عبدالمحسن حمادة
بعد احتلال العراق تمكنت ميليشيات عراقية تدربت في ايران من ملء الفراغ الذي نجم عن حل الجيش العراقي، والاجهزة الامنية. لقد تعاونت هذه الميليشيات مع جيش الاحتلال وحاربت المقاومة العراقية تحت مسميات محاربة الارهابيين والوهابيين والتكفيريين حتى مكنت المحتل من ترسيخ أقدامه في العراق. لذلك يؤكد القادة الايرانيون انه لولا التعاون الأميركي الايراني لما سقطت كابول وبغداد. مما يؤكد ان هناك اتفاقا مسبقا بينهما. لقد التقت مصالح حكام ايران مع مصالح المحتل لتفكيك العراق وتمزيقه الى طوائف متعادية يحارب بعضها بعضا، لإضعافه واشغاله عن مقاومة المحتل. ويقال ان فرق الموت التي قتلت علماء العراق وقادة الجيش معظمهم جاء من ايران. لقد زار الرئيس أحمدي نجاد العراق تحت حماية الجيش الأميركي، وذهب الى المنطقة الخضراء معقل قوات الاحتلال وجواسيسه. وفي الوقت نفسه ترفع ايران لواء العداء لأميركا والصهيونية العنصرية. ورفعت الشعارات المعادية لأميركا والصهيونية مثل: الموت لأميركا، وانها هي الشيطان الأكبر والصهيونية واسرائيل الى زوال. واستطاعت بهذا العداء المعلن لأميركا ان تخدع وتستقطب كثيرا من أحرار العالم المعادين للسياسات الأميركية. وانقسم العرب تجاه السياسة الايرانية الى فريقين، فريق يمجد السياسة الايرانية لأنها تساعد حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل، ويتغاضى عن مواقفها السيئة في العراق، وفريق يرى انها شديدة الخطورة على الامن القومي العربي.
لقد كان مجيء المالكي لرئاسة الوزراء ثمرة لهذا التعاون الأميركي الايراني. وقف هو والحزب الذي ينتمي اليه في ثمانينات القرن الماضي الى جانب ايران في الحرب الدائرة بينها وبين العراق. وقاموا بعمليات ارهابية في دول الخليج كخطف الطائرات وقتل الركاب وتفجير المقاهي والأماكن الحيوية والشعبية لقتل المدنيين وتدمير المنشآت الحيوية نصرة لايران. وبعد الاحتلال جاءوا الى حكم العراق بمساعدة من الاحتلال لينفذوا مخططاته في تفكيك العراق وتجزئته الى طوائف متعادية منقسمة على نفسها. جاءوا للحكم تحت مسميات حزبية طائفية مسلحة، لها اعلامها الخاصة وشعاراتها التي ترددها وترفعها في المناسبات اظهاراً للقوة وتخويفا للآخرين. تسببوا بنشوب حرب اهلية ذهب ضحيتها آلاف الابرياء. واثبتوا فشلهم في ادارة الدولة الحديثة، حيث تخلف العراق وانتشر فيه الفساد والطغيان وكثرت محاولات طمس هويته العربية. وكشفت وثائق ويكيليكس بعض الفضائح ومظاهر الفساد في حكومة المالكي، ودور ايران في العراق والاحتلال الأميركي.
لهذا حاول العراقيون في الانتخابات الأخيرة ان يحدثوا تغييرا حتى لو كان جزئياً ليمهد الى ظهور دولة عراقية موحدة، تقضي على الفساد والانحراف في السلطة والمحاصصة الطائفية العرقية التي أنهكت العراق. وبالفعل استطاع بامكاناته البسيطة المحدودة أن يتفوق على القائمة التي يرأسها المالكي، بالرغم مما يملك من سلطة ومال واعلام وجيش ومخابرات. ولكنه رفض هذه النتيجة وتشبث بالسلطة، فاستطاع من خلال اثارة النعرات الطائفية والعرقية وبمساندة النفوذين الايراني والأميركي ان يفرض اعادة انتخابه لحكم العراق. ليقضي على أمل العراقيين في تأسيس العراق القوي الموحد. فهل بامكان الشعب العراقي أن يعيد الكرّة مرة أخرى ليقضي على رموز الفساد؟
التعليقات