفن الأميركية والبريطانية في المنطقة معتبرين أن مصالح البلدين أصبحت "أهدافًا مشروعة".

هجومان على سفينتين
والاثنين، أفادت شركة "أمبري" أن "ناقلة بضائع مملوكة أميركيًا وترفع علم اليونان طلبت مساعدة عسكرية مشيرةً إلى إنها تعرّضت لهجوم صاروخي" شرق عدن. ولاحقًا، أشارت إلى أن السفينة نفسها أبلغت بعد ساعتين عن "سقوط مقذوف في المياه على بُعد 10 إلى 15 مترًا من جانبها الأيمن".

من جانبها، أعلنت وكالة "يو كاي أم تي أو" البريطانية أن "السفينة والطاقم بخير" مشيرةً إلى أنها أُبلغت بوجود "شظايا وأضرار في الطلاء".

لكنّ لم تتبنَّ أي جهة استهداف هذه السفينة حتى الساعة.

وهذا ثاني هجوم على سفينة في منطقة البحر الأحمر في أقلّ من 24 ساعة. فقد أعلن الحوثيون صباحًا في بيان أنهم استهدفوا "سفينةً بريطانيةً في خليجِ عدن +RUBYMAR+ وذلكَ بعددٍ من الصواريخِ البحريةِ المناسبةِ".

وكانت "أمبري" أشارت إلى تعرّض "سفينة شحن ترفع علم بليز، مسجلة في المملكة المتحدة وتشغّلها جهة لبنانية لهجوم" في مضيق باب المندب مشيرةً إلى أن اطلعت على "تقارير تفيد بأن الطاقم غادر السفينة وأنقذته سفينة تجارية أخرى".

من جانبهم، قال الحوثيون "حرصنا خلال العملية على خروج طاقم السفينة بأمان".

وإذ أكد الحوثيون أن السفينة أُصيبت "إصابة بالغة" نتيجة عمليتهم ما أدى إلى "توقفِها بشكلٍ كامل" وهي "معرضة الآن للغرق"، لفتت "أمبري" إلى أن "في الأيام التي سبقت الحادثة، بين 16 و18 شباط (فبراير)، كانت السفينة تنحرف بنمط يتطابق مع فشل في المحرك". وقالت "لم يتّضح حتى وقت كتابة هذا التقرير سبب توقف السفينة".

وفي البيان نفسه، أعلن المتمرّدون اليمنيون أنهم أسقطوا مسيّرة أميركية في الحُديدة بغرب اليمن، "أثناءَ قيامِها بمهامَ عدائيةٍ ضدَّ بلدِنا لصالحِ الكيانِ الصهيوني". إلا أنّ واشنطن لم تؤكد الأمر حتى الساعة.

"أثر اقتصادي على العالم بأسره"
وقبل إطلاق المهمّة الأوروبية بشكل رسمي الاثنين، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي الجمعة إنّ التكتل يسعى إلى تفعيل هذه المهمّة التي أُطلق عليها اسم "أسبيدس" التي تعني "درع" باليونانية، وتشغيلها خلال "أسابيع قليلة" بأربع سفن على الأقل.

وحتى الآن، أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا نيّتها المشاركة بالسفن.

وقال الاتحاد إنّ المهمّة محددة لمدّة عام قابلة للتجديد، وتقتصر على حماية السفن المدنية في البحر الأحمر، ولن يتمّ تنفيذ أيّ هجمات "على الأراضي اليمنية".

وجاء الاتفاق على إطلاق المهمّة في البحر الأحمر بعد مشاورات استمرت أسابيع بين دول الاتحاد، في ظل تصاعد المخاوف من إمكان تسبب هجمات الحوثيين بالإضرار باقتصاداتها ورفع معدلات التضخم.

وتعجز الدول الأوروبي عن اتخاذ موقف موحّد من الحرب في غزة. وقد دعت دول مثل إسبانيا وإيرلندا، إسرائيل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو مطلب رفضت دول أخرى داعمة بشدّة للدولة العبرية على غرار ألمانيا تأييده.

وفي هذا السياق، اعتبر وزير الدولة القطري لشؤون الطاقة سعد بن شريده الكعبي الاثنين، أن إعلان وقف إطلاق نار في غزة سيؤدي إلى إنهاء هجمات الحوثيين.

وقال الوزير الذي يشغل أيضًا منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة "قطر للطاقة" الحكومية العملاقة، إن "أساس المشكلة" في منطقة البحر الأحمر "هو الغزو الإسرائيلي لغزة"، مضيفًا "نأمل أن يُعلَن وقف لإطلاق النار قريبًا لوضع حدّ (للهجمات)، و للأثر الاقتصادي (الذي يترتب عنها) على العالم بأسره".

لتجنّب المرور في البحر الأحمر، قررت شركات كثيرة بينها "قطر للطاقة"، تحويل مسار شحناتها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب أفريقيا، ما يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا أقله لمدة أسبوع.

وأوضح الكعبي "قد لا يكون الأمر محسوسًا على المدى القصير، لكن إذا استمرّ على المدى الطويل، فسيعيق الحركة فعليًا".