خالد القشطيني

الشائع بين الناس أن سياقة السيارات تخرج بأسوأ ما في النفس البشرية من حدة ومشاعر. تسمعهم في الغرب يصفون المشاجرات وأحيانا العركات التي تجري بين سواق السيارات بأنها laquo;غضب المرورraquo;Traffic rage ، أو غضب السيارات .Car rage

الفكرة هي ان سائق السيارة عندما يتضايق من سلوك سائق آخر أو أي مستعمل للطريق يحتد ويتنرفز ويتشدد فينطلق بالسباب والشتائم عليه أو يزمر له أو يولع المصابيح تحذيرا له. تؤدي الحالة العصبية به أحيانا الى أن يوقف السيارة ويخرج منها لينهال بالشتم والتجريح على السائق المقصر، أو بالأحرى ما يعتبره مقصرا. ما أن يفعل ذلك حتى يرد عليه هذا الآخر بما يناسبه من جواب استفزازي والرد على المثل بالمثل. لا، لست أنا، بل أنت الحمار المقصر!

بالطبع كثيرا ما تؤدي هذه الملاسنة الجارحة الى التصادم بين الاثنين. يضرب أحدهما الآخر وتحصل مخانقة، أدت في بعض الحالات في الولايات المتحدة الى اخراج السلاح واستعماله بما أدى الى مقتل بعض مستعملي السيارات. بالطبع ما ان تحصل المخانقة أو المقاتلة حتى يضطر الركاب الآخرون في السيارة الى مساندة صاحبهم ويتحول الأمر الى معركة كاملة يشترك فيها عدة أشخاص وتسيل الدماء جزافا.

هذا ما يسمونه بـlaquo;غضب السياراتraquo;. فيقال ان سياقة السيارات والسير في الطريق عموما يؤديان الى تدفق أسوأ ما في النفس البشرية من نوازع.

كواحد ممن كثيرا ما ابتلوا بهذه المواقف أو السلوك فكرت بالأمر طويلا. تؤنبني زوجتي على عصبيتي وتقول: لماذا تزج بنفسك في هذه المناوشات وأنت عندك ضغط دم؟ فكرت بالأمر. أنا لست من الناس العدوانيين وأومن أساسا باللاعنف والتفاهم والمسالمة. لماذا أتعصب عندما يسيء سائق في سياقته أو يتجاوز أنظمة السير؟

الحقيقة أن غضب السيارات من اروع صفات البشر وتميز الإنسان عن الحيوان. فعندما تجد سائقا آخر يسيء السير ويخرق النظام تشعر أن من واجبك أن تنبهه الى خطئه وتحذره من نتائج سلوكه. فلربما يؤدي به ذلك الى صدم سيارته أو موته. النظام وضع لفائدته وحمايته. عندما تزمر له أو تضيء المصباح تنبهه الى خطئه. انه جزء من الالتزام الاجتماعي وحرص الإنسان على أخيه الإنسان. غضب السيارات سلوك اجتماعي تربوي لا يختلف كثيرا عن غضب الأب على ابنه عندما يسيء السلوك فينهره أو حتى يضربه تأديبا له.

وإذا كانت التربية تقوم على قاعدة laquo;العصا أو الجزرةraquo;، نجد مثل ذلك في عالم السيارات. فكما تفعل في تحذير الآخر بالتزمير له، تفعل في تشجيعه والامتنان له عندما يفعل شيئا حميدا، كأن يفسح لك المجال لتمر أمامه. يكون عليه عندئذ أن يولع مصابيحه الخلفية مرتين او ثلاثا بمعنى laquo;شكرا يا باشا!raquo;.

لا تقل laquo;غضب السياراتraquo; بل قل laquo;خوة السياراتraquo;.

www.kishtainiat.com