شملان يوسف العيسى

أول ضحايا الحرب الوحشية الهمجية الإسرائيلية في غزة هي حتماً مسيرة السلام في المنطقة ومستقبل دول الوسطية والاعتدال العربية، فالضربة الإسرائيلية للأبرياء في غزة عززت مفهوم مقاومة الاحتلال حتى النهاية الذي تدعو له quot;حماسquot; ومن يقف وراءها من دول عربية وإيران الإسلامية... كما أن الضربة هددت وربما أنهت إلى الأبد محاولات الرئيس الفلسطيني محمود عباس الداعية إلى الحوار والمفاوضات لحل القضية بدلاً من الحرب والقتل والدمار والإرهاب.

الإدارة الأميركية في موقفها المعلن الذي يدين quot;حماسquot; ويعتبرها هي المسؤولة عما يحدث في غزة، تخطئ مرة أخرى إذا كانت تتصور بأن العنف والقتل والاجتياح ضد الأبرياء في غزة سوف ينهي quot;حماسquot; والمقاومة في غزة، وربما تدفع بعد ذلك للمفاوضات مع منظمة التحرير والدول العربية المؤيدة لعملية السلام!

المفاوضات السلمية برعاية الولايات المتحدة أو الدول الأربع العظمى، أثبتت الأحداث عدم جدواها لأن إسرائيل لا تريد السلام ولا تؤمن به، بل تشجع التطرف والإرهاب في المنطقة. القيادة الإسرائيلية لا تؤمن فعلاً بقيام الدولة الفلسطينية، والدليل على ذلك هو اتصالات أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت التي تكررت وانبثقت عنها العديد من اللجان المشتركة، لكن لم يتغير شيء على الأرض، فإسرائيل وسعت مستعمراتها الاستيطانية واستمرت في اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية بقبول أميركي وصمت دولي.

الأمر المؤكد اليوم أن دماء الشهداء في غزة لن تذهب هدراً لأن quot;حماسquot; نجحت في تأجيج الشارع العربي وتفجير عملية السلام في الشرق الأوسط وأجهضت كل محاولات دول الاعتدال العربي لحل النزاع سلمياً.

التساؤل الذي يطرح هنا، ما علاقة دول الاعتدال العربية، بالاجتياح الإسرائيلي لغزة، وكيف يمكن أن يهتز موقف الدول العربية المعتدلة؟

إن جريمة إسرائيل وقصور وجهة نظرها بحصار غزة وتحويلها الى سجن كبير لأهله من قبل العدو الصهيوني، قد مهد الطريق أكثر لنجاح التطرف والتشدد الذي تمثله quot;حماسquot; ولهيمنتها على هذا القطاع بعد فشل السلطة الفلسطينية في إدارته.

إن رفض الفصائل الفلسطينية في غزة للتهدئة بينها وبين إسرائيل، قد مهد الطريق للاجتياح الدموي الإسرائيلي. الآن وقد ازداد عدد ضحايا الحرب العبثية غير المتكافئة، ونزح بسببها المئات إلى الأراضي المصرية هرباً من العدوان الإسرائيلي، مما يضع ضغوطاً إضافية على مصر، فإن رفضتهم قد يفسر المغرضون ذلك بأن مصر متواطئة مع إسرائيل ضد الفلسطينيين، وإن قبلتهم فذلك هو ما تريده إسرائيل أي تفريغ قطاع غزة من سكانه ليسهل احتلاله.

المظاهرات العربية الصاخبة في كل من مصر والأردن والكويت لم تأت من فراغ، بل هي تحرك شعبي تقف وراءه القوى المعارضة لعملية السلام في المنطقة ومدعمة من حركة quot;الإخوانquot;، لذلك نجد دول الاعتدال العربية تدعو إلى وقف الغارات وفك الحصار عن غزة.