نتناول في جولة الصحف اليوم عدة مقالات من بينها مقالاً عن "فعالية" فرض عقوبات دولية على شخصيات في الحكومة الإسرائيلية ودوره المحتمل في وضع حد للصراعات في الشرق الأوسط، ومقال رأي عن "ضرورة استمرار الحرب" حتى بعد مقتل السنوار، وأخيراً نقرأ مقالاً عن دعم قمة مجموعة "بريكس" للفلسطينيين بتصريحات وصفت بأنها "تجاوزت العموميات".

نبدأ جولتنا بمقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية ومقال كتبه ميغان إينون بعنوان "العقوبات التي تفرضها المملكة المتحدة على المستوطنين تحدث فرقاً كبيراً، خذوها من إسرائيلي، ينبغي توسيع نطاقها"، ويستهل الكاتب مقاله مشيراً إلى أن السلام لن يعم طالما استمرت التوغلات، لذا يجب استهداف الساسة الذين يشجعون هذه التوغلات فوراً.

ويقول الكاتب إن قليلون في بريطانيا يعرفون اسم زئيف حيفر، الذي كان عضواً يمينياً متطرفاً في الحركة السرية اليهودية في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وأُدين في عام 1984 لمحاولته وضع قنبلة تحت سيارة سياسي فلسطيني، لكنه في السنوات اللاحقة أصبح أكثر نفوذاً، وهو الآن أمين عام شركة "أمانا"، المسؤولة عن بناء معظم المستوطنات والبؤر الاستيطانية الأكثر عنفاً في الضفة الغربية.

ويضيف أن الحكومة البريطانية أعلنت، في الأسبوع الماضي، اعتزامها فرض عقوبات على شركته وست شركات أخرى تدعم مستوطني الضفة الغربية، وهي خطوة رحب بها العديد من الإسرائيليين المعتدلين، ويؤكد الكاتب أنه "ينبغي أن يضع المجتمع الدولي على قمة أولوياته ممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية وحماس لحملهما على الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء القتال في غزة والضفة الغربية ولبنان وعودة الرهائن".

ويرى الكاتب أن الحكومة البريطانية على حق في استهداف داعمي الاستيطان في الضفة الغربية، فهذه الكيانات تشكل تهديداً خطيراً لأي مستقبل سلمي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويلفت إلى أن "فرض العقوبات على المستوطنين الذين يمارسون العنف لا يمنع عنف المستوطنين في الأمد القريب فحسب، بل يبعث رسالة مفادها أن هناك خطوطا حمراء وأن المجتمع الدولي ينفد صبره".

جندي إسرائيلي في الضفة الغربية
EPA
يرى الكاتب أن الحرب في غزة "تخدم مصالح بنيامين نتنياهو، الذي يدرك أنه بمجرد انتهاء القتال سوف يضطر إلى مواجهة غضب الإسرائيليين"

ويقول الكاتب إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لا ترغب أو عاجزة عن التعامل مع هذه المشكلة المتنامية، لذا من بالغ الأهمية أن يتدخل المجتمع الدولي بفرض عقوبات على أولئك الذين يشاركون في أعمال العنف.

ويضيف أنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وتحرك الاتحاد الأوروبي ببطء، فإن المملكة المتحدة في وضع جيد يسمح لها بتغيير الواقع على الأرض، بعد أن وافقت المحكمة العليا في إسرائيل على قرارات البنوك الإسرائيلية بقطع العلاقات مع كيانات فرضت عليها المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي عقوبات، وبالتالي فإن نتائج العقوبات ستجعل من الصعب للغاية تمويل ودعم أنشطة المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية.

ويرى الكاتب أن الحرب في غزة "تخدم مصالح بنيامين نتنياهو، الذي يدرك أنه بمجرد انتهاء القتال سوف يضطر إلى مواجهة غضب الإسرائيليين المطالبين بالتحقيق في فشل حكومته قبل وأثناء هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، كما تخدم الحرب مصالح المتطرفين في حكومته الذين يحلمون ببناء المستوطنات في غزة"، ويضيف أن النجاحات العسكرية، مثل مقتل حسن نصر الله ويحيى السنوار، تساعد الحكومة على بيع الوهم بأن "النصر الكامل" ممكن، وأن القوة العسكرية وحدها ستجلب الأمن.

ويختتم الكاتب ميغان إينون مقاله مشيراً إلى أن العديد من الإسرائيليين سيؤيدون إجراء فرض العقوبات، الذي من شأنه أن يخدم مصالح أولئك الذين يؤمنون بحل سياسي للصراع، ولابد أن تشمل الجولة التالية من العقوبات وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، ولابد أن تفرض هذه العقوبات فوراً.

