عبدالزهرة الركابي


قبل سنوات خلت وتحديداً في السنوات الأولى من احتلال العراق، شاركت في برنامج على الهواء المباشر لاحدى المحطات التلفازية، وكان البرنامج يتناول عمليات اغتيال العلماء العراقيين، التي تسارعت وتيرتها وقتذاك، والتي قُيدت جميعها ضد مجهول، أي ان هناك أكثر من 300 عالم عراقي بمختلف التخصصات العلمية قد تمت تصفيتهم جسديا، من دون معرفة الجاني أو الجهة التي تقف وراء عمليات الاغتيال هذه. بيد ان الاستنتاجات والتحليلات ذهبت الى اتهام جهاز الموساد الاسرائيلي بذلك، على اعتبار ان اسرائيل هي الجهة التي لها أكبر مصلحة في التخلص من العلماء العرب، خصوصا في المجال النووي الذي راح ضحيته كثير من العلماء والعالمات في حوادث معروفة، ومن دون أن يترك الموساد دليلا دامغا يدينه، ما عدا عمليتين نفذهما ضد قياديين فلسطينيين: هما عملية اغتيال خالد المشعل الذي نجا باعجوبة لظروف معروفة، والأخرى انتهت الى تصفية محمود المبحوح في دبي، لكن شرطة دبي تمكنت من ضبط أدلة دامغة تدين الموساد الذي كان انكشاف أمره يمثل فشلا كبيرا، على الرغم من تصفيته للمبحوح جسديا. وفي الأيام الأخيرة، عاود مسلسل تصفية العقل العراقي حلقاته، عندما قام مسلحون مجهولون بفتح النار على شاب في منطقة بغداد الجديدة، فاردوه قتيلاً على الفور، وأفاد مصدر امني في بغداد لوسائل الاعلام بان الشاب هو طالب في جامعة بغداد قسم علوم الفيزياء، مشيراً الى ان هذا الشاب قد ابتكر بعض المكائن الحديثة لتخصيب اليورانيوم بطريقة سلمية، فضلاً عن استعمالات بعض مجالاتها في السيطرة على التفاعلات النووية. واذا كان الموساد قد قام بعمليات اغتيال مشهودة في أكثر من بلد عربي، فليس صعبا عليه القيام بذلك في بلد محتل مثل العراق، الذي بات وضعه الأمني - ومنذ احتلاله - في حالة من انعدام الوزن والفوضى والاضطراب. في الفترة الأخيرة أخذت الأنباء تترى من شمال العراق عن وجود نشاطين نوعيين ملحوظين في هذه المنطقة: الأول تزايد التواجد الاسرائيلي بشكل لافت في مناطق معينة، وذات استخدامات استخبارية، والآخر ازدياد عمليات تهريب مشتقات النفط من شمال العراق الى إيران، والمضحك المبكي في آن واحد، هو ان هذه المشتقات هي نفسها التي يستوردها العراق من ايران! وبالتالي، فان الجماعات الكردية لا تقل براعة في تهريب النفط عن براعة جماعات المنطقة الخضراء التي اشتهرت في تهريب النفط من جنوب العراق الى العالم الخارجي، أي laquo;ما في حدا أحسن من حداraquo;، بلهجة اخوانا الشوام!