بغداد - عثمان ميرغني

منصب السفير الأميركي في بغداد ليس منصبا عاديا بالمعايير الدبلوماسية، نظرا إلى طبيعة الوجود الأميركي في العراق منذ الغزو قبل سبع سنوات. وربما يفسر هذا الوضع قيام واشنطن ببناء أضخم سفاراتها حول العالم في بغداد، من حيث تكلفتها وحجمها وعدد العاملين فيها. فهذه السفارة أكبر ست مرات من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، وتعادل مساحتها مساحة 80 ملعبا لكرة القدم، وتتسع لألف شخص، وفيها مجمعات سكنية وأسواق ومطاعم ومدارس لخدمة العاملين وأسرهم داخل حصن آمن تكلف مبالغ تقدر بنحو 700 مليون دولار.
السفير الأميركي كريستوفر هيل يستعد حاليا لمغادرة موقعه في بغداد الذي تسلمه في أبريل (نيسان) الماضي بعد أن أعلن قبل أيام عن تسمية الرجل الذي سيخلفه في المقعد الساخن وسيتولى بدلا منه مهمة الإشراف الدبلوماسي في مرحلة انسحاب القوات الأميركية من العراق، وهو الدبلوماسي جيمس جيفري. وتابع السفير هيل مرحلة الانتخابات العراقية التي أفرزت وضعا معقدا، لم يسفر حتى الآن عن اتفاق على رئيس الوزراء المقبل، أو شكل الحكومة التي ستكون بالضرورة ائتلافية.

laquo;الشرق الأوسطraquo; التقت السفير هيل في لندن قبيل عودته إلى بغداد نهاية الأسبوع الماضي وأجرت معه حوارا تناول أزمة تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، ومهمة جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية في بغداد، وما إذا كانت واشنطن تطرح حلا معينا، والدور الإيراني، والاستعدادات لسحب القوات الأميركية في نهاية أغسطس (آب) المقبل في عملية ستكتمل حسب ما هو مقرر في ديسمبر (كانون الأول) 2011 بانسحاب آخر جندي أميركي. وفيما يلي نص الحديث:

* أربعة أشهر تقريبا انقضت منذ الانتخابات العراقية، وحتى الآن لا يوجد اتفاق حول من سيكون رئيس الوزراء المقبل أو شكل الحكومة القادمة. إلى أين يقود هذا الوضع وما هي تأثيراته على مستقبل العملية السياسية في العراق؟

- أولا، هناك حكومة موجودة ورئيس وزراء لا يزال يمارس عمله، وبالتالي فإن الخدمات التي تقوم بها الحكومة مستمرة، مثلما أن المسائل الأمنية تتم معالجتها. أما سؤالك فهو يشير إلى حاجة العراق لتشكيل حكومة جديدة بعد هذه الانتخابات.

هناك محادثات جارية بين الكتل السياسية، وأعتقد أن ما نجم عن هذه المحادثات هو أنه لا بد أن تكون هناك حكومة جامعة يشارك فيها السنة والشيعة والأكراد. هذا أمر متفق عليه بين الجميع. المشكلة هي حول من يكون رئيس الوزراء، ومن يكون نائبه، ومن يكون رئيس البرلمان، ومن يكون رئيس الجمهورية؟ هذه هي القضايا التي يدور حولها النقاش، وأعتقد أن الشعب العراقي يريد أن يرى حلا لهذه القضايا لكي يتحرك البلد إلى الأمام.

* ما هو دوركم في إيجاد مثل هذا الحل؟

- لدينا اتصالات مستمرة مع كل الأطراف، ونقوم بنشاط كبير، لكنه نشاط ضمن الأصول الصحيحة. فنحن لا نسيء استخدام مركزنا، ونحترم سيادة العراق، ونحترم حقيقة أن الحكومة العراقية يجب التفاوض حولها والتوصل إليها بالمفاوضات بين العراقيين أنفسهم. لكننا أوضحنا للسياسيين العراقيين الحاجة إلى تنحية طموحاتهم الشخصية والتصدي للمسألة الملحة المتمثلة في أهمية تشكيل حكومة سريعا.

