الجزائر - كمال زايت
تحولت قضية اللحوم الحمراء المستوردة من الهند إلى صداع في رأس الحكومة، بعد أن كانت قد لجأت إليها بغرض تخفيف معاناة المواطن مع الأسعار في شهر رمضان، لكنها وقعت في مأزق بسبب صدور فتاوى تحرم تلك اللحوم، الأمر الذي جعل وزير الشؤون الدينية يتدخل بنفسه ليقول بأن تلك اللحوم حلال.
لا يزال المواطن الجزائري تائها بين الفتاوى والفتاوى المضادة بشأن اللحوم الحمراء، التي ستنزل الأسواق ابتداء من اليوم، في إطار السياسة المنتهجة من طرف الحكومة بغرض خفض الأسعار، ووضع حد لجشع بعض التجار والمضاربين، الذين يتحينون الفرصة من أجل إضرام النار في الأسعار، وجني ثمار احتراق جيوب المواطنين.
ومن المعروف أن نسبة استهلاك المواطن الجزائري للحم ترتفع بشكل لافت في رمضان، ففي الشهر الكريم يتساوى الفقير والغني في استهلاك اللحوم، وإن اختلفت النوعية والكميات، لكن لا يوجد أي بيت جزائري تقريبا يغيب عنه اللحم في رمضان، باعتباره مادة أساسية في إعداد 'الشوربة' الطبق الرئيسي في رمضان، والذين لا يستطيعون شراء اللحم في أيام السنة العادية يلجؤون إلى الاستدانة من أجل ضمان قطعة لحم.
ومنذ أن أعلنت الحكومة عن نيتها في استيراد اللحوم الطازجة هذه السنة بدأ الجدل، فالحديث كان في البداية عن استيراد اللحم السوداني، لكن أصواتاً ارتفعت لتؤكد أن نوعية ذلك اللحم غير مناسبة، لترتفع أصوات أخرى قائلة أن الذين يروجون لهذه 'الإشاعات' هم المضاربون ومافيا 'اللحم' الذين لا يخدمهم استيراد لحم من السودان كان سيؤدي إلى انهيار الأسعار.
وقررت وزارة الزراعة في الأخير أن يكون الاستيراد من الهند، وبدا منذ الوهلة الأولى أن هذا الاختيار لن يمر مرور الكرام، ورغم التطمينات المتكررة للمسؤولين بوزارتي الزراعة والصحة أن اللحوم المستوردة من هناك ستخضع للرقابة وأن نوعيتها جيدة، إلا أن الذي لم يتوقعه المستوردون هو صدور فتوى تفسد كل شيء.
وصدرت الفتوى عن الشيخ شمس الدين بوروبي الذي قال في فتواه أن السؤال كثر عن تلك اللحوم، وعن صلاحيتها، على اعتبار أن لا أحد يعرف إن كانت مذبوