سركيس نعوم

أجاب المسؤول العراقي المهم الذي سيصبح سابقاً (أو أصبح) رغم استمراره في موقعه النيابي والسياسي المهم عن سؤال: ما هو مشروع رئيس الوزراء نوري المالكي؟ قال: quot;مشروعنا مستقبلي. أما مشروع المالكي فهو ماضوي، أي مشروع صدام حسين، أي حكم الشخص الواحد الفرد، حكم ديكتاتوري يسيطر صاحبه على السلطة والامكانات المالية الضخمة للعراقquot;. علّقت: ما تقوله عن الداخل صحيح أو قد يكون صحيحاً في مجمله. لكنك تعرف ان العراق مثل لبنان ساحة وان شعوبه أو مكوّناته كما تسمونها ادوات في مواجهة ايرانية واستطراداً سورية مع السعودية ومصر والخليج عموماً والاردن. اذا لم تحصل تسوية بين ايران واستطراداً المجتمع الدولي فإن الساحة المذكورة أي العراق لن ترتاح. التسوية تريحها وتسمح لشعوبها أو لمكوّنات شعبها بالسعي الى تحقيق تفاهم في ما بينها على كل القضايا. بحسب اعتقادي فإن الحرب العسكرية بين اميركا وايران موجودة كاحتمال نظري. أما عملياً فإن التسوية بينهما أقرب منها الى الحرب. ايران لا تريد الآن تسوية شاملة ونهائية مع أميركا. علماً ان الاخيرة تريده. ما تريده هو تفاهم على تنظيم الاختلاف معها. أي التعاون حيث يمكن وحيث تفرض المصالح ذلك، وعدم الاصطدام وتالياً الانخراط في مواجهة مباشرة حيث لا اتفاق في انتظار quot;التسويةquot;.
ايران تريد استمرار وجود اميركا عسكريا في العراق وافغانستان لأنها لم تحقق بعد كل اهدافها التي سمح لها الاميركيون بتحقيقها من جراء احتلالها هاتين الدولتين، ولأن التدخل الاميركي في العراق يُبقي الادارة في واشنطن في حاجة الى مساعدتها (أي ايران) مباشرة أو مداورة. علّق على ذلك: quot;كنت في اجتماع مع نائب الرئيس الاميركي جو بايدن. طرحت اثناء الحديث ان التسوية بين اميركا وايران افضل من الحال الراهنة فقيل لي quot;انها تلوي ذراعنا ولن نسمح لها بذلك. فنحن قوة كبرى. وهي ربما لا تعرف ذلك تمام المعرفةquot;. على كل التسوية السلمية مع ايران ممكنة. كما ان التسوية معها بعد حرب عسكرية اميركية عليها ممكنة ايضاًquot;.
كيف ترى تطور الاوضاع في لبنان علماً ان اوضاع بلادك قد لا تترك لك او لغيرك من القادة مجالاً للاهتمام باوضاع دول اخرى وإن تكن شقيقة؟ سألت. أجاب: quot;نحن مع لبنان. ونريد ان نتفاهم معه. ونريد ان يتفاهم ابناؤه بعضهم مع بعض. في الخمسينات من القرن الماضي كان السياح والمصطافون العراقيون في لبنان يحتلون المرتبة الأولى من حيث العدد. وخلال الصيف الماضي كانوا ايضاً الرقم واحد في لبنان عدداً. كان هناك في الماضي اعمال بين العراقيين واللبنانيين وشركات. ورؤوس الاموال العراقية التي تدفقت على لبنان كانت ضخمة وربما لأن اصحابها لم يرتاحوا في الغرب. ذهبت غالبية رؤوس الاموال هذه في البداية الى الاردن. لكن اصحابها لم يرتاحوا ايضاً لأسباب عدة. منها ان الحصول على الاقامة الرسمية في هذه الدولة الشقيقة كانت تلزمه ضمانات تقارب قيمتها مئة وخمسين الف دولار اميركي للشخص الواحد. ومنها ايضاً ان الاردن رغم انفتاحه الاقتصادي بلاد محافظة جداً. ومنها اخيراً اسباب اخرى لا تقل أهمية لكن لا ضرورة لذكرها حرصاً على العلاقات بين البلدين الشقيقينquot;.
علّقت: quot;لبنان والعراق متشابهان. لكن بينهما اختلاف جوهري في الوقت نفسه. اذا اختلف اللبنانيون أو الشعوب اللبنانية فان احتمالات انتهاء الوطن اللبناني والدولة اللبنانية كبيرة. اما العراق فلديه رغم تنوع مكوِّناته وتناقضها غالبية معينة وثروة ضخمة جداً ونفط. وهو رغم مروره بحالات نفوذ خارجية مثل النفوذ الايراني منذ سقوط نظام صدام حسين لا يمكن ان يكون مدى حيوياً لأي من جيرانه ذلك لانه بلاد كبيرة فضلا ًعن امكاناته الضخمة المشار اليها اعلاه. اما لبنان فهو مدى حيوي لجهة معروفة جداً وهي لا تستطيع ممارسة دور أكبر من حجمها ولا المحافظة على quot;أوضاعهاquot; الا من خلال السيطرة عليه. رد المسؤول المهم الذي سيصبح سابقاً (أو أصبح) نفسه: quot;التقيت في لبنان رئيس الوزراء سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، وطلبت منهم تخفيف بعض القيود كي يتمكن المستثمرون العراقيون من العمل في لبنان بأمان وحرية، وكي تتدفق رؤوس اموالهم عليه. وقد تجاوبوا مع مطلبي هذا. التقيت في لبنان ايضاً السيد حسن نصر الله الامين العام لـquot;حزب اللهquot; قبل تأليف الحكومة الحالية وسمعت منه كلاماً يفيد انه يريد ان يكون سعد الحريري على رأس الحكومة التي كانت تجرى مشاورات لتأليفها. ذهبت الى سعد وابلغت اليه ذلك. كما دعوناه (أي الرئيس الحريري) الى زيارة النجف الاشرف، وهناك قابل المرجع الاعلى للشيعة آية الله السيستاني. وعندما زرت بيروت بعد ذلك زرت السيد نصر الله وتحدثنا عن الزيارة المذكورة للحريري. وفهمت منه انه ظن انني حصلت من ايران على ضوء أخضر لإتمام هذه الزيارة من دون علمهquot;. علّقت: ان ما تقوله عن الوضع الداخلي في العراق صحيح لكن مهما فعلتم لن تفلحوا أي لن تحققوا الاهداف المرجوة وأهمها عودة الاستقرار الى بلادكم واعادة بنائها مؤسسات ودولة وأجهزة واقتصاداً ومجتمعاً ونظاماً وبشراً وما الى ذلك، اذا بقي الصراعان الاقليمي ndash; الاقليمي والاقليمي ndash; الدولي محتدمين في الشرق الأوسط. لماذا لا تذهبون الى ايران حليفتكم وعمقكم كما صنفتها وتحاولون اقناعها بـquot;التسهيلquot; بعض الشيء؟ سألت. بماذا أجاب؟