إيلاف من بيروت: نقلت وكالة "رويترز"، الإثنين عن مصدرين في الجيش السوري أن قوات مدعومة من إيران دخلت الأراضي السورية ليلاً عبر العراق. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مواقع الجيش السوري في مواجهة قوات المعارضة لنظام بشار الأسد في شمال سوريا.

ووفقاً لـ"رويترز"، عبر عشرات من عناصر الحشد الشعبي، أحد الفصائل التابعة لإيران، إلى سوريا عبر "مسار عسكري" بالقرب من معبر البوكمال الحدودي.

وقال مصدر رفيع المستوى في الجيش السوري: "هذه القوات الجديدة أُرسلت لدعم رفقائنا على خطوط المواجهة في شمال سوريا".

وأضاف أن من بين القوات المرسلة من العراق إلى سوريا، شوهدت عناصر من "كتائب حزب الله" و"فاطميون".

وخلال الأيام الماضية، تمكنت قوات المعارضة من التقدم في شمال سوريا، والسيطرة على مناطق عدة في حلب وإدلب.

وفي تحليل للموقف، وصف "مجلس العلاقات الخارجية" في الولايات المتحدة عمليات المعارضة الأخيرة بأنها "مفاجئة"، مشيرا إلى أن هذا التطور قد يؤدي إلى مزيد من تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.

الدفاع عن "الأسد" أصعب من السابق
وأضاف المجلس أن إسرائيل ألحقت خلال الأشهر الأخيرة "أضراراً كبيرة بمحور المقاومة" التابع لإيران، خاصة حزب الله اللبناني، ما دفع المعارضة في سوريا لاستغلال هذا الوضع وبدء عملياتها، إذ إن "حزب الله ضعيف للغاية وروسيا منشغلة بحربها في أوكرانيا، ما جعل الدفاع عن نظام الأسد أصعب من السابق".

وأوضح التحليل أن حزب الله وروسيا استثمرا بشكل كبير في سوريا، ما يعني أن كليهما سيتدخل في الصراع الحالي، لكنه استدرك قائلاً: "المهم هو أن قدراتهما العسكرية قد تراجعت مقارنة بحجم القوات التي شاركت في قمع المعارضة خلال عامي 2015 و2016".

والحرب الداخلية في سوريا التي بدأت بتظاهرات سلمية ضد حكومة الأسد في عام 2011، أسفرت عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد ملايين آخرين.

ودخل تنظيم داعش من جهة، وقوات داعمة لحكومة الأسد مثل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله من جهة أخرى، إلى الصراع السوري، مما أدى إلى زيادة أعداد القتلى، وأدى إلى دمار اقتصادي واسع، كما تم تدمير البنية التحتية السورية بشكل كبير.

وذكر "مجلس العلاقات الخارجية" في الولايات المتحدة أن سوريا تلعب دورًا "حيويًا" في دعم إيران لحزب الله، ولذلك يوجد لطهران وجود عسكري واسع في سوريا، بما في ذلك عشرات القواعد العسكرية والمنشآت الأخرى.

وقالت هذه المؤسسة إن سوريا تُعتبر بالنسبة لإيران "ممرًا لنقل الأسلحة، ومكانًا لإنتاج الأسلحة، وقاعدة قيادة لقادة الحرس الثوري الإيراني"، حيث يتم التنسيق بين إيران وحزب الله من خلال هذه القواعد.

تراجع النفوذ الإيراني بقوة
وأوضحت هذه المؤسسة أن الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة قد تدهورت في الأشهر الأخيرة، وأن ظهور المعارضة السورية مجددًا يشكل تهديدًا إضافيًا للنفوذ الإيراني في المنطقة.

وفي 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، أفادت وسائل الإعلام الإيرانية بأن كيومرث بورهاشمي، المعروف بـ"حاج هاشم"، وهو من القيادات البارزة في الحرس الثوري الإيراني، قُتل خلال الهجمات التي شنتها المعارضة في مدينة حلب.

وفي 30 تشرين الثاني (نوفمبر) أفادت صحيفة "كيهان" التي تُديرها مؤسسة المرشد علي خامنئي بأن الهدف الرئيسي لـ"الحرب الجديدة" في سوريا، التي بدأت الأسبوع الماضي، هو النظام الإيراني، مشيرة إلى مقتل عدد من الإيرانيين في تلك المعارك.

هل يستطيع المعارضون تثبيت مواقعهم؟
وذكر "مجلس العلاقات الخارجية" أن العمليات العسكرية الأخيرة في سوريا تنفذها جماعات "متطرفة"، أبرزها هيئة تحرير الشام. كما أن المعارضة المسلحة الأخرى تضم الأكراد والقوات المدعومة من تركيا، وفقاً لتقرير نشره موقع "إيران انترناشيونال".

وأضافت المؤسسة أن المعارضة تمكنت من السيطرة على مدينة حلب وتواصل تقدمها نحو حماه، ولكن لم يتم بعد التوصل إلى استنتاج نهائي بشأن نتائج هذه العمليات أو مصير حكومة الأسد، مضيفة: "يجب أن نكون حذرين في هذا الصدد".

وأشار إلى أنه لا يمكن الجزم بما إذا كانت الجماعات المتمردة ستتمكن من تثبيت مكاسبها أم لا، لأن ذلك يعتمد على رد فعل النظام السوري، والروس، وحزب الله، والجماعات الأخرى التي قد ترسلها إيران لدعم الأسد.

وبينما نشرت تقارير عن شن الطيران الروسي غارات على مواقع المعارضة في سوريا، إلا أنه لم يُعرف بعد ما إذا كان الأسد وحلفاؤه قادرين على تنظيم دفاع فعال ضد هذه الجماعات.

موقف روسيا من النزاع في سوريا
وأشار "مجلس العلاقات الخارجية" أيضًا إلى أن القوات التابعة لحكومة الأسد في الوقت الحالي لا يمكنها أو لا ترغب في التصدي للمقاتلين المعارضين، في حين أن حزب الله لا يزال غير قادر على تعبئة قواته لدعم الأسد كما كان في السابق.

هذا الوضع الصعب قد جعل روسيا تواجه تحديات كبيرة في سوريا، حيث أكدت المؤسسة أنه "لا شك في أن موسكو ترغب في الدفاع عن مواقفها في سوريا، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا يشمل الدفاع عن الأسد أيضًا"