فاتح عبدالسلام

حدثت مقارنات شديدة بين زيارات الرئيسين الامريكي جورج بوش والايراني محمود احمدي نجاد الي العراق. فقيل ان بوش يأتي سراً الي بغداد وقد لا يصلها مكتفياً بزيارة قاعدته العسكرية في محافظة الانبار وقد يزور المنطقة العربية كلها ولا يأتي للعراق أصلاً كما حدث آخر مرة.
علي حين ان نجاد أعلن زيارته منذ اسبوعين وحدد موعدها باليوم والساعة ولم يعمد الي التكتم والسرية . وقال انصار الفريق الايراني ان هذه نقطة تسجل لنجاد وتوضح مدي الاطمئان الايراني في العراق الجديد، ويري العراقيون ان هذه دليل واضح علي ان هناك ولاية ايرانية وليس ولاءاً في مراكز الحكم وفي بغداد ايضا التي اصبحت منظّفة و مطهرة من اي رمز للجيش العراقي السابق الذي ألحق بإيران هزيمة نكراء ما كانت لتتعافي منها لولا همجية النظام السابق في دخوله حرب الكويت ومواجهته غير المتكافئة والانتحارية مع الولايات المتحدة مع التذكير بأن من يحكم البيت الأبيض ليسوا ملائكة.
القياس علي السرية والعلنية ليس وحده ما يثبت مدي تقبل العراقيين للجانبين الامريكي أو الايراني أو رفضهما في العراق ذلك ان الزيارة العلنية لنجاد واجهت حرق العلم الايراني في مدن عراقية عدة لا تخضع لنفوذ امني حكومي أو لمليشيات مسلحة. وهي سابقة لم تحصل في تاريخ العراق الحديث عند استقبال اي زعيم زائر للبلد، فلم يهن علم دولته كما حدث خلال الزيارة.
أنا لا أؤيد حرق علم اي بلد لأنّ الرايات نتاج شعوب وليس حكومات ويجب ان لا ننساق وراء ما يبتدعه سياسيون جهلة في بغداد في اللعب بالعلم العراقي وجعله يميل حيث تميل النعرات الطائفية والعنصرية، فالرايات اكبر من الدول والحكومات والزعماء. فالعلم ليس بقيمة صورة زعيم أو شعار حزب.
غير ان جميع ما حصل في العراق خلال السنوات الخمس الأخيرة يؤكد ان الحكم في ايران لم يبد جهداً يعزز ثقة العراقيين به وكان رفع وتيرة العنف أو خفضها استناداً الي مؤشر المفاوضات مع الجانب الامريكي، ولم يكن للشعب العراقي مثقال ذرة في اهتمام المواقف الايرانية. ولو انقلبت الحالة وصححت ايران اخطاءها حتي بعد هذا النزيف لما أقدم عراقي علي حرق العلم الايراني أبداً وربما لرفعوه بمحبة الجار الي جانب علم بلادهم كما ينبغي ان يحصل بين الجيران.