"يجب على إسرائيل ألّا تنهي الحرب حتى بعد مقتل السنوار"

لافتة تحمل صورة السنوار في العاصمة اليمنية صنعاء
Reuters
يقول الكاتب إنه عندما قتل الإسرائيليون السنوار، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن ذلك اليوم بأنه "يوم طيب لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم"

إلى صحيفة جيروزالم بوست الإسرائيلية وقال رأي للكاتب غيل تروي بعنوان "يجب على إسرائيل ألا تنهي الحرب حتى بعد مقتل السنوار"، وفيه يستهل الكاتب مقاله مشيراً إلى حدوث تغيير في وجهة نظر كثيرين كانوا يريدون بالأمس أن تنتهي الحرب، لكنهم يدعون اليوم إلى مواصلة القتال حتى يستسلم "الأعداء"، الذين حددهم الكاتب بحماس وحزب الله وإيران.

ويقول الكاتب إنه عندما قَتلت إسرائيل يحيى السنوار، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن ذلك اليوم بأنه "يوم طيب لإسرائيل والولايات المتحدة والعالم"، كما أكدت ذلك نائبة الرئيس، كامالا هاريس، مرددة صدى تصريحات بايدن بأن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولابد من القضاء على التهديد الذي تشكله حماس على إسرائيل".

ويلفت الكاتب إلى أن كل القادة العسكرين وكل من عارض طول أمد الحرب لأسباب سياسية، "أخطأوا بالضغط المستمر على نتنياهو وإسرائيل لإنهاء الحرب قبل شهور، وأخطأوا بمعارضة دخول إسرائيل إلى رفح، التي وجد فيها جنود إسرائيليون السنوار، وأخطأوا بتسييس إصرار نتنياهو الصارم على سحق حماس بلا هوادة، كما أخطأوا، وما زالوا، في التعامل مع هذه الحرب على أنها لعبة فيديو لا تقتل إلا الأشرار فقط، ولا يسقط أي أبرياء في مرمى النيران المتبادلة، والرغبة في انتهاء المعركة بسرعة وبدون ألم".

ويقول الكاتب إن الإسرائيليين يقدّرون الإمدادات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة، والدعم المعنوي الهائل من بايدن، بيد أن المساعي التي وصلت إلى حد الهوس لتقييد إسرائيل ترعبه كمؤرخ أمريكي، مضيفاً أن هذا الارتباك المعنوي والاستراتيجي لا يبشر بالخير، بل "يبعث رسالة ضعف لأعداء أمريكا في الوقت الذي ينفد فيه صبر العديد من الأميركيين إزاء هذا النوع من الصراع المستمر المطلوب لهزيمة الشر".

دبابة إسرائيلية أثناء عملية عسكرية
EPA
يقول الكاتب إن إسرائيل لابد أن "تواصل الضغط العسكري، وأن تعد منطقتها الأمنية على طول حدود غزة"

ويرى الكاتب أن "هذا الجهل يرسخ بين الأمريكيين نهجاً متذمراً غير واقعي عن العلاقات الخارجية ويقلل من تقدير الحاجة إلى إطلاق العنان لقوة النيران الهائلة في محاربة الأنظمة الشمولية والإرهابيين"، ويضيف أن هذا "الوعظ الأخلاقي" الذي يجري التحكم فيه عن بعد "شوه سمعة إسرائيل بين العديد من الأميركيين، ناهيك عن بقية العالم".

ويقول الكاتب إن "عهد الإرهاب الذي قاده السنوار لم ينته إلا بعد أن تحدى نتنياهو وإسرائيل الحكمة التقليدية والرأي العام العالمي، بما في ذلك معظم القادة الأميركيين والعديد من القادة اليهود الأميركيين، في ظل نجاح الضغوط المستمرة الممتدة على غزة".

ويضيف الكاتب: "تخيل الشجاعة والبراعة العسكرية والأسلحة والعزيمة المطلوبة للقضاء على العديد من التهديدات، مع صد الهجمات بنشاط ... ثم يقررون بعد ذلك أن تكون الحرب قصيرة للغاية، وحتى الآن، يقاوم كثيرون التعلم من دروس الحاجة إلى سحق العدو، وهو جهد شجاع أوقع السنوار في النهاية".

ويقول "للأسف، رفض بايدن وهاريس دمج الحقائق الجديدة غير المريحة وغير الصحيحة سياسيا في وجهات نظرهم للعالم، وعادوا إلى نفس الخطاب البالي الذي استخدموه لمحاولة كبح جماح إسرائيل لعدة شهور"، ويشير الكاتب إلى أن هاريس قالت إن "هذه اللحظة (قتل السنوار) تمنحنا الفرصة لإنهاء الحرب في غزة أخيراً، ولابد أن تنتهي بحيث تصبح إسرائيل آمنة، ويجري إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطيني من إدراك حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير".

