لندن: بالنطر إلى قائمة زعماء آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية الذين تقدموا بالتهنئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد اعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، وبالنظر كذلك لمن وصفوا ما حدث بأنه "عمق القمع"، يمكن القول إن قراءة ما يحدث ما بين التهنئة والرفض، هو خريطة تحالفات عالمية جديدة، وفقاً لتقرير صحيفة "التلغراف" اللندنية.
في حين تمت إدانة نتائج الانتخابات الروسية في الغرب، فإن ردود الفعل في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تظهر ديناميكية عالمية جديدة آخذة في الظهور، فقد اصطفت الحكومات الغربية لوصف الفوز بأنه غير عادل وغير ديمقراطي.
وسلطت الانتخابات الضوء على "عمق القمع" في روسيا، وفقا لوزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، في حين قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن سجن المعارضين وتجريدهم من أهليتهم يعني أن العملية "غير ديمقراطية".
لكن تعليقات الزعماء في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة تتناقض بشكل حاد مع رسائل التهنئة التي تدفقت من آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية.
وتسلط ردود الفعل المتناقضة هذه الضوء على خطوط التصدعات الجيوسياسية التي ظهرت على نطاق أوسع منذ شنت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا قبل عامين، الأمر الذي أدى إلى أزمة في العلاقات مع الغرب.
بوتين هو "اليقين" بالنسبة للصين
سارع الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى تهنئة بوتين على فوزه، قائلا إن بكين ستواصل تعزيز الشراكة "بلا حدود" التي أقامتها مع موسكو قبل غزو روسيا لأوكرانيا.
إن الأسئلة المتعلقة بالعملية الديمقراطية غائبة تماماً عن تغطية الانتخابات في وسائل الإعلام الحكومية الصينية، والتي يوصف فيها فوز بوتين بأنه جلب "اليقين إلى عالم مضطرب".
وفي مواجهة العلاقات المتوترة على نحو متزايد مع الولايات المتحدة، سعت الصين إلى توسيع نفوذها على المستوى الدولي. وبدافع من الاعتقاد بأن عصر الهيمنة الأمريكية قد وصل إلى نهايته، حاولت بكين تأمين مجال نفوذها الخاص الذي يتناقض مع الغرب، وقد أثبتت روسيا في عهد بوتين أنها شريك للصين.
بوتين يغازل بكين
وبعد إعلان النصر يوم الاثنين، استخدم بوتين خطابًا أمام أنصاره ليعلن مرة أخرى أن "تايوان جزء لا يتجزأ من جمهورية الصين الشعبية"، في تعليقات من المرجح أنها كانت موجهة إلى الحكومة في بكين التي تدعي أن تايوان مقاطعة تابعة للصين.
الصين وروسيا عضوان في مجموعة البريكس للاقتصادات الناشئة، والتي تهدف إلى تحدي الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي من خلال توحيد الاقتصادات الناشئة بما في ذلك البرازيل وجنوب إفريقيا والهند.
الهند وبوتين.. علاقة خاصة
وبعد أن بدأت روسيا حربها ضد أوكرانيا، صوتت 141 دولة لصالح قرار للأمم المتحدة يدين الغزو. ومع ذلك، وفقا لوحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU)، فإن هذا الرقم الرئيسي يخفي حقيقة مفادها أن ثلثي سكان العالم يعيشون في بلدان محايدة أو ذات ميول روسية.
ووجد تحليل وحدة الاستخبارات الاقتصادية أن دولاً بما في ذلك البرازيل والمملكة العربية السعودية وجنوب إفريقيا - والأهم من ذلك الهند - بذلت قصارى جهدها لتجنب الانحياز إلى أحد الجانبين في الصراع.
بدوره ردد رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، كلمات شي، قائلا إنه يتطلع إلى تعزيز "الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة" بين نيودلهي وموسكو.
منذ أن بدأت حرب روسيا ضد أوكرانيا في شباط (فبراير) 2022، سار مودي على حبل دبلوماسي مشدود جعله يرفض اتخاذ موقف قوي ضد الغزو.
في السنوات الأخيرة ولأنها خامس أكبر اقتصاد عالمياً والأسرع نمواً، فقد بسط زعما العالم السجادة الحمراء لمودي، على الرغم من إشراف حكومته على فترة من التراجع الديمقراطي والاستبداد المتزايد.
وبرزت الهند باعتبارها أكبر مشتري منفرد للنفط الروسي. وقد استفادت مصافي التكرير الهندية من الانخفاض الكبير في الأسعار، بعد أن حظرت أوروبا واردات النفط الروسية. ومن خلال تدخلها لملء الفراغ الذي تركه المشترون في الغرب، ساعدت الهند في تخفيف وطأة العقوبات الغربية على موسكو.
اللاتينيون: لقد انتصر "الأخ الأكبر".
وقد احتفل زعماء أمريكا اللاتينية بفوز بوتين، وبالطبع هم على خلاف تاريخي مع الولايات المتحدة. ويقول الخبراء إن عزلة روسيا عن الغرب لم تؤدي إلا إلى جعلها أقرب إلى دول مثل كوبا وفنزويلا، وغيرهما.
رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو علق على نتائج تصويت يوم الأحد بالقول: "لقد انتصر شقيقنا الأكبر فلاديمير بوتين، وهو ما يبشر بالخير للعالم".
ووصف الرئيس الكوبي ميغيل دياز النتيجة بأنها "مؤشر موثوق به على أن الشعب الروسي يدعم إدارة بوتين لقيادة روسيا".
التعليقات