إيلاف من مراكش: يشهد التوتر بين حزب الله وإسرائيل تصاعدًا خطيرًا، مع تبادل القصف والهجمات بين الطرفين، وسط مخاوف من تفاقم الصراع. في ظل هذه الأجواء، اعتبرت حماس الحديث عن قرب التوصل لاتفاق وقف النار "وهم".

فبعد غارة إسرائيلية استهدفت ليل الجمعة-السبت مبنى في منطقة النبطية جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، بينهم امرأة وطفلاها في منطقة وادي الكفور، وإصابة آخرين، رد حزب الله اليوم بإطلاق نحو 50 صاروخًا باتجاه بلدات غير مفرغة من السكان في الجليل الأعلى، وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية يوم السبت.
كما أفادت التقارير بأن السلطات الإسرائيلية أصدرت توجيهات لسكان الجليل الأعلى بالبقاء قرب الملاجئ.
وأضافت التقارير أن صواريخ اعترضت في منطقة صفد بعد تفعيل الإنذارات، مع التأكيد على استمرار القصف الصاروخي من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل.

رجال الإطفاء والشرطة في موقع حريق غابات ناتج عن هجوم صاروخي من لبنان، شمال إسرائيل، 17 أغسطس 2024.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية اليوم السبت مقتل عدة أشخاص في النبطية، بينما أصيب خمسة آخرون بجروح، بينهم اثنان حالتهما حرجة، وسط توتر غير مسبوق في المنطقة واستمرار الهجمات المتبادلة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بين حزب الله وإسرائيل منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وأشار شهود عيان في المنطقة إلى أن الغارة الإسرائيلية استهدفت مؤسسة تجارية، نافين وجود أي عناصر من حزب الله في الموقع المستهدف.

توعد برد حتمي
وتتبادل ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران إطلاق النار مع إسرائيل عبر الحدود بشكل شبه يومي منذ بدء الحرب في قطاع غزة يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، دعمًا لغزة ومساندة لحركة حماس، وفقًا لتصريحات مسؤولين في الحزب.

رجال يتفقدون منطقة صناعية دمرتها غارة جوية إسرائيلية في وادي الكفور، محافظة النبطية، جنوب لبنان، يوم السبت 17 أغسطس 2024.

لكن التوتر تصاعد مؤخرًا بعد مقتل القائد العسكري البارز في حزب الله، فؤاد شكر، في غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت. تلا ذلك مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران في ضربة نُسبت إلى إسرائيل، مما دفع حزب الله وإيران إلى التوعد برد حتمي.

وأدى التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية إلى مقتل 579 شخصًا على الأقل في لبنان، غالبيتهم من مقاتلي حزب الله، إضافة إلى ما لا يقل عن 121 مدنيًا، وفقًا لـ"فرانس برس".

غارة إسرائيلية على الزوايدة
وفي وسط قطاع غزة، قُتل ما لا يقل عن سبعة عشر شخصاً وأُصيب العشرات في غارة إسرائيلية على بلدة الزوايدة. بينما أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة، مشيراً إلى إطلاق حماس صواريخ في "مكان قريب".
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة إن القتلى بينهم تسعة أطفال وثلاث نساء من نفس العائلة. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه على علم بالتقارير ويتحرى عنها.
وقال مسؤولون في وزارة الصحة في القطاع إن أغلب القتلى من نفس العائلة، ومن بينهم ثمانية أطفال وأربع نساء.
وقال أبو أحمد حسن، أحد سكان المنطقة: "كانوا نائمين في أسرتهم، أطفال ورضع، ثم استهدفت ثلاثة صواريخ منزلهم". وأضاف أن صاحب المنزل تاجر معروف. "لا توجد أنشطة عسكرية هنا على الإطلاق".

أدرعي يوجه بإخلاء المغازي
ونشر أفيخاي أدرعي، المتحدث العسكري الإسرائيلي باللغة العربية، تعليمات على حسابه على منصة إكس يوم السبت لسكان أجزاء من وسط غزة، بما في ذلك منطقة المغازي القريبة من الزوايدة، للإخلاء إلى "منطقة إنسانية" محددة.

وقال إن "المسلحين كانوا يطلقون الصواريخ من تلك المواقع وأن الجيش يستعد للتحرك ضدهم".