ويلفت إلى أن الجميع في إسرائيل يتوقون إلى تحقيق هذه الأهداف، "لكن العام الجاري أكد أن تحقيقها يتطلب الاستمرار إلى عملية طويلة ودموية، مع مزيد من الصبر. لا يمكننا وقف الحرب في غزة حتى تصبح إسرائيل آمنة. وإذا كان أهل غزة أبرياء حقاً، فيتعين عليهم أن يوجهوا ضرباتهم إلى حماس ويجبروها على الاستسلام، مع إطلاق سراح الرهائن".

ويختتم الكاتب غيل تروي مقاله قائلاً: "إلى أن يحدث هذا، يتعين على إسرائيل أن تواصل الضغط العسكري، وأن تعد منطقتها الأمنية على طول حدود غزة، بما في ذلك الاستيلاء على أراضي غزة، حتى يتعلم الفلسطينيون أن كل هجوم مستقبلي سوف يؤدي إلى المزيد من الخسائر الإقليمية".

"التراجيديا" الفلسطينية تهيمن على قمة مجموعة "بريكس"

صورة تجمع الزعماء المشاركين في قمة بريكس في قازان الروسية
EPA
صورة تجمع الزعماء المشاركين في قمة بريكس في قازان الروسية

نختتم جولتنا بمقال نشرته صحيفة القدس العربي في افتتاحيتها بعنوان "فلسطين في إعلان قازان: ما وراء العموميات" والذي يتناول الاهتمام الذي أولته قمة مجموعة "بريكس"، في مدينة قازان الروسية، بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي المحتدم منذ ما يزيد على عام.

ويقول المقال إن المنتدى اكتسى بطابع عربي وشرق أوسطي مع انضمام مصر والسعودية والإمارات، وكذلك إيران وإثيوبيا، إليه مطلع السنة الحالية، وهو ما أضاف أسباباً لانعكاس زلزال غزة، وحرب لبنان، والتوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران، على أجندته.

ويلفت المقال إلى أن بيان القمة نص على دعم قبول دولة فلسطينية كعضو كامل في الأمم المتحدة، التزاماً مع حل الدولتين، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية، التي تنص جميعها على إنشاء دولة فلسطين ذات السيادة والمستقلة والقابلة للحياة، بما يتوافق مع حدود يونيو/حزيران 1967 المعترف بها دولياً، وعاصمتها القدس الشرقية.

ويضيف المقال أنه كان مهماً أيضاً تضمين البيان أكثر من العموميات المعروفة وذلك بقوله حرفياً: "إننا ندين الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف العمليات الإنسانية والبنية التحتية والموظفين ونقاط توزيع المساعدات الإنسانية"، كما "نرحب بجهود مصر وقطر، والجهود الإقليمية والدولية الأخرى الرامية إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتسريع إمدادات المساعدة الإنسانية وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة".

ويرى المقال أن مضمون الإعلان يكتسب أهمية مضافة مع ملاحظة كيف توافقت عليه دول متباعدة اقتصادياً وسياسياً، كما هو حال الهند (التي ذكرها بنيامين نتنياهو، باعتبارها نقطة تجارة رئيسية في "خط النعمة" بين تل أبيب وعبر الخليج العربي) والصين، الطامحة لمشروع منافس ضمن "خط الحرير" المار بآسيا ودول عربية وصولاً إلى أوروبا، أو حال مصر وإثيوبيا المتنافستين على نهر النيل.

ويمكن الزعم، بحسب المقال، أن القضايا الاقتصادية والسياسية الأخرى التي ناقشتها القمة، ترتبط أيضاً بقضايا الشرق الأوسط، التي تفاعلت مع زلزال غزة، بدءاً من العنوان الرئيسي للاجتماع، "بريكس" والجنوب العالمي لبناء عالم أفضل بشكل مشترك، ومروراً بقضايا الأمن الغذائي والطاقة، وكذلك قضية إيجاد بدائل للدولار.

ويقول المقال إن "التراجيديا الفلسطينية" حاضرة في كل هذه القضايا، سواء تعلق الأمر بالتجويع المنظم الذي تقوم به إسرائيل ضد شمال غزة حالياً، وبمنع المساعدات الإنسانية والغذائية على كامل القطاع، أو تعلق بالعقوبات الاقتصادية والجزاءات المالية التي تفرضها إسرائيل على السلطة الفلسطينية.

ويختتم المقال بالإشارة إلى أن الحرب الجارية في الشرق الأوسط ترتبط بكل ما يجري على كوكب الأرض، والحديث المتزايد عن "تشكيل الشرق الأوسط"، يعني، في ما يعنيه، إعادة تشكيل العالم.