طهران

شنّت صحف المعارضة الايرانية هجوماً على حكومة نجاد، بسبب فشل سياستها الاقتصادية التي ادت إلى انهيار العملة وارتفاع التضخم ونقص الوقود الناتج عن العقوبات الدولية، كما اتهمتها بحرمان الشعب الايراني من امواله وتوزيعها على الدول، لكسب ودها وصداقتها، ملمحة إلى ان زيارة نجاد للبنان كلفت المليارات وان الحملة الدعائية التي قام بها laquo;حزب اللهraquo; كلفت 600 الف دولار من اموال ايران. وأمنياً، سلطت المعارضة الضوء على تحرك الجماعات السنية المتطرفة في هذا الوقت بالذات، مشيرة إلى علاقة بينها وبين النظام وتنظيم القاعدة. من جانبها، قالت الصحف الايرانية ان اميركا خائفة من قدرة ايران العسكرية وانها تقول باستحالة الحل العسكري لملفها النووي، كما شنت هجوماً على موسكو التي ألغت صفقة صواريخ laquo;اس 300raquo; مع طهران، واعتبرتها شريكاً غير مطمئن.

في تصريح -ليس الاول من نوعه- أعرب الجنرال مايكل مولن رئيس قيادة اركان الجيش الاميركي لصحيفة كريستين ساينس مونيتور laquo;عن قلقه الشديد لتبعات اللجوء لأي خيار عسكري ضد ايرانraquo;، مؤكدا دعمه لاعتماد الحوار الدبلوماسي معها. وقد سبق لهذا الجنرال ان حث قيادة بلاده السياسية على مواصلة الحوار لحل المشكلة وشطب هذه الفكرة الجهنمية -أي الخيار العسكري- وكأنه يقول للساسة الاميركيين احذفوا هذا الخيار نهائيا، لانه يشكل كارثة للولايات المتحدة قبل غيرها.
هذه التحذيرات وفي هذه الظروف الحساسة الصعبة التي تمر بها بلاده -خاصة في ظل أوضاع قواته الصعبة في أفغانستان والعراق، اضافة الى الأزمات الاقتصادية والسياسية العاصفة- لم تكن اعتباطية، بل هي مدروسة ومتقنة لاتخاذ القرارات الصائبة والابتعاد عن المهالك.
وعندما يقطع الجنرال الاميركي الشك باليقين في اسقاط الحل العسكري والتأكيد على laquo;ان الشعب الايراني يواصل نهجه الذي رسمه لنفسهraquo;، فهو يوجه رسالة قطعية وفاصلة الى ساسة البيت الابيض بان ايران لا تتراجع عن قرارها وحقوقها في الاستفادة السلمية من الطاقة النووية، ولذلك عليهم دراسة خياراتهم الاخرى مع فرضية التعايش والتكيف مع ايران النووية واراحة اميركا من هذه العقدة.. وما يشير الى هذا المعنى استطراده في القول: انه تحدث بشأن ايران laquo;لفترة طويلة عن التبعات والعواقب غير المحتملة في اتخاذ القرار ضد ايرانraquo;.
لكن، وبما ان الجنرال مولن اميركي الولادة والمنشأ وخريج المدرسة العسكرية التي عجنت على روح المكابرة والهيمنة، فهو لا يستطيع اخفاء نزعته العسكرية وعقليته في اشهار سيفه وسطوته رغم علمه بعقمها امام ايران، لكنه يذهب ليبرر تهديده فيما اذا امتلك الايرانيون السلاح النووي، فان ذلك سيعرضهم للخيار العسكري الذي هو آيس وميؤوس منه.
لكننا نتساءل -يا حضرة الجنرال-: اذا كانت القوة النووية الاسطورية الايرانية ترهبك لهذا الحد، فلماذا لا توصي ساسة بلادك والغرب والدويلة الصهيونية بوقف المزيد من انتاج الاجيال الجديدة من الرؤوس النووية المدمرة للعالم؟ افلا تخشى ان تنفجر هذه الرؤوس في مخازنها يوما، سواء بعطل فني او بغضب الطبيعة، كما حدث ويحدث لمخازن السلاح الكلاسيكية في كل مكان. وعندها، هل تتصور الفواجع التي تحل على بلادك قبل غيرها؟!