الأربعاء:04. 01. 2006

عاطف الغمري


أي حكومة تنشد التقدمrlm;,rlm; تحرص عادة علي الاستناد الي مايعرف بالتوافق العامrlm;Consensus,rlm; علي سياستهاrlm;,rlm; ليكون هذا التوافق هاديا لهاrlm;,rlm; في مواصلة سياساتrlm;,rlm; أو تعديل سياساتrlm;,rlm; في حال انكماش هذا التوافقrlm;.rlm; وهي تفعل ذلك لأن الحكومة ووزراءها منوط بهم هذه السياساتrlm;.rlm; ولأن السياسة ليست اجتهاد فردrlm;,rlm; أو فئةrlm;,rlm; أو جماعة أو حزبrlm;,rlm; لكنها حسب تعريف علم السياسة ـ نشاط إنساني محوره الإنسانrlm;..rlm; المواطنrlm;,rlm; وإذا لم يلتزم من يمارسها بقواعدها المستقرةrlm;,rlm; فليس مايمارس بسياسةrlm;.rlm; وفي مقدمة هذه القواعدrlm;,rlm; ان السياسة هي تنظيم علاقة الحكام بالمحكومينrlm;,rlm; بالطريقة التي لاتنفي عما يمارس أنه سياسةrlm;,rlm; ولا عن الإطار الذي تجري فيه أنه دولةrlm;.rlm; ولأن الدولة تقوم علي مجموعة من المبادئ التي تحدد توجهاتها السياسيةrlm;,rlm; والتي يشترط قبول المواطنين لهاrlm;,rlm; بالإتفاق أو بالتوافقrlm;.rlm;

والاتفاق يكون من خلال الاختيار الحر للناخبينrlm;,rlm; للحاكم بناء علي برنامجه السياسي المحدد والواضح غاية الوضوحrlm;,rlm; ووفق مدي زمني صريح للتنفيذrlm;,rlm; وإذا أخل بتعهده ولم ينفذrlm;,rlm; يسحبون منه ـ بإرادتهم الحرة ـ صك رضاهمrlm;,rlm; بإسقاطه في الانتخابات التاليةrlm;,rlm; والتي تتراوح مدتها من دولة لأخريrlm;,rlm; مابينrlm;4rlm; ـrlm;6rlm; سنواتrlm;.rlm;

أما التوافق فهو يقاس بوسيلة استطلاعات الرأيrlm;,rlm; والتي تراعيها الحكوماتrlm;,rlm; حرصا علي شرعية بقائهاrlm;,rlm; وضمان عدم إسقاط الناخبين رضاهم عنهاrlm;,rlm; واختيار بديل آخرrlm;.rlm; أي أن السياسة أو العمل السياسيrlm;,rlm; ينشط علي عدة مستوياتrlm;,rlm; أو مساراتrlm;,rlm; يتحرك فيها رجل السياسةrlm;,rlm; أو المسئول التنفيذيrlm;,rlm; وهو يوازن بين التزامه نحو الحكم كونه معبرا عنهrlm;,rlm; وبين مسئوليته أمام المواطنينrlm;(rlm; المحكومينrlm;),rlm; وحيث يتحدد أساس مسئوليتهrlm;,rlm; بمراعاة هذا التوازنrlm;,rlm; من خلال معرفته عن يقينrlm;,rlm; بأن هدف السياسةrlm;,rlm; المحافظة علي الاعتبار الانساني للحاكم والمحكوم بنفس الدرجةrlm;,rlm; وعدم الانزلاق الي تعزيز قدرة أحدهما علي حساب الآخرrlm;..rlm;

فالآخر له واجبات مستحقة علي من يمارس هذا النشاط السياسيrlm;.rlm;
ومادمنا نرجع الي تأصيل معني السياسةrlm;,rlm; ـ حسب ماينص عليه علم السياسة ـ فإن من حق المواطنين علي المسئول التنفيذي في الحكومةrlm;,rlm; أمرينrlm;,rlm; يتصلان ببعضهما اتصالا عضوياrlm;.rlm;

