إيلاف من الرباط: عرفت شوارع بعض المدن المغربية ، في الآونة الأخيرة، بعض المواجهات المحتدمة بين سائقي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة، وناقلين جدد منافسين يعملون عبر تطبيقات ذكية مثل "كاريم"، و""فيتير"، و"إن درايف".

وباتت مشاهد التوتر بين الأطراف تتكرر في عدة مدن، أبرزها مراكش والدار البيضاء والرباط، حيث تصاعدت حدة الاحتكاكات، وصولًا إلى أعمال عنف وعرقلة حركة السير، مما أثار نقاشًا واسعًا حول شرعية هذه التطبيقات ومستقبل قطاع النقل التقليدي.

ووسط هذا النقاش،تقدم فريق حزب الحركة الشعبية( معارضة) بمجلس النواب (البرلمان) بمقترح قانون يهدف إلى تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية، في خطوة اعتبرها البعض محاولة لإعادة الهدوء إلى الشوارع المغربية، وتنظيم قطاع يشهد تحولات جذرية بفعل الثورة الرقمية.
وتوقع إدريس السنتيسي، رئيس الفريق النيابي الحركي ، في تصريح لـ"إيلاف" بأن يساهم مقترح القانون الجديد في تهدئة الوضع المتوتر بين الناقلين، وقال "يأتي المقترح استجابة للتحولات التي فرضتها الثورة الرقمية، والتي أثرت بشكل مباشر على قطاع النقل".

واشار النائب السنتيسي الى أن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية يمثل "ضرورة ملحة لمواكبة التطورات التكنولوجية مع ضمان تنظيم القطاع وحماية حقوق جميع الأطراف".

وأضاف السنتيسي أن تنظيم هذا النوع من النقل لا يهدف فقط إلى تقليص النزاعات الميدانية،بل يسعى أيضًا إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي وتوفير فرص عمل جديدة للشباب.كما أشار إلى أن تقنين هذه التطبيقات يمكن أن يمثل رافعة لتطوير القطاع،بما يضمن تنوع الخيارات للمستهلكين وتحسين جودة الخدمات.

شهادة معاناة: "أخشى العنف لكنني مضطر للعمل"
يقول عبد الرحيم، لـ" إيلاف "وهو متقاعد في الستينيات من عمره يقطن بمدينة الرباط، عن تجربته مع النقل عبر التطبيقات الذكية، إن "غلاء المعيشة في الرباط أصبح لا يُطاق، وبحكم معاشي المحدود، كان من المستحيل أن أغطي مصاريف أسرتي".

ونظرا لامتلاكه سيارة رباعية الدفع، قرر عبد الرحيم الانضمام إلى إحدى التطبيقات الإلكترونية المخصصة للنقل.

وزاد قائلا : "تواصلت مع مديري التطبيق وخضعت لتكوين بسيط ، وبدأت العمل، لكن للأسف ظل الخوف ملازما لي ، خاصة مع التوترات المتزايدة"،مشيرا إلى أن سائقي سيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة الذين يفرضون نوعًا من الحراسة الصارمة على نقل الزبائن.وعبر عن خشيته من التعرض لعنف جسدي أو تخريب سيارته، لكنه قال إنه مضطر لمواصلة العملاقين هذا المجال حتى يوفر لقمة العيش".

ويرى عبد الرحيم أن تقنين قطاع النقل، الذي يشكل مصدر رزق إضافي لعائلته، سيكون حلًا مثاليًا يضمن له العمل في ظروف آمنة ،ويحفظ حقوق الجميع.

أهداف مقترح القانون
جاء في المذكرة التقديمية للمقترح أن هذا القانون يسعى إلى وضع إطار قانوني واضح ينظم نشاط النقل عبر التطبيقات الذكية، مع ضمان معايير السلامة والجودة في خدمات النقل، وتوفير فرص عمل للشباب وسائقي سيارات الأجرة المتوقفين عن العمل،وبالتالي إنهاء النزاعات الميدانية بين مهنيي النقل التقليدي وسائقي التطبيقات.

وشدد المقترح على ضرورة فتح حوار شامل بين جميع الأطراف المعنية، بما يشمل مهنيي النقل التقليدي، وسائقي التطبيقات الذكية، والجهات الحكومية، بهدف الوصول إلى توافق يُحقق المنافسة الشريفة ويعزز الثقة بين الأطراف.

تعديلات قانونية لتعزيز التنظيم
اقترح الفريق النيابي الحركي إدخال تعديلات على المادة 40 من مدونة السير، تتضمن اشتراط حصول السائقين على بطاقة مهنية لمزاولة النقل. وحصر المركبات المستخدمة في النقل ضمن إطار تنظيمي واضح، مع إلزام السائقين بالإدلاء ببطاقاتهم المهنية عند طلبها من الجهات المختصة.

ويرى مراقبون أن تقنين النقل عبر التطبيقات الذكية يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على مصالح السائقين التقليديين. كما أن تطبيق القانون الجديد قد يُسهم في إنهاء المواجهات الميدانية وخلق بيئة تنظيمية عادلة تدعم الابتكار وتوفر حلولًا عملية للنقل في المدن المغربية.

ومع استمرار النقاش حول هذا المقترح، يبقى الأمل معقودًا على جهود المشرعين والفاعلين لتحقيق تنظيم فعّال يواكب تطلعات المجتمع المغربي نحو التحول الرقمي، مع الحفاظ على العدالة الاجتماعية والمهنية.