#عاجل ‼️ الي كل المتواجدين في بلوكات 2232, 2340, 2343, 2245, 2244 ,2243, 2242, 2241, 2240 في منطقة المغازي وحارات صلاح الدين، الفاروق والأمل

⭕️على خلفية اطلاق قذائف صاروخية بشكل متواصل من قبل حماس والمنظمات الإرهابية من منطقتكم، سيعمل جيش الدفاع ضد تلك العناصر الإرهابية بقوة… pic.twitter.com/M2YXukWupr

— افيخاي ادرعي (@AvichayAdraee) August 17, 2024


وقف إطلاق النار "ادعاءات خادعة"
وتكثّفت الجهود لمحاولة تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مع توجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة. وقال الرئيس الاميركي جو بايدن إن الاتفاق "أصبح أقرب من أي وقت مضى"، بعد انتهاء المحادثات في الدوحة. لكن مسؤولا في حركة حماس رفض هذا واصفاً ذلك بـ "الوهم".
وقال مسؤول حماس سامي أبو زهري إن التقارير عن قرب التوصل إلى اتفاق كانت "ادعاءات خادعة"، وذلك بعد أن قدمت واشنطن مقترحًا جديدًا لهدنة بين إسرائيل وحركة حماس.
وأضاف أبو زهري في بيان إن "الحديث عن قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هو وهم"، مؤكدًا أن "الاحتلال يواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق... لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أميركية".

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في تقريرها اليومي لعدد القتلى والجرحى جراء الحرب في يومها الـ316، "ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 40,074 شهيداً و92,537 إصابة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي".

وأضافت الصحة الفلسطينية إن الجيش الاسرائيلي "ارتكب 5 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة خلال 48 ساعة ماضية وصل منها للمستشفيات 69 شهيدا و136 إصابة".

ولا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وعلى حافة الطرق لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

وخسرت إسرائيل 330 جندياً في غزة، وتقول إن "ثلث القتلى الفلسطينيين على الأقل من المسلحين".

واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عندما شنت حركة حماس هجوماً على إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 1,200 شخص، واحتجاز حوالي 250 رهينة، وفقاً للبيانات الإسرائيلية.

وفد إسرائيلي في القاهرة يصل السبت
إلى ذلك، أفاد مصدر مصري مطلع على مسار التفاوض بين مصر وإسرائيل بخصوص الحدود بين مصر وقطاع غزة لـ"بي بي سي"، بأنه من المنتظر أن يصل وفد أمني إسرائيلي إلى القاهرة السبت لبحث الترتيبات الأمنية الخاصة بمعبر رفح وممر فلاديلفي، في إطار الجهود الجارية للتوصل الى صفقة تبادل للرهائن والأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.

وتحدثت تقارير إعلامية سابقة منسوبة إلى وسائل إعلام عبرية وعربية أن وفدًا فنيًا إسرائيليًا من المقرر أن يسافر إلى العاصمة المصرية القاهرة مساء اليوم لبحث تفاصيل ترتيبات الحدود المصرية مع قطاع غزة، ولك قبيل وصول مسؤولين أمريكيين وقطريين للقاهرة نهاية الأسبوع لوضع اللمسات النهائية على اتفاق مرتقب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، في إطار صفقة تشمل تبادل الرهائن والأسرى بين الجانبين.

وسيطرت إسرائيل على معبر رفح من جانبه الفلسطيني وعلى ممر فلاديلفي بطول الحدود بين مصر وقطاع غزة في أيار (مايو) الماضي، ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو منذ ذلك الحين سحب القوات الإسرائيلية من هذه المنطقة، حتى لو تم التوصل إلى صفقة تبادل.

غير أن صحيفة "تايمز اوف إسرائيل" نقلت عن مصدرين إسرائيليين مطلعين الأسبوع الماضي قولهما انه تم التوصل بالفعل إلى تفاهمات بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة بخصوص ترتيبات المعبر والممر خلال المباحثات بين الأطراف الثلاثة في الأسابيع القليلة الماضية.

وبحسب مخرجات جولة التفاوض الأخيرة في الدوحة، من المقرر أن يجتمع خبراء أو وفود فنية من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر في القاهرة غدا (الأحد) لمحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن الترتيبات الأمنية على طول ممر فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر وإعادة فتح معبر رفح.

ومن المتوقع أن تعقد قمة مفاوضات أخرى في القاهرة يوم الأربعاء المقبل بهدف صياغة الاتفاق النهائي.