محمد صادق دياب

الرسائل التي يبعثها اللاعبون من المونديال في بداية كل مباراة لمناهضة العنصرية، من قلب البلد الذي شهد أبشع ألوانها في مرحلة من تاريخه (جنوب أفريقيا)، تمنيت لو وجدت من بين عشاق الكرة من اهتم بأمرها، أو ناقش في جلساته أهدافها وأغراضها، وأخشى أن تكون تلك الرسائل قد مرت دون أن يتنبه لها بعض فئات الشباب حول العالم، التي أفسدت عوامل التربية في بعض الأسر والمجتمعات صفاءها ونقاءها وبراءتها، فليس ثمة جنون يمكن أن يبلى به الإنسان أكثر من أن يصاب بلوثة العنصرية.

ثمة حد فاصل بين العنصرية والاعتداد بالذات، فالإدراك الواعي للذات لا يبنى على انتقاص الآخر، والمجتمعات التي تفشل مؤسساتها التربوية والقضائية في نزع فتيل العنصرية مجتمعات تنثر بذور الشقاء، والصراعات، والفتن في مشتل أيامها الآتية، وتفرحني كثيرا المحاولات التي تبذلها بعض الأسر في تنشئة صغارها على احترام الآخر، وأعرف أسرا زودت أبناءها بكتب عن الحضارات التي تنتمي إليها العاملة المنزلية والسائق، وما تتميز به تلك الدول من ثقافات، ومنجزات إنسانية وحضارية، فالمعرفة بالآخر من شأنها أن تقود إلى احترامه، وكم أعجبت بذلك الأب الذي زرت غرفة طفلته ذات يوم، فوجدت عددا من الدمى، تمثل عددا من الأجناس والألوان، يعيشون في سلام بالقرب من سريرها، وكان الأب يعمل ذلك بوعي وإدراك بأهمية ما يفعل على مستقبل صغيرته لتكون أكثر نقاء وصفاء وعدلا في نظرتها تجاه الآخر.

وتضم الدول الخليجية أشخاصا من مختلف جنسيات العالم، جاءت بهم عجلة التنمية التي تشهدها المنطقة، وهي فرصة تاريخية هامة تمكننا من معرفة الآخر، والتعامل معه من منطلق المشترك الإنساني، وجميع هؤلاء سيكونون شهودا علينا، حينما يعودون إلى ديارهم، وما أحوجنا لأن تتسم صورتنا بالكثير من الملامح الإنسانية، فنحن جزء من هذا العالم، لا يمكن أن نعيش في معزل عن الآخرين، وتحقيق حالة من الرضا بين المقيمين معنا غاية تستحق أن نحرص عليها.

ويبقى السؤال العنوان: هل أنت عنصري؟ لا تتسرع في الإجابة، وفتش في ذاتك، فإن وجدت بقعة من العتمة تتصل برؤيتك تجاه الآخر، فاسكب عليها شيئا من الضياء لتستعيد نقاء فطرتك.