اثبت موقعو بيان «حراس الارز» وبينهم الزميل حبيب يونس، الذي تعاطف معه الكثيرون في محنته قبل اعوام، انهم لم يتعلموا شيئا من التجارب وانهم اكثر جمودا وتحجرا في تفكيرهم من الذين يقفون على النقيض معهم.
«البيان الاسود» لم يظهر الى النور امس وان اعلن عنه امس، هو منشور اشبه بجريمة تنتمي الى عصور ظلام مضت,,, تماما كما جرائم الاغتيال والقمع والإبادة.
منشور اقرب الى حرب عنصرية، تداخلت في فكر اصحابه قيم مغلوطة للدين والتاريخ والمبادئ بالحضور والقيادة و«السبق المستقبلي» و«كسر النمط التقليدي» للممارسة السياسية,,, تماما كما تداخلت في فكر طغاة العالم والعرب والارهابيين الاصوليين مبادئ التماهي بـ «الأمة» والتاريخ والشعب واعتبروا اي خطأ او خطيئة او جريمة او كارثة ثمنا رخيصا امام «الانتصار الانساني العظيم الذي سيحصل عاجلا ام آجلا».
الاسرائيلي افضل من السوري، واللبناني الجيد هو من يقتل فلسطينيا، ولبنان غير عربي ويجب ان ينسحب من الجامعة العربية، والغاء اتفاق 17 مايو مع اسرائيل غلطة كبرى,,, وماذا بعد؟ هل هناك أحط من رفع التحريض على القتل والابادة الجماعية الى مصاف الاجتهاد السياسي والنقاش اليومي؟ هل هناك اقسى من تفضيل عدو على شقيق؟ هل هناك اسوأ من الخلط المتعمد بين نظام له ماله من اخطاء وبين شعب يستحق الاحترام والتقدير وملاقاته في منتصف طريق تطلعاته الى مستقبل افضل؟ وهل يجوز الهبوط في مستويات التخلف حد تحويل السجال على «الهوية» (اي هوية) خطوط تماس بين ابناء الوطن الواحد؟
من اصدر البيان الاسود لاقى بطريق غير مباشر اولئك الذين حولوا آراءهم الخاصة اسلوب عمل مفروضا فرضا على الحياة العامة بما في ذلك استخدام ابشع الوسائل للدفاع عما يروه حقا مقدسا لهم او لوطنهم او لأمتهم, واذا كان المطلوب في لبنان ما بعد انتفاضة 14 مارس التأسيس على لغة سياسية حضارية جديدة للبنان ولغير لبنان فإن «حراس الارز» (أي ارز؟) يؤسسون للغة سياسية عنصرية تدميرية ستجد في المقابل من يبني عليها لتثبيت وجهة نظره القائلة بأن مقومات لبنان متوازن في الوطنية والانتماء والعروبة والعيش المشترك لا تستقيم من غير تدخل خارجي.
ومهما كان توقيت البيان «بريئا» ومهما بلغ حجم الذين يتبنون ما ورد فيه الا ان «حراسه» خدموا اسرائيل من حيث يدرون، وساهموا في مشروع تأزيم البلد من حيث يدرون او لا يدرون، وحاولوا خلق ظروف معينة للتشويش على مرحلة ما بعد التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وهي الظروف التي يتمنى اكثر من طرف ممن يدعي «الحراس» محاربته حصولها.
العنصرية والانقسام والانسلاخ والتوتير والتأزيم هي العناوين التي حكمت البيان الاسود الرقم واحد، البيان الانقلابي على اتفاق الطائف وصيغة العيش المشترك وهوية لبنان العربية الحضارية,,, يبقى ان تكون ردود الفعل عليه بالمستوى الراقي الذي يبقيه بيانا خاصا بحدود احجام مرتكبيه حتى لا يتحول «طالبانيو الأرز» الى قضية تستقطب مواقف جميع اللبنانيين في غنى عنها.
قدر الارز تاريخيا بناء المعابد والهياكل، ومن مهازل القدر ان يحاول من يدعي حراسته هدم المعابد والهياكل ,,, وبفؤوس مصنوعة من خشب الارز.