* عقد جيفري فيلتمان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية سلسلة لقاءات مع مختلف القوى السياسية في العراق، ولقد تحدثت أنت في ردك على السؤال السابق عن الخطوط العريضة والحاجة إلى اتفاق بين الأطراف، لكن هل هناك أفكار محددة لدفع الأمور إلى الأمام؟ لا بد أن لديكم مقترحات محددة.. هل لديكم مقترحات؟

- ليس هناك مقترحات تأتي من خارج العراق أو مقترحات يمكن النظر إليها على أنها آتية من خارج العراق. بالطبع هناك مقترحات كثيرة يسمعها المرء في بغداد، لكننا لا نعتقد أن دورنا تقديم مقترحات. والواقع أن مساعد وزيرة الخارجية فيلتمان لم يأت بأي مقترحات في حقيبته، إطلاقا لا، وأعتقد أننا أوضحنا ذلك في بيان من السفارة. ما نحاول القيام به هو العمل مع الأطراف للتأكد من أن لديهم أيضا الإحساس ذاته الذي لدى شعبهم في أهمية الاستعجال بتشكيل الحكومة. إنها ليست عملية سهلة، ومن الضروري إدراك أن هذه الانتخابات الديمقراطية التي جرت بشكل جيد أفرزت نتيجة جاءت فيها الأحزاب متقاربة في النتائج. وأعتقد أن منطق هذه النتيجة يؤكد أهمية أن تقترب هذه الأطراف من بعضها البعض لتشكيل حكومة.

* التقارير متضاربة من بغداد، فقد ذكر مسؤولون من القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي مثلا أن فيلتمان اقترح نوعا من التناوب في رئاسة الحكومة؟

- كلا، السيد فيلتمان لم يأت بمقترح كهذا أو بأي مقترح. لقد جاء لكي يسمع ويتعلم، ولكي يتشاور مع سفارتنا ويلتقي المسؤولين العراقيين، وأي مقترحات من هذا القبيل يجب أن تأتي من العراقيين وليس من الأجانب.

* أيضا أعلنت قائمة علاوي أنها أبلغت الطرف الأميركي برفضها لأي تناوب وبتمسكها بحقها في تشكيل الحكومة. ما هو الوضع بالتحديد؟

- هل تسأل ما إذا كانت القائمة العراقية أبلغتنا بموقفها.. إذا كانوا قد صرحوا بموقفهم لنا فهو الموقف ذاته الذي أبلغوه لأعضاء قائمتهم. وأؤكد مرة أخرى أن الولايات المتحدة لا تقوم بوساطة في أي اتفاق، ما نفعله هو تشجيع laquo;العراقيةraquo;، وتشجيع laquo;دولة القانونraquo; وتشجيع الأكراد لكي يتوجهوا نحو بعضهم البعض، لا أن يأتوا إلينا، لتحريك الأمور قدما.

* هل ترون أن التحالف بين laquo;دولة القانونraquo; وlaquo;الائتلاف الوطني العراقيraquo; أدى إلى تغيير المعادلة فيما يتعلق بمن يحق له تشكيل الحكومة؟

- أعتقد أن العراقيين عليهم معالجة هذا الأمر بأنفسهم. مسألة التحالف بين laquo;دولة القانونraquo; وlaquo;الائتلاف الوطنيraquo;، وما إذا كان يعتبر أكبر كتلة برلمانية وفقا لمقتضيات الفقرة 1 من البند 76 (من الدستور) هي أمور يجب على العراقيين أنفسهم التوصل إلى اتفاق بشأنها. ليس دورنا أن نقوم بذلك.

* لقد ذكر اسما عادل عبد المهدي وإبراهيم الجعفري كمرشحي تسوية لمنصب رئيس الوزراء، هل لديكم علم بمثل هذا الاقتراح؟

- أعلم أن الصدريين اقترحوا اسم الجعفري، وأشخاص من دوائر الحكيم طرحوا اسم عادل عبد المهدي، وأعلم أيضا أن ائتلاف دولة القانون طرح بالتأكيد احتفاظ رئيس الوزراء (المالكي) بمنصبه. المواقف باتت معروفة، والسؤال في بغداد الآن ما إذا كان التكتلان الشيعيان سيتوصلان إلى اتفاق حول اسم مرشح واحد.

* هل تؤيدون مرشح تسوية؟

- ليس لنا أن ندعم اسما معينا أو شخصية للتسوية. إننا سندعم الائتلاف أو التكتل العراقي الذي سيتوصل إلى اتفاق ويشكل الحكومة في وقت قريب. ولا بد أن أشدد على أننا نريدهم أن يتفقوا على حكومة سريعا لا لأجل مواعيدنا نحن، ولكن لأن الشعب العراقي يريد رؤية حكومة قريبا، فهو لم ير تشريعات جديدة أو نقاشا برلمانيا نشطا منذ أشهر، ونعتقد أن العراقيين يتوقون إلى ذلك، ونشجع السياسيين العراقيين لكي يتجاوبوا مع هذه الرغبة، ليس من أجلنا نحن، وليس لأجل مواعيدنا (في إشارة إلى قرب موعد بدء سحب القوات الأميركية في أغسطس المقبل).

