توفي الداعية التركي فتح الله غولن في الولايات المتحدة عن عمر يناهز 83 عامًا، بعد سنوات من الاتهامات التي وجهتها إليه الحكومة التركية بتدبير محاولة انقلاب فاشلة على الرئيس رجب طيب إردوغان في عام 2016.
وتعيد "إيلاف" نشر مقابلة أجراها ناشر إيلاف ورئيس التحرير عثمان العمير مع غولن، تكشف عن جوانب مهمة من حياته وفكره، وتسلط الضوء على مسيرته المثيرة للجدل.


إيلاف من لندن: أعلنت وسائل إعلام تركية، اليوم الاثنين، وفاة الداعية المعارض فتح الله غولن عن عمر يناهز 83 عاماً أثناء تلقيه العلاج في أحد المستشفيات بولاية بنسلفانيا الأميركية، حيث أقام منذ عام 1999.
غولن، مؤسس حركة "خدمة"، اتهمته الحكومة التركية مرارًا بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة على الرئيس رجب طيب إردوغان في تموز (يوليو) 2016.
ورغم الاتهامات، دافع غولن عن نفسه قائلاً إنه يدير شبكة سلمية من المنظمات غير الحكومية، مؤكداً أن حركته التي تنتشر في أكثر من 140 دولة تسعى فقط لنشر التعليم والتعاون الاجتماعي، وأنه لا علاقة له بأي عمل إرهابي أو محاولة انقلاب.


تاريخ من التوترات مع إردوغان
غولن وُلد في 27 نيسان (أبريل) 1941 في قرية كوروجك بمحافظة أرضروم التركية، ونشأ في عائلة متدينة. عمل في التدريس والإرشاد الديني قبل أن يؤسس حركة "خدمة"، التي سعت، حسب رؤيته، إلى نشر قيم التعليم والتنمية الاجتماعية.
في بداية الألفية، كان غولن حليفًا مقربًا من إردوغان وساعد في دعم صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة. ولكن مع مرور الوقت، بدأت التوترات بينهما تتصاعد، وبلغت ذروتها في عام 2013 عندما كشف قضاة محسوبون على غولن عن فضيحة فساد طالت أفرادًا من الحكومة وأقارب إردوغان، بما فيهم نجله بلال. بعد هذه الفضيحة، اتهم إردوغان حركة غولن بالسعي إلى تأسيس "دولة موازية" داخل تركيا.

حياة في المنفى
منذ انتقاله إلى الولايات المتحدة عام 1999، عاش غولن في عزلة نسبية في مجمعه بجبال بوكونو في بنسلفانيا. بعد محاولة الانقلاب في 2016، طلبت أنقرة مرارًا من واشنطن تسليم غولن، لكنه نفى أي دور في الانقلاب، وأكد مرارًا أنه لا علاقة له بالأحداث.

إرث حركة "خدمة"
فتح الله غولن، الذي أسس حركة "خدمة" التي تنتشر في أكثر من 140 دولة، بدأ مسيرته كداعية إسلامي يركز على التعليم والتنمية الاجتماعية. إلا أن حركته تحولت تدريجياً إلى قوة سياسية واجتماعية كبيرة، ما جعلها في مواجهة مباشرة مع الدولة التركية، خاصة بعد اتهامها بالتآمر ضد إردوغان. ورغم هذه الاتهامات، يصر أتباع غولن على أن الحركة تهدف فقط إلى تحسين التعليم وتعزيز القيم الاجتماعية.
ونجحت الحركة بالتوسع دوليًا، بما في ذلك في مجالات التعليم والإعلام، فغولن نفسه كان يعتقد أن الحلول الاجتماعية يجب أن تكون عبر التعليم والمعرفة، بعيدًا عن التشدد الديني، مما جعله يحظى بشعبية واسعة داخل تركيا وخارجها.

حين التقاه العمير في منفاه
الداعية الذي شغل الساحة السياسية التركية لعقود، وُجد متوفيًا في مقر إقامته بولاية بنسلفانيا. وكان من النادر أن يُدلي بتصريحات إعلامية أو يُجري مقابلات، رغم أن حركته استمرت في إدارة استثمارات ضخمة ومدارس في مختلف أنحاء العالم.
في عام 2017، التقى ناشر "إيلاف" ورئيس التحرير عثمان العمير بغولن في مقر إقامته بولاية بنسلفانيا. هذا اللقاء فرصة نادرة للتحدث إلى رجل صنع الجدل، ليس فقط في تركيا، بل في العالم الإسلامي. كان غولن يعاني من مشاكل صحية آنذاك، لكنه وافق على إجراء المقابلة.
في تلك المقابلة، تحدث غولن عن رؤيته للعالم الإسلامي، مشددًا على أهمية التعليم كحل لمشاكل الفقر والجهل والصراعات التي تعصف بالدول الإسلامية. ورغم ابتعاده عن السياسة المباشرة، لم يكن غولن بعيدًا عن نقد الوضع السياسي في تركيا، لا سيما في ظل ما وصفه بتراجع القيم الديمقراطية.
وتعيد "إيلاف" نشر هذه المقابلة التي تلقي نظرة شاملة على حياة رجل لعب دوراً محورياً في المشهد السياسي والديني داخل تركيا وخارجها، لتسلط الضوء على محطات حياته المثيرة للجدل، من نشأته في قرية صغيرة بأرضروم إلى سنواته الأخيرة في المنفى الاختياري بولاية بنسلفانيا الأميركية، حيث عاش بعيدًا عن الأضواء، تاركاً إرثاً معقداً من الأفكار التي ما زالت تثير انقساماً بين مؤيديه وخصومه.

خصّ "إيلاف" بحوار عام 2017 أجراه معه عثمان العمير
فتح الله غولن: وقوف تركيا إلى جانب قطر غير ملائم​