تتناول جولتنا الصحفية لهذا اليوم التصعيد المتبادل بين إيران وإسرائيل، عقب اغتيال الأخيرة لزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله أحد أبرز حلفاء طهران في المنطقة، إلى جانب إمكانية "تراجع إسرائيل في معركتها في جنوب لبنان"، وأخيرا تأثير الحرب في غزة على قطاع البناء والإسكان في إسرائيل.

نبدأ من صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، ومقال بعنوان "إيران وإسرائيل في قبضة دائرة الانتقام" كتبه لورانس فريدمان.

يستهل الكاتب مقاله بالحديث عن مرور عام على اندلاع حرب غزة بين إسرائيل وحركة حماس، وما تبعها من تطورات ومواجهة بين حزب الله وإسرائيل على طول الحدود، ثم تحول تركيز إسرائيل مؤخرا على حزب الله في لبنان واغتيالها زعيمه حسن نصرالله.

ويقول: "كل هذا وضع إيران في مأزق، حيث وجهت إسرائيل ضربات ضد وكلائها بينما بقيت هي صامتة. في أبريل/نيسان الماضي، ردت طهران على مقتل العديد من كبار القادة العسكريين في هجوم على مجمع سفارتها في دمشق، بإرسال أعداد كبيرة من الطائرات بدون طيار والصواريخ نحو إسرائيل. لكن معظمها إما فشل في الوصول إلى أهدافه أو تم إسقاطه. وحتى بعد المزيد من الاستفزازات، بما في ذلك اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية أثناء وجوده في طهران، لم تفعل شيئا".

وأضاف: "إن حزب الله يُفترض أنه جزء من التهديد الرادع الذي تشكله إيران، ولكن إسرائيل نجحت في تفكيكه بشكل منهجي. ولقد أدى اغتيال نصر الله إلى تفاقم هذه القضية. ولقد سعى الرئيس (الإيراني) المنتخب حديثاً مسعود بزشكيان، الذي يدرك الحالة المزرية التي وصل إليها الاقتصاد الإيراني والسخط الشعبي واسع النطاق، إلى مواصلة ضبط النفس. ولكنه خاضع للزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي تدعمه قوات الحرس الثوري الإسلامي القوية. ولقد كان المزيد من ضبط النفس بالنسبة لهم مهيناً".

"وهكذا انطلق نحو 180 صاروخاً باليستياً في ليلة الثلاثاء نحو أهداف في إسرائيل. وقد تمكنت الدفاعات الجوية من اعتراض معظمها، وإن كان بعضها قد نجح في اختراقها، بما في ذلك المطارات. وبعد الضربة أشارت إيران إلى أنها لا تريد المزيد من التصعيد".

وتابع: "في إسرائيل، سرعان ما كثر الحديث عن الفرصة التي يخلقها هذا لشن هجوم انتقامي حاسم، قد يكمل عملية تفكيك المحور الإيراني بالكامل من خلال مهاجمة إيران نفسها. وقد أدى هذا إلى تكهنات حول الأهداف المحتملة. إذا اختارت إسرائيل المنشآت العسكرية، فستواجه إيران نفس المعضلة كما كانت من قبل- الرد بالصواريخ أو تلقي الضربة".

"ولكن هل تستطيع إسرائيل أن تشن هجوما على إيران؟ لقد حث الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل على تجنب المنشآت النووية، لكنه أقر بأنها قد تهاجم منشآت النفط. وإذا فعلت ذلك، فقد تعهد خامنئي بأن الضربات الإيرانية القادمة قد تستهدف البنية التحتية للطاقة في إسرائيل، كما قد تولد أزمة نفطية دولية بإغلاق مضيق هرمز".

"كما أن إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بالتخطيط لتغيير النظام في طهران. وإذا حدث هذا فسوف يكون بسبب تصرفات الإيرانيين العاديين. وبينما تمكنت إسرائيل من إظهار تفوقها العسكري، وأضعفت خصومها الإقليميين بشدة، فإن إيران لا تزال تمتلك مخزونا كبيرا من الصواريخ الباليستية. ولا تمتلك إسرائيل (مخزونا لا نهائيا) من صواريخ الدفاع الجوي، وخاصة صواريخ Arrow (آرو) بعيدة المدى التي لعبت دورا حاسما في إحباط الهجمات الإيرانية السابقة".

ويشير الكاتب إلى استمرار قدرة حزب الله على إطلاق الصواريخ، وإسقاط قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي يحاول السيطرة على جنوب لبنان، بينما لا يزال وقف إطلاق النار في غزة وإبرام صفقة لتبادل الرهائن بعيد المنال، وفق الكاتب.

ويختتم الكاتب: "ربما تشعر إسرائيل من جانبها بأنه مع وجود أهداف يمكن مهاجمتها، فإنها لابد وأن تستمر في مهاجمتها. ولكن من غير الواضح كيف تنوي تحويل نجاحها العسكري إلى ميزة سياسية والاتفاق على ترتيبات، قد تجلب بعض الاستقرار طويل الأجل إلى حدودها. ولكن ليس من المستحيل أن نتخيل حدوث ذلك- فهذا هو الشرق الأوسط".

"أزمة في قطاع البناء والإسكان في إسرائيل"

عامل في موقع بناء.
AFP
تقول الكاتبة إن نقص العمالة أدى لارتفاع تكلفة بناء المنازل في إسرائيل.

وأخيرا نختتم جولتنا من صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، ومقال بعنوان "كيف أضرّت حرب غزة بالبناء والإسكان بسبب منع العمال الفلسطينيين"، بقلم شوشانا تيتا.

تقول الكاتبة: "بين عشية وضحاها، توقفت مواقع البناء بسبب الحظر الكامل على دخول العمال من الضفة الغربية بعد اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول".

"نتيجة لذلك، تباطأت وتيرة البناء للمشاريع الجديدة بشكل كبير. لم يؤثر الحظر على الانتهاء المقرر لمشاريع البناء فحسب، بل أدى أيضا إلى زيادة كبيرة في تكاليف البناء، ما أدى إلى تغذية دوامة التضخم. في نهاية المطاف سيدفع مشترو المنازل الفاتورة. في الواقع، ارتفعت تكلفة بناء المنازل في إسرائيل بنسبة 6 في المئة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".

"وفقا لتقرير بنك إسرائيل، جرى توظيف أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني في إسرائيل قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وتقدر جمعية المقاولين والبنائين في إسرائيل الأضرار بنحو 55 مليار شيكل، وتطلب تعويضا حكوميا تصل قيمته إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي".

وتشير الكاتبة إلى محاولات الحكومة الإسرائيلية تبني حلول مؤقتة لهذه المشكلة، منها استقدام عمالة من دول مثل الهند وسريلانكا ومولدوفا.

وكتبت: "من بين 6500 عامل جرى فحصهم، لم ينجح سوى 4500 منهم في الاختبار. ومع ذلك، اشتكى كوهين (مقاول بناء إسرائيلي) من أن جودة العمال الأجانب أدنى بكثير من جودة عمال البناء الفلسطينيين، الذين ينقلون مهاراتهم من جيل إلى جيل".

واختتمت: "في هذه الأثناء، تحاول لجنة العمل في الكنيست إغراء الإسرائيليين للعمل في البناء من خلال تقديم المنح. وحتى الآن، لم يتقدم سوى عدد قليل من المرشحين من أهل الكتاب (اليهود).