* أعلن إياد علاوي قبل أيام أن الأميركيين أبلغوه عن مخطط لاغتياله، كما أن المالكي تحدث سابقا عن مخطط لاغتياله. ما هي معلوماتكم عن مخططات الاغتيال؟

- ليس لدي معلومات أدلي بها عن مخططات الاغتيال. بالطبع إنه من مسؤولية قوات الأمن العراقية توفير الحماية اللازمة لكل الشخصيات العراقية، وواثق أن هذا هو ما يحدث. لكن ليس لدي رأي مستقل حول هذه المسألة (مخططات الاغتيال).

* لكن التحذير من مخطط الاغتيال جاء من الولايات المتحدة؟

- لا علم لي بذلك. بالتأكيد لا علم لي بذلك، وبالتالي كل ما يمكن أن أقوله لك هو أنني لا أعلم. لم تأت المعلومات من السفارة، أستطيع أن أؤكد لك ذلك.

* قلت في مقابلة سابقة إن laquo;هيئة المساءلة والعدالة العراقيةraquo; التي أعلن عنها كبديل لـlaquo;هيئة اجتثاث البعثraquo; لم تشكل رسميا من قبل البرلمان السابق، هل يعني ذلك أن ما قامت به هذه الهيئة أثناء العملية الانتخابية لم يكن شرعيا؟

- لقد كانت لدينا مخاوف في ذلك الوقت من شفافية هذه الهيئة، وكيف أنها برزت في أثناء الحملات الانتخابية. لقد كان هناك بيان من الرئاسة العراقية أعربت فيه علنا عن مثل هذه المخاوف، وأعلم أن مخاوفها تمت معالجتها، وبالتالي فإنني أتفق مع الرأي بأن كل العمل الذي تم القيام به كان في إطار القانون.

* هل يتم استغلال الفراغ السياسي الحاصل الآن من قبل قوى خارجية؟

- بداية لا أريد أن أقبل بالفرضية في سؤالك حول أن هناك فراغا سياسيا، لكنني أقول إن هناك قوى خارجية تعتقد أن هناك عراقيين يتعرضون لتدخلات من جيرانهم. إننا نحث كل تلك الدول لكي تفهم أن أفضل فرصة لعلاقات جيدة مع العراق تكمن في احترام سيادة العراق، ونأمل أن تقوم بذلك.

* ماذا تقول للذين يرون أن أميركا قدمت العراق في طبق من فضة لإيران؟

- هل يقولون إننا قدمنا العراق في طبق من فضة لإيران؟ إننا نؤمن بأن العراق ديمقراطية ناشئة، وإنه بلد شامخ ومستقل وذو سيادة. ونؤمن بأن العراق لديه منفذ نحو المجتمع الدولي ومنفذ نحونا، ونرى أنه ستكون لديه علاقات أفضل ليس فقط في أوروبا بل أيضا في الشرق الأوسط حيث رأينا عددا من الدول ترسل دبلوماسيين بارزين للعمل في بغداد. لذلك نعتقد أننا نرى أمامنا بلدا يتغلب على إرث من العزلة، وبلدا يتخطى الديكتاتورية وبالتأكيد يتجاوز الانعكاسات الرديئة للإرهاب. فإذا كان هناك من يعتقدون أننا سلمنا العراق لإيران فهم مخطئون بلا شك.

* إيران تواجه الآن عقوبات مشددة، هل تعتقد أن هذا الأمر سيدفعها إلى تدخل أكبر في العراق؟ هل تتوقع زيادة في أعمال العنف؟

- لا أعلم. عليكم سؤال الإيرانيين حول كيف سيكون رد فعلهم على العقوبات المشددة. أتمنى أن يكون رد الإيرانيين هو أن يفهموا أن برنامجهم النووي لا يمكن أن يتحقق، وأن برنامجهم لسلاح نووي لا يمكن قبوله. أعتقد أن إيران لديها مصلحة في علاقة جيدة مع العراق، إذ لم تكن لديهم علاقات جيدة في السابق.

إذا نظرت إلى استطلاعات الرأي في العراق ستجد أن هناك رفضا واسعا للتدخل الإيراني، ولذلك أرى أن على إيران أن تنظر إلى سياساتها وأن تقرر ما إذا كانت هذه السياسات تتماشى مع مسألة إقامة علاقة إيجابية بعيدة المدى مع العراق. الولايات المتحدة لا تعارض علاقة بين إيران والعراق، لكن هذه العلاقة يجب أن تقوم على احترام السيادة.

