تباينت ردود أفعال الإيرانيين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بين الحزن والاحتفال في أعقاب مصرع رئيس البلاد ووزير الخارجية إثر حادث تحطم مروحيتهما الأحد.

وأشاد كثيرون عبر تعليقات بجهود الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي على صفحته على إنستغرام، وقال أحدهم: "فخورون بك جميعاً"، بينما أشاد آخر بـ "الرجل العظيم الذي مات في خدمة شعبه".

شارك بعض الممثلين والرياضيين الإيرانيين المعروفين، مثل لاعب كرة القدم كمال كاميابينيا، الذي نشر صورة رئيسي مع تعليق حمل تعزية إسلامية لمتابعيه البالغ عددهم 2.4 مليون على صفحته الخاصة على إنستغرام.

وتجمّع موالون للنظام الإسلامي في طهران لأداء الصلاة والدعوات لرئيسي بعد انتشار أنباء الحادث، وحضرت حشود مراسم يوم الأثنين.

ولكن يبدو أنه لم تكن هناك موجة عارمة وعفوية من الحزن على فقدان الرئيس في الشوارع.

وعلى الرغم من ذلك، كانت هناك الكثير من المنشورات التي تشارك التعليقات الساخرة والاحتفالية، فعلى موقع X، نشر بعض الأشخاص صوراً ومقاطع فيديو لألعاب نارية يتم إطلاقها في احتفال واضح.

وحتى في التعليقات على صفحة الرئيس الراحل على إنستغرام، وصف أحد الأشخاص الحادث بأنه "خبر جيد"، بينما قال آخر إنه يأمل "ألا تتضرر الأشجار" عندما سقطت المروحية، ويبدو أن بعض المنشورات الناقدة على صفحة رئيسي قد تم حذفها لاحقا.

ومع ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي لا تعطي صورة كاملة عن آراء السكان في إيران، حيث ينشط معارضون للحكومة، وغالباً ما يكونوا من الشباب.

معظم منصات التواصل الاجتماعي الكبرى مثل X وInstagram محظورة رسمياً في إيران، على الرغم من أن بعض الشخصيات الحكومية لديها حسابات هناك، ويصل العديد من الأشخاص إلى المنصات باستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، ما يعني أنه ليس من الممكن عادة معرفة ما إذا كان الإيرانيون ينشرون من داخل البلاد أم من خارجها.

وتطرفت بعض التعليقات إلى دور رئيسي فيما أصبح يعرف باسم "لجنة الموت"، التي تزامنت في الثمانينيات مع وجوده بمنصب نائب المدعي العام في طهران.

وكانت اللجنة المكونة من أربعة أشخاص مسؤولة عن إعدام آلاف السجناء المسجونين بسبب أنشطتهم السياسية، وذلك بعد فتوى أصدرها آية الله الخميني، الذي كان المرشد الأعلى لإيران في ذلك الوقت.

كما أعاد بعض المستخدمين نشر مقطع فيديو لرئيسي وهو يتلو بيتا من شعر الشاعر الإيراني الشهير حافظ، خلال لقاء عقد مؤخراً مع الرئيس التركي.

وقال: “كونوا سعداء، لأن الظالم لن يعود إلى وطنه أبداً"، في إشارة إلى إسرائيل وصراعها مع الفلسطينيين.

ونشر آخرون تعليقات انتقادية مستذكرين الأشخاص الـ 167 الذين فقدوا أرواحهم على متن رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية PS752، التي أسقطها الحرس الثوري الإيراني في يناير/كانون الثاني 2020.

وقالت القوة الجوية التابعة للحرس الثوري إن وحدة دفاع جوي أخطأت في اعتبار الطائرة صاروخا أمريكيا، وتم سجن عشرة أشخاص بناء على تلك الحادثة، لكن عائلات الضحايا تقول إنهم كانوا "ضباطاً من رتب منخفضة" ولم تتم محاسبة "الجناة الرئيسيين".

وكتب الإيراني حامد إسماعيل، الذي فقد زوجته وابنته على متن الطائرة ويعيش في كندا، على موقع X، أن رئيسي "يستحق أن يحاكم في محكمة عادلة لارتكابه جرائم ضد الإنسانية".

ويشير إسماعيل، الذي أصبح الآن ناشطاً، إلى عمليات الإعدام التي جرت في الثمانينيات، وحقيقة أن رئيسي كان عضواً في المجلس الأعلى للأمن القومي عندما أسقطت الطائرة الأوكرانية، وكذلك رد فعل السلطات على موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2019.

وقال إسماعيل: "لقد انتزعت فرصة تحقيق العدالة من الضحايا، لكن اسمه سيظل مرتبطاً بالظلام والإجرام في التاريخ".

الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي
EPA

وأشار المعلقون أيضاً إلى موجة الاحتجاجات غير المسبوقة التي اندلعت عام 2022 بعد وفاة مهسا أميني، أي بعد عام من تولي رئيسي منصب الرئيس.

توفيت الفتاة البالغة من العمر 22 عاماً في قسم شرطة في عام 2022 بعد اعتقالها بزعم انتهاكها القواعد التي تلزم النساء بارتداء الحجاب.

وأعيد نشر مقاطع فيديو لوزير الخارجية أمير عبد اللهيان، الذي توفي أيضاً في حادث تحطم المروحية، منها؛ رده على أحد المراسلين حيث قال: "لم يقتل أحد في الاحتجاجات".

وتقول جماعات حقوق الإنسان إن أكثر من 500 شخص قتلوا في قمع المتظاهرين.

كما تم نشر رسم لأميني، إلى جانب آخرين ماتوا في الاحتجاجات في السنوات الأخيرة، ضمن خانة التعليقات على صفحة رئيسي على إنستغرام.

بالنسبة للبعض، أفسحت التعليقات السياسية المجال للسخرية.

كما انتشر رسم ساخر يظهر وجه رئيسي في صورة ترويجية للمسلسل التلفزيوني Lost، والذي تدور أحداثه في أعقاب حادث تحطم طائرة.