خالد القشطيني
حب الظهور والمباهاة جزء من الغريزة وتنازع البقاء. ولكن يظهر ان تضخم الغريزة في الشرق الاوسط ادى الى تضخم المباهاة. وهذا ما عبر عنه احمدي نجاد في قوله: اصبحنا قوة عظمى. كانت الحكمة تتطلب منه التقليل من شأن التقدم النووي والتستر عليه كما فعلت اسرائيل. ولكن حب التباهي غلب وازع الحكمة. وعندما يتواجه التباهي المصري بالتباهي الايراني تحصل على مواقف طريفة. كما جرى عندما التقى استاذ مصري واستاذ ايراني. قال الاول للثاني ان المنقبين عثروا في الاقصر على اسلاك تحت الارض واستدلوا منه ان الفراعنة كانو يستعملون الهاتف. اجابه الاستاذ الايراني قائلا: لم يستطع المنقبون العثور على اي اسلاك في ايران. استدلوا من ذلك ان الساسانيين كانوا يستعملون اللاسلكي.
حب التباهي ظاهرة رذيلة تؤدي الى الكثير من العيوب الاجتماعية والاضرار الاقتصادية. فكثيرا ما يضطر الموظف للسرقة والرشوة وتعمد المرأة لبيع شرفها لمجرد الحصول على المال اللازم لاقتناء ما ليس لهم قدرة على اقتنائه والظهور بمظهر العز والترف مما ليس في طاقتهم.
من مظاهر هذا الهوس بالمباهاة التنافس بين الجيران. اذا اشترى جاري سيارة مرسيدس فيجب ان ابيع سيارتي القديمة واشتري مرسيدس مثلها او احسن منها. واذا خرجت زوجته بفراء منك نصف طول فيجب ان اشتري لزوجتي فراء منك احسن منه بطول كامل. وبالطبع تواصل الزوجة مراقبة بيت جيرانها. كلما لاحظت عندهم تلفزيون جديدا تأمر زوجها بشراء تلفزيون اكبر واحسن منه. تجلس في الصالون وتتباهى بكل ما عندها احسن مما عند الجيران. خادمتنا احسن وسائق سيارتنا احسن وجرس بيتنا احسن.
واظبت سيدة في القاهرة على الاستمتاع بهذا التفاضل مع جيرانها. لا يستقر بها حال ولا تهدأ اعصابها حتى يكون ما لديها احسن مما عندهم. عاشت سعيدة وفخورة بزوجها واولادها حتى اكتشفت يوما ان زوجها يخونها مع امرأة اخرى. فعملت دوشة في البيت وهجمت عليه بالقبقاب ولكن زوجها ضبط اعصابه وقال لها اسمعي يا حبيبتي، جارنا عبد السميع عنده عشيقة طليانية ترضي كدة؟ جيرانا عندهم عشيقة ونحن ما عندناش؟
فكرت في الأمر مليا ورأت الحكمة فيما يقول فسمحت له بمواصلة علاقته الغرامية. ذهب الزوجان بعد اشهر لحضور حفلة زواج كبيرة في فندق شبرد. فلاحظت امرأة شقراء في الجانب المقابل. سألت زوجها من تكون؟ فقال لها: دي عشيقة جارنا عبد السميع. بعد دقيقتين لاحظت امرأة اخرى لفتت نظرها ايضا فسألته عنها فقال لها: اهي دي عشيقتي اناraquo;. شمرت عن ساعدها واخرجت نظارتها وراحت تحدق وتدقق في السيدتين ثم افترت عن ابتسامة عريضة وقالت laquo;عشيقتنا أحسن!raquo;.
لا يقل العراقيون في شيء عن ذلك. فعندما اهدى صدام حسين سيارة فولفو لأحد اعوانه هللت لها زوجته وقالت هيا بنا نركب السيارة وندور بالبلد نكشخ بها. قال زوجها laquo;لا يا حبيبتي لا. روحي بالاول للكوافير يصبغ شعرك اصفر ويزينك مثل ارتستات الكباريه. وبعدين نطلع بالسيارة ونخليهم يقولون شوفوا! شوفوا ابو فاروق! سيارة جديدة وعنده وحدة ارتيست من الملهىraquo;.
التعليقات