* هل هناك احتمال لقيام إيران باستخدام العراق كممر لكسر العقوبات الدولية؟

- لا أعتقد ذلك، بل أرى أن العراق لديه التزام كعضو في الأمم المتحدة للالتزام بالعقوبات الدولية. ولا شك أن العراق لديه مصلحة كبرى في تجاوز إرثه في العزلة الدولية، وأول ما يتوجب القيام به لتجاوز هذا الإرث هو احترام قرارات مجلس الأمن الدولي.

* بما أن موعد بدء سحب انسحاب القوات الأميركية يقترب، هل ترى أنكم تتخلون عن العراق في وقت صعب؟

- سيكون لدينا قوات في العراق (بعد 31 أغسطس المقبل). ما سيحدث ليس هو إنهاء وجود القوات، وإنما خفض عددها وإنهاء دورها القتالي فيما عدا مهمات مكافحة الإرهاب والمشاركة في عمليات مع العراقيين.

* وفقا لما هو معلن سيبقى 50 ألف جندي أميركي في العراق بعد 31 أغسطس.

- ستكون هناك وحدات قوية مهمتها تقديم الاستشارة والمساعدة للجيش العراقي والتأكد من أنه يتحسن باستمرار ويبني قدراته التي يحتاجها لحماية حدوده.

* أجبت على السؤال بشكل دبلوماسي، لكن مع تحديد نهاية ديسمبر 2011 موعدا لسحب آخر القوات الأميركية من العراق، ماذا ستفعلون لو تدهور الوضع الأمني قبل الانسحاب؟ لا بد أن لديكم خططا جاهزة للطوارئ.

- لا أتعامل مع التخطيط المتعلق بالطوارئ، والناس الذين يتعاملون مع هذا الجانب لا يتحدثون، وبالتالي لا علم لي بهذا الأمر. ما أستطيع قوله لك هو أننا سنفي بالتزاماتنا وفق الاتفاقية الأمنية مائة في المائة. هذه الاتفاقية الأمنية ستنتهي بنهاية عام 2011، وستنتهي بعدها شرعية وجود القوات الأميركية في العراق، وسنغادر في الموعد حسب ما أعلن الرئيس (أوباما) في عدد من المناسبات. سنفي بالتزامنا نحو قائدنا الأعلى، وأيضا لتنفيذ اتفاقيتنا مع العراق.

قلت إن ردي كان دبلوماسيا، لكنه ليس مجرد كلام دبلوماسي. فنحن نريد أن يعلم الشعب العراقي أنه عندما تكون لحكومته اتفاقية معنا فإننا سننفذ وسنلتزم بالاتفاقية. ونؤمن بأن هذا أفضل السبل لضمان أن تكون لنا العلاقات طويلة الأمد التي تريدها البلدان. فشعبهم يحتاج أن يعرف أن الأميركيين يلتزمون بكلمتهم.

* بالطبع أنت عندما تقول سنغادر العراق تماما، فإنك تقصد أنكم ستغادرون عسكريا.

- نعم عسكريا، فهذا هو ما تنص عليه الاتفاقية الأمنية. لدينا أكبر سفارة في العراق، ومبانيها باقية ولن ترحل، سنستمر في الحفاظ على بعثة دبلوماسية كبيرة جدا في العراق، وسيكون لنا وجود خارج بغداد أيضا.

* هل ستحافظون على أي قواعد عسكرية في العراق؟

- قواتنا العسكرية موجودة في العراق وفقا للاتفاقية الأمنية، فهذا هو الإطار القانوني لوجود قواتنا هناك، وعندما تنتهي هذه الاتفاقية ستكون قواتنا خارج العراق. هذا كل ما سأقوله حول هذا الموضوع لأن هذا هو كل ما أعرفه.

* كيف ترى إرثكم في العراق بعد سبع سنوات من الغزو؟

- لقد كانت سبع سنوات صعبة جدا منذ الغزو، لكنني أعتقد أن العراق بات في مسار أفضل. أعتقد أن لدينا الآن ديمقراطية ناشئة في المنطقة، وهي ديمقراطية أرى أن على المنطقة الترحيب بها ورعايتها. أعتقد أننا خلقنا، أو بالأحرى ساعدنا، عبر جهودنا المشتركة مع العراقيين للتخلص من صدام، في إيجاد ظروف لبروز عنصر مستقر، ومزدهر اقتصاديا لا يجب أن يخافه أحد في المنطقة. فعراق مستقر ومزدهر وديمقراطي يعتبر عنصر سلام في الشرق الأوسط بدلا من العراق غير المستقر وغير الديمقراطي وغير المزدهر في عهد صدام حسين.

