اندي رويل

شهدت سنوات حكم الرئيس الأمريكي جورج بوش، تظاهرات ومسيرات من ملايين الأشخاص حول العالم، تندد وتحتج على سياساته الفاشلة ومظالم إدارته، ومثل الصحافي العراقي منتظر الزيدي، آخر هذه الاحتجاجات وأكثرها شهرة فقد قذف الزيدي بحذائه في وجه بوش صارخاً ldquo;هذه قبلة الوداع، أيها الكلبrdquo;.

والآن يعتبر الزيدي بطلاً في الشرق الأوسط وقد تسبب في إحداث نوبة شراء أحذية مشابهة لحدائه، وفي إنتاج لعبة على الانترنت تحقق صدى ضخماً وتدعى ldquo;الجوارب والرعبrdquo;.

والزيدي ليس هو الشخص الوحيد الذي قدم درساً لبوش، فثمة آخرين يسيرون على ذات النهج، ومنهم تيم دي كرستوفر.

في الأسبوع الفائت أنهى طالب الاقتصاد في جامعة ldquo;يوتاهrdquo; تيم دي كرستوفر، امتحاناته وخرج مسرعاً من باب القاعة، وبدلاً من أن يذهب للاحتفال مع زملائه بنهاية الامتحانات، توجه دي كرستوفر إلى مركز مدينة سولت ليك ldquo;عاصمة يوتاهrdquo; وفي مبنى غير مميز وسط المدينة كانت إدارة بوش تعقد مزاداً عاماً لتأجير أراض لشركات النفط والغاز. وكان هذا آخر مزاد تعقده إدارة الأراضي في حكومة بوش قبل أن تترك السلطة.

ومن أبرز الشخصيات التي تعارض بيع أو إيجار أراضي يوتاه، نجم هوليوود الممثل المعروف روبرت ريد فورد الذي يقول ldquo;إن أي شخص زار هذه المناطق والأراضي سيشهد بأن هذه الأراضي لا يوجد مثلهاrdquo;.

ويضيف: ldquo;هذه الأراضي ليست ملك بوش وتشيني إنها أراضينا ولا يوجد مكان على الأرض يجسد تناغم الجمال والطبيعة مثل هذه المناطقrdquo;.

عندما علم دي كريستوفر بأمر المزاد انتابه الرعب، لأنه كان مصمماً على إظهار معارضته لأنه كان يعتقد أن هذا المزاد غير قانوني، ولكنه عندما وصل إلى مكان المزاد لم يكن يدري ما الذي يجب عليه أن يعمله تحديداً، وتوجه نحو مبنى المزاد وشق طريقه وسط مجموعات من المتظاهرين حاملي لافتات المعارضة للمزاد.

وكان يشعر بأن عليه أن يفعل شيئاً أقوى من مجرد رفع لافتة معارضة وقال لنفسه ldquo;هذا النوع من الظلم يحتاج إلى مستوى أعلى من الإرباك والتشويشrdquo;.

وعندما أنهى الإجراءات الأمنية وسجل لدخول المزاد خطرت له فجأة فكرة أن يقوم بالمزايدة على الأراضي التي ستطرح للإيجار، وبالفعل بدأ في المزايدة بحذر وبطء، واندهش عندما وجد نفسه يربح المزايدات.

وربح دي كرستوفر إجمالاً مزايدات بقيمة حوالي 1،8 مليون دولار، في أكثر من عشر قطع طرحت للتأجير، بلغت مساحتها 22000 فدان، ولم يكتف دي كرستوفر بذلك، ولكنه بدأ يدفع لأعلى ويزيد أسعار قطع أراضي أخرى بأكثر من 500،000 دولار، ويقول كرستوفر ldquo;عندما بدأت أشتري كل قطع الأراضي في المزاد حدث هرج ومرج داخل الصالة، وعجز الناس عن مواصلة المزادrdquo;.

وإجمالاً ربح دي كرستوفر أكثر من 20% من المزاد قبل طرده منه، فعندما بدأ المزايدون يشتكون أوقف دي كرستوفر واعتقل، وتعرض للاستجواب من مكتب التحقيقات الفيدرالي، وقال نائب مدير إدارة الأراضي في يوتاه كينت هوفمان ldquo;لقد أفسد دي كرستوفر المزاد برمتهrdquo;.

وقد أفرج عن دي كرستوفر ولكنه يتوقع أن توجه إليه تهمة، وهو مستعد للذهاب إلى السجن، وقال ldquo;لقد قررت أن أكون أكثر تأثيراً عبر القيام بعصيان مدني، هنالك أوقات تستلزم اتخاذ موقف قويrdquo;.

ويجادل دي كرستوفر بأن خدعة المزاد الحقيقية هي أنه جرى ترتيبه على عجل وبسرعة هائلة من قبل إدارة بوش العرجاء، وبالنسبة لهذه الخاصية- خاصية السرعة والاستعجال- لا يمثل مزاد يوتاه حالة فريدة ففي الشهر الفائت، تحديداً في نوفمبر الفائت، وافقت إدارة بوش على السماح بالتنقيب عن النفط في الصخور الزيتية في مساحات تقدر بحوالي مليوني فدان في يوتاه، وكولورادو، ووايومينغ، وتعرضت إدارة بوش لانتقادات عديدة، لموافقتها المتعجلة على فسح الأراضي للحصول على النفط.

وفي أوائل شهر ديسمبر/كانون الأول ذكرت صحيفة ldquo;الاوبزرفرrdquo; عندما يحين وقت مغادرة بوش البيت الأبيض سيكون أصدر عدداً قياسياً مما يسمى بقوانين ldquo;منتصف الليلrdquo;.

ويطلق على مثل هذه القوانين قوانين منتصف الليل نسبة لطابع السرية الذي يحيط بها، وهذه القوانين ستجهد إدارة اوباما لأنها تحتاج لسنوات لإبطالها.

وفي أيامه الأخيرة في الحكم سن بوش عشرات القوانين واللوائح الجديدة التي تقلص أمن العمال، وتلوث البيئة، وتشجع على استخدام الأسلحة.

وبالطبع جاء رد الفعل على قوانين بوش السالفة، قوياً وينم عن صدمة وغضب كبيرين.

وأحد ردود الأفعال هذه، جاء على لسان مدير جودة البيئة في منظمة البيئة الطليعية ldquo;سيرا كلوبrdquo; إد هوبكنز الذي قال: الدافع الوحيد لبعض هذه القوانين هو جلب المصالح والمنافع للشركات التي خدمتها إدارة بوش.

وهذه القوانين تسمح للصناعة الأمريكية أن تواصل تلويث البيئة، في الوقت الذي تحاول فيه إدارة أوباما القادمة بدء عملية تنظيف طويلة لدنيا الأعمال والشركات الأمريكية.

وأثبت الرجلان ldquo;دي كريستوفر والزيديrdquo; أننا جميعاً نستطيع عن طريق القيام بأفعال، ولو صغيرة، إحداث فرق. وهذا يعتبر تفكيراً إيجابياً في هذه الأوقات المضطربة.