الثلاثاء02 يناير2007

ماذا ينتظرنا في 2007؟ (4)

2007 سيكون عاماً تاريخياً بمعنى واحد على الأقل: إنه سيعتبر السنة التي سيدشن فيها تصدر قضية تغير المناخ أو سخونة الجو، جداول الأعمال السياسية القومية كما الدولية.

لماذا هذا الانقلاب الكبير لدى السياسيين حيال هذه المسألة من التجاهل الكامل إلى الاعتراف الكامل؟

الرد بسيط: الرأي العام، خاصة في أمريكا، بدأ يتنبه إلى المضاعفات الخطيرة والكبرى لهذه المشكلة وبات، على سبيل المثال، يربط ربطاً محكماً (وعن حق) بين وتائر موجات الحر في أوروبا والأعاصير المتزايدة في شمالي الأطلسي، وبين ارتفاع حرارة كوكب الأرض بسبب الملوثات الصناعية البشرية.

هذا الوعي سيتعزز بشكل نوعي في السنة الجديدة مع صدور التقرير الرابع للجنة تغير المناخ الحكومية. وهذه، كما هو معروف، هيئة دولية شكلتها الأمم المتحدة لدراسة حقيقة ما يجري في جو الأرض، ولنصح حكومات العالم حول أنجع السبل الكفيلة باحتواء الكارثة.

ويجمع الخبراء الذين واكبوا وضع التقرير، على أنه سيكون حتى أكثر تشاؤماً من التقارير الثلاثة السابقة. فهو سيكشف النقاب عن ان الجليد القطبي يذوب بسرعات فائقة، بعد ان تقلص بين عامي 2004 و2005 بنحو 14%، كما أن مستويات البحر ارتفعت بشكل غير عادي بسبب الزيادة في ذوبان مجلدات غرينلاند وغربي القطب. والخلل في توازن المياه الحلوة والمياه المالحة سيسفر عما قريب إلى اختلال موازين تيارات المحيط، وبالتالي إلى اندلاع الأعاصير والفيضانات الكبرى التي ستجتاح العديد من الجزر والمناطق الساحلية في العالم، إضافة بالطبع إلى الانهيارات الاقتصادية، وانتشار الأوبئة، والهجرات البشرية الجماعية، التي سترافق كل ذلك.

في أمريكا، التي تعتبر المصدر الأول في العالم لغازات الحبيسة، والدولة الصناعية الوحيدة (عدا أستراليا) التي رفضت التوقيع على اتفاقات كيوتو، يتخذ الوعي بمسألة المناخ شكل الطفرة المفاجئة والمثيرة. فقد أعرب معظم السياسيين الديمقراطيين عن استعدادهم للضغط كي تصدر الحكومة الفيدرالية قيوداً على انبعاث غازات الحبيسة. وسرعان ما لحق بهم عدد لا بأس به من الجمهوريين على رأسهم حاكم كاليفورنيا الممثل السابق أرنولد شوارزينجر، وبعض قادة الإنجيليين المسيحيين، وحتى بعض المحافظين الجدد الذين يريدون تقليص اعتماد أمريكا على نفط الشرق الأوسط.

هذه التطورات لا تعني أن الولايات المتحدة على وشك التحول من ldquo;الشيطان الأكبرrdquo; المهدد لبقاء الجنس البشري إلى ldquo;الملاك الأكبرrdquo; المنقذ له. ففي الميزان النهم الرأسمالي الأمريكي الدائم للأرباح والنمو الاقتصادي اللامحدود، والسيطرة الفعلية للشركات الكبرى متعددة الجنسيات على أصحاب القرار في البيت الأبيض، والصعوبات العلمية التجارية الفائقة لاستبدال طاقة النفظ والغاز الملوثة بطاقة أخرى نظيفة.

ومع ذلك، تحول قضية المناخ البيئية إلى قضية شعبية، سيربك على الأقل الرأسماليين واتباعهم السياسيين، وسيجبرهم على اتخاذ خطوات محددة، وإن محدودة في البداية، لتقليص سخونة الجو.

وحين تفعل أمريكا ذلك، ستجد الصين (التي ستحل بعد عشر سنوات مكانها بوصفها الملوث الأول في العالم) نفسها مدفوعة إلى تسريع إصلاحاتها البيئية، خاصة وانها بدأت هي الأخرى تدفع أثمان باهظة بسبب تضحيتها بأنهارها وجوها وتربتها على مذبح نموها الصناعي.

،2007 إذاً، سيكون بحق عام ldquo;تسييس المناخrdquo;. وهذا تطور جيد بالتأكيد، إلا إذا كان تغير المناخ وقع بالفعل وسبق حلول السياسة وتسوياتها. وهو أمر لا يريد أحد أن يفكر لا فيه ولا في مضاعفاته وهو يستقبل السنة الجديدة.

* * *

ماذا، أخيراً، ينتظرنا في 2007 في مجال العلوم والتكنولوجيا؟