العراق يحتاج إلى تجاوز إرثه من العزلة خصوصا من جانب الدول العربية الأخرى، ولذلك ساعدنا في التوضيح للدول العربية الأخرى أن الطريق للتصدي للنفوذ الإيراني لا يكون بالبقاء بعيدا عن العراق بل بالمجيء إليه ومد يد الصداقة والعمل مع العراقيين وتأكيد أن مستقبل العراق يكمن في الاندماج الصحيح في المنطقة والعالم.

* أشار تقرير نشر أخيرا إلى أن أميركا تترك في العراق إرثا من المواد الملوثة والسامة الناجمة عن رمي نفايات ومخلفات معدات القواعد الأميركية هناك وبعض هذه المخلفات سام. ماذا تقول عن هذا الأمر؟

- في أي مرة تكون هناك قاعدة عسكرية، ونحن لدينا نحو 500 قاعدة في العراق، ويكون هناك مثل هذا العدد الكبير من القواعد، ستكون هناك كميات مما يسمى بالمخلفات السامة. وقواتنا لديها خبرة كبيرة في التعامل مع هذا الأمر عندما نقوم بتسليم القواعد للدولة المضيفة سواء كان ذلك في ألمانيا أو في كوريا أو مثلما هو الحال الآن في العراق. إننا نحتاج أن نضمن أن هذه المخلفات السامة يتم التعامل معها بشكل سليم، وإذا كانت هناك تقارير بأن ذلك لا يحدث بشكل سليم فإننا نتابعها حتى نضمن أنها تتم بالشكل الصحيح. لدينا التزام كبير في أن نترك هذه الأماكن مثلما وجدناها، ونحن نفهم هذا الالتزام، وسنستمر في متابعة الأمر.

* قلت في لقاء سابق إن أفضل الأيام في العراق ستأتي، متى سيحدث ذلك؟

- إن شاء الله. أرى أن العراق كان لديه تاريخ مضطرب، ولا شك في ذلك، بسبب الديكتاتوريات والإرهاب والعزلة. وأعتقد أن لدينا القدرة الآن على معالجة هذه المشكلات الثلاث، وبدء عهد جديد. ولا شك أنني أرى أن الأفضل سيأتي، ولكن هذا سيعتمد إلى حد ما على الاختيارات التي سنقررها، وعلى الاختيارات التي سيحددها جيران العراق فيما يتعلق بمدى الترحيب به في المنطقة وضمان أن لا يكون العراق معزولا مرة أخرى. الأمر ليس مختلفا عما يحدث للإنسان، فأنت إذا عزلت شخصا ما فإن هذا الشخص سيتصرف أحيانا أسوأ مما كان في السابق. لذلك أعتقد أنه من المهم لدول المنطقة أن تمد يدها للعراق، وأعتقد أننا يمكن أن نكون جزءا من هذه العملية من حيث إقناعهم بأن العراق ليس تهديدا لجيرانه.

* هذا المثال الذي استخدمته في تأثير العزلة على شخص ما وكيف أن ذلك سيجعله يتصرف بشكل أسوأ، هل ينطبق هذا الأمر على إيران وتوقعاتكم لانعكاسات سياسة عزلها؟

- الإيرانيون كانت لديهم سنوات للتعامل مع أسباب قلق المجتمع الدولي بخصوص برنامجهم النووي، ولسبب ما فإنهم اختاروا تجاهل المجتمع الدولي. إن الدول التي اتفقت على هذه العقوبات لم تتوصل إلى قرارها بسهولة، بل درست الأمر جيدا وناقشته على مدى سنوات. وبالتالي فإن الأمر يعود للإيرانيين وما إذا كانوا يريدون أن يفهموا المطلوب منهم.

* تغادر منصبك قريبا بعد نحو 14 شهرا فقط، ما السبب؟ هل هو عدم الرضا من الوضع في العراق، أم أن هناك خلافات حول السياسة في واشنطن؟

- جئت إلى بغداد في أبريل 2009 لفترة خدمة تستمر سنة واحدة منذ ذلك التاريخ، واخترت أن أبقى أطول من سنة بحيث تستمر خدمتي حتى نهاية صيف 2010.

إنني أتطلع لتعاون وثيق مع خلفي لضمان انتقال سلس في السفارة الأميركية، وللتأكيد على استمرار التزام أميركا بعلاقة طويلة الأمد مع العراق تقوم على الاحترام المتبادل، والترويج للديمقراطية والرخاء والأمن في العراق، ولدعم هدفنا المشترك في الاستقرار في المنطقة ككل.