سعد محيو


ldquo;الشرق الأوسط هو مجرد سحابة صيف عابرة في النشاطات الخارجية الأمريكية، في حين أن التنافس العسكري الأمريكي مع الصين في المحيط الهادئ (الباسيفيك) سيحدد مسار القرن الحادي والعشرين، هذا إضافة إلى أن الصين ستكون خصماً أكثر خطراً بكثير على أمريكا مما كانته روسياrdquo;.

هذا ما يراه المحلل الاستراتيجي الأمريكي روبرت كابلان، ومعه ثلة من المفكرين الأمريكيين من كل الانواع: محافظون جدد وليبراليون قدماء، ديمقراطيون وجمهوريون، يساريون وليبراليون، أما لماذا هذا الإجماع النادر على حتمية الحرب الباردة بين الصين وأمريكا، فله أسباب عديدة في رأي هؤلاء:

البحرية الصينية باتت مستعدة للاندفاع إلى المحيط الباسيفيكي، وحين تفعل، ستجد نفسها سريعاً وجهاً لوجه مع البحرية وسلاح الجو الأمريكيين اللذين لن يكونا مستعدين للتخلي عن السيطرة على السواحل المطلة على البر الآسيوي، وليس من الصعب بعد ذلك تخيل النتيجة: تكرار لتلك العقود من الحرب الباردة، مع فارق أن مركز الجاذبية سينتقل من قلب أوروبا إلى السواحل الآسيوية التي كانت آخر منطقة حطت فيها قوات المارينز في الحرب العالمية الثانية.

في أية مواجهة بحرية، سيكون للصين ميزات تفاضلية على الولايات المتحدة، حتى ولو كانت بحريتها متخلفة عنها في مجال التكنولوجيا العسكرية، فهي تمتلك ميزة القرب الجغرافي، وفي حين أن الارهاببين يملأون الفراغ الأمني، تقوم هي بملء الفراغات الاقتصادية، وفي طول الكرة الأرضية وعرضها، من جزر الباسيفيك إلى منطقة قناة بنما مروراً بالدول الإفريقية، بدأ الصينيون يتحولون إلى أسياد النفوذ غير المباشر، من خلال إقامة مواقع دبلوماسية وجاليات رجال أعمال، والتفاوض على اتفاقات التجارة والمقاولات. وهكذا، فإن الصين بصعودها الاقتصادي والعسكري ومئات ملايين فلاحيها المتعلمين للمرة الأولى في التاريخ، تشكل التهديد التقليدي الرئيسي للامبراطورية الليبرالية الامريكية.

الحرب الباردة الثانية التي ستنشب بين الصين والولايات المتحدة في المستقبل قد تمتد لأجيال عدة، وهنا يحدد المحللون الامريكيون عاملين اثنين:

الأول، أن نظام التحالفات الذي كان قائماً خلال النصف الثاني من القرن العشرين، قد مات، فحلف الأطلسي اليوم مجرد جسر أمريكي لتوسيع العلاقات العسكرية الثنائية مع الدول والجمهوريات السوفييتية السابقة: المارينز في بلغاريا ورومانيا، والبحرية في ألبانيا، والجيش في بولندا وتشيكيا، والقوات الخاصة في جورجيا.

والثاني، أن حلف الأطلسي الباسيفيكي موجود وقائم وفعال، إنه القيادة الباسيفيكية الأمريكية المعروفة باسم ldquo;باكومrdquo;، هذه القيادة، التي لا تعيقها العقبات البيروقراطية في واشنطن، تفهم جيداً ما لا يفهمه الاعلام والسياسيون: مركز الجاذبية للاهتمامات الاستراتيجية الأمريكية بات موجوداً بالفعل في الباسيفيك وليس في الشرق الاوسط.

لكن، ما الخطط التي يخبئها ldquo;حلف الاطلسي الباسيفيكيrdquo; في جعبته للصين؟