الأولrlm;:rlm; المعرفةrlm;,rlm; أي معرفة الحقيقة دون مراوغةrlm;,rlm; أو تغليفها بغلاف يقدمها بصورة غير المقصود بهاrlm;,rlm; أو إحاطة النشاط المتعلق بهاrlm;,rlm; بعلامات استفهامrlm;,rlm; تنشر الحيرة والبلبلة والشكrlm;.rlm; ولأن الإنسان بغريزته ينزع دائما لأن يعرف الحقيقة التي هي مبتغاهrlm;.rlm;

والأمر الثانيrlm;:rlm; هو نزعته الغريزية كذلك للارتقاء بالوضع الذي يجد نفسه فيهrlm;.rlm;
أي انه مثلما يريد أن يعرفrlm;,rlm; فهو يريد في الوقت ذاته أن يصل لما هو أفضلrlm;.rlm;

ثم إن السياسة من زاوية من يعهد اليه بهاrlm;,rlm; تساوي القدرة في نطاق مسئوليته ـ علي التنظيمrlm;,rlm; والقيادةrlm;,rlm; وتحقيق التقدمrlm;,rlm; يسندها تشريع يحقق أيضا التوازن للعملية السياسيةrlm;.rlm; وإجمالا ـ فالسياسة هي عملية صناعة الصالح العامrlm;,rlm; من قاعدة التوازنrlm;,rlm; التي تحول دون التحيز للصالح الشخصيrlm;.rlm;

وإذا كنا قد لاحظنا غياب التوافق العامrlm;,rlm; وانعدام وسائل متابعته وقياسه باستطلاعات الرأيrlm;,rlm; فكان من الطبيعي أن يأتي غياب ثلاثة أرباع الناخبين عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرةrlm;,rlm; تعبيرا عن عدم رضا عما يجري باسمهم حين وجدوا أن الاسم لاينطبق تماما علي الفعلrlm;,rlm; وأن العملية السياسيةrlm;,rlm; قد سحبت منها القواعد والمكونات التي تلبسها التعريف المقبول لما هو سياسةrlm;.rlm;

وإذا لم يحدث إسراع بقياس الأسباب فستظل العملية الجارية وإن حملت مسمي عملية سياسيةrlm;,rlm; تفتقد للكثير من الشروط الجوهرية لهاrlm;,rlm; فهذه العملية ليست عرضا لفريق واحد أمام متفرجينrlm;,rlm; لكنها عملية مشتركة لطرفين رئيسيينrlm;,rlm; الثاني فيهما هو الجماهيرrlm;.rlm; وتلك الجماهير معبأة نفسيا وتاريخيا بدروس وتجارب عشرات السنينrlm;,rlm; التي بدأت بإفراغ العملية السياسية من محتواهاrlm;,rlm; والإخلال بمبدأ التوازن بين قدرات الحاكم وقدرات المحكومينrlm;,rlm; عن طريق تركيز السلطات في يد الحاكمrlm;,rlm; وتقليص قاعدة الاختيار الحر بالانتخابrlm;,rlm; وإنهاء حالة التعددية التي هي حكمة الله في خلقه للإنسان متنوعاrlm;,rlm; وحيث أن التعدد هو تعبير الإنسان عن رأيه وأحاسيسهrlm;,rlm; وامتلاكه حريته الكاملةrlm;,rlm; ومنذ جري ذلك بحشد الكل في تنظيم سياسي واحدrlm;,rlm; وهدم أساس العملية السياسية المبنية علي أحزاب وتنظيمات سياسية متنافسةrlm;,rlm; تتعامل بالندية والقدرة التنافسيةrlm;.rlm; وعندئذ ينسحب الشريك الأساسي من العملية السياسيةrlm;,rlm; الي أن يستعاد لها التوازنrlm;,rlm; وتعود إلي طبيعتهاrlm;,rlm; حيث تتوازن كفتا الحاكم والمحكومينrlm;.rlm;

وحتي حين اتخذت خطوة مبشرة باستعادة التوازن للعملية السياسيةrlm;,rlm; بتعديل المادةrlm;76rlm; من الدستورrlm;,rlm; وتلقاها بالرضا قبول شعبيrlm;,rlm; ارتضاها مجرد خطوة في طريق تعديلات أخريrlm;,rlm; لايستعاد التوازن إلا بها جميعاrlm;,rlm; فقد أضيفت للتعديلrlm;,rlm; شروط أفرعته من مضمونهrlm;.rlm; ومازال الجدل محتدما حول بديهياتrlm;,rlm; لاتحتمل جدلا بشأن بقية مواد الدستورrlm;,rlm; التي يعزز استمرارها انعدام التوازن في الدولةrlm;,rlm; منذ صدور الدستور عامrlm;.1971rlm;

لكن ـ ينبغي ألا نغفل عن أنه في الجانب المقابل لظاهرة انسحاب الجزء الأعظم من الناخبين من العملية السياسيةrlm;,rlm; يوجد طول اشتياق منهمrlm;,rlm; لاستقامة وتوازن العملية السياسيةrlm;,rlm; بما يعيدهم إليهاrlm;,rlm; ويعيد إليهم ثقتهم في العملية السياسية ونتائجهاrlm;.rlm;

وعلي ضوء انسحاب ثلاثة أرباع الناخبينrlm;,rlm; من المشاركةrlm;,rlm; كان من المهم لصلاح العملية السياسية كلهاrlm;,rlm; قراءة توجهات الرأي العامrlm;,rlm; مادام أن كل من يقوم بنشاط سياسيrlm;,rlm; يقيم شرعيته علي قبول الرأي العام ورضاهrlm;,rlm; ويظل غياب هذا الحجم الأكبر من الناخبينrlm;,rlm; يعني أن الشرعية هنا ليست مكتملةrlm;,rlm; وأن الـrlm;75%rlm; لم يمنحوا رضاهم لأي من الذين تنافسوا في الانتخاباتrlm;,rlm; سواء من أحرزوا الأغلبيةrlm;,rlm; أو من وزعت عليهم الأصوات المتبقية من إجمالي أصوات الأقلية التي ذهبت الي صناديق الانتخابrlm;.rlm; وإلا فمعني ذلك بقاء فجوة الثقةrlm;,rlm; والحاجز الفاصل بين من يمارسون العمل السياسي علي اختلاف مستوياتهrlm;,rlm; وبين غالبية المصريينrlm;.rlm;

ان تجاهل الرأي العام وعدم الاهتمام بقياس توجهاتهrlm;,rlm; أو التغييرات والتحولات التي تجري لهrlm;,rlm; تجعل الخطاب السياسي العام منفصلا عن الخطاب السياسي للجماهيرrlm;,rlm; وبالتحديد لغالبيتهمrlm;,rlm; لأنه حين تنعدم مصادر قراءة الرأي العامrlm;,rlm; فمعني ذلك أن العمل السياسي لايستلهم منه أفكاره ومنطق تفكيرهrlm;,rlm; في حين أن أي مشروع للتقدم سواء كان في إطار قطاع تنفيذي واحدrlm;,rlm; أو ضمن الخطة العامةrlm;,rlm; لا ضمان لنجاحه بدون مشاركة وتكاتف وفعالية الجميعrlm;,rlm; وبدون أن يستلهم الحركة المجتمعيةrlm;,rlm; معبرا عما يعرف بروح الجماعةrlm;,rlm; التي هي تجميع لمختلف التياراتrlm;,rlm; والرؤي السياسيةrlm;,rlm; والتصوراتrlm;,rlm; والاجتهاداتrlm;,rlm; مجسدة بهذا كلهrlm;,rlm; إرادة الأمةrlm;.rlm;