إيلاف من الرباط: توفي، مساء الاثنين، بالعاصمة السنغالية دكار، الدكتور أحمد مختار مبو ، المدير العام الأسبق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، وأحد كبار المثقفين الذين أنجبتهم السنغال والقارة الإفريقية خلال القرن الماضي، وذلك عن عمر يناهز 103 أعوام .
وشغل الراحل عدة مناصب رفيعة بالسنغال منذ 1957، قبل أن يتم انتخابه بالمجلس التنفيذي لليونسكو عام 1966، ويعين مساعدا للمدير العام للمنظمة للتربية عام 1970، ويشغل منصب المدير العام لليونسكو عام 1974، ويعاد انتخابه لولاية ثانية عام 1980، واستمر في منصبه حتى عام 1987.كما كان عضوا في أكاديمية المملكة المغربية.
أحمد مختار مبو
ونعى ماكي صال، الرئيس السنغالي السابق، الثلاثاء، مبو ، في سياق تفاعله مع وفاته ، إن الراحل عاش حياة كاملة ومفيدة، وأنه كرّس حياته لخير البشرية، فكان كريمًا ومفيدًا، متشبعًا بقيم الأمة.
وشدد ماكي صال على أن مساهمة الدكتور مبو في تطوير التعليم والعلوم والثقافة في جميع أنحاء العالم كبيرة، وأن قيادته ومبادراته التي أطلقها طبعت أجيالاً، وستستمر في التأثير على السياسة العامة، مما يشهد على رؤيته طويلة الأمد لعالم أكثر شمولاً واستنارة.
وحرص ماكي صال، في تغريدة نشرها على حسابه بموقع (X)،على تقديم خالص التعازي لأسرته ولطلاب وموظفي الجامعة التي تحمل اسمه، ولشعب السنغال.
ونعت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) "المربي الفاضل"، و"أحد كبار المثقفين الذين أنجبتهم السنغال والقارة الإفريقية خلال القرن الماضي".
وأعرب الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، عن خالص التعازي وأصدق المواساة إلى عائلة الفقيد الكبير وتلاميذه وإلى جمهورية السنغال قيادة وحكومة وشعبا.
ونوه المالك ب" الدور الكبير للفقيد في النضال لنيل وطنه الاستقلال، وتوليه العديد من المناصب التي خدم فيها بلاده، وتمثيله القارة الإفريقية في إدارة منظمة اليونيسكو مدة 13 عاما، انفتحت فيها اليونيسكو على إفريقيا، وجرى تسجيل عدد من المدن الإفريقية على قوائم التراث الإنساني العالمي".
ولد مبو في دكار سنة 1921. درَس الجغرافيا في جامعة السوربون في باريس، قبل أن يعود إلى بلده، حيث عمل في تدريس التاريخ والجغرافيا، ثم تسلم إدارة التعليم الأساسي ما بين 1952 و1957. وبعد أن شغل منصب وزير التربية والثقافة خلال فترة الحكم الذاتي الداخلي (1957 - 1958)، استقال لينخرط في النضال من أجل استقلال بلاده. وبعد الحصول على الاستقلال، أصبح وزيراً للتربية (1966-1968)، ثم وزيراً للثقافة والشباب (1968 - 1970)، ونائباً في الجمعية الوطنية. ثم انتُخب عضواً في المجلس التنفيذي لليونيسكو في عام 1966، وعُيّن مساعداً للمدير العام للتربية في عام 1970. ثم شغل منصب المدير العام لليونسكو في عام 1974، وأعيد انتخابه لولاية ثانية في عام 1980، واستمر في المنصب حتى عام 1987.
وشهدت فترة تولي مبو منصب مدير عام منظمة اليونيسكو نشاطا ثقافيا وفكريا واسعا.وكان له إسهام فكري وثقافي ملحوظ في مجالات عمل المنظمة وطرح مشاريع ثقافية مهمة في مجالات الثقافة والاعلام. كما حرص على أن يحقق أهدافها الكبرى، المتمثلة في التعاون الثقافي والفكري الدولي. وكان يرى أن على المدير العام للمنظمة الالتزام بمسؤولياته الفكرية والثقافية التزاما كاملا وفقا لنصوص لوائحها ، وأن مهمته تكمن في أن تجد كل ثقافات العالم فضاء في هذه المنظمة، وأن كل الثقافات متساوية في الكرامة، وبالتالي لا بد أن يعكس ذلك في برامجها وتوجهاتها، استجابة لتطلعات شعوب العالم الثقافية والفكرية.
وراكم الراحل سيرة لامعة، حتى وصف بـ"رجل الثقافة والحكمة والإنسانية"، كما عرف كرجل تربية وتعليم. وقد سبق له أن درَّس في إعدادية روصو بموريتانيا، ما بين 1951 و1953، قبل أن يعود للسنغال. ويقال إنه كان من تلاميذه الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع، ورئيس الوزراء الموريتاني الأسبق الراحل أحمد ولد بوسيف. وهناك من يقول إن الرئيس الموريتاني الأسبق محمد خونا ولد هيدالة كان أيضا من تلاميذه؛ فيما سانده الرئيس الموريتاني الأسبق مختار ولد داداه، بل وقدم ترشيحه لليونسكو. وبعد الاطاحة به بواسطة انقلاب عسكري سنة 1978 ، بدأ مبو مساعيه المتواصلة من أجل إطلاق سراحه.
ودشنت السنغال، في 2022، جامعة جديدة تحمل اسم "أمادو مختار مبو "، وذلك تخليدًا للجهود التي بذلها الدكتور مبو في مجالات التعليم والثقافة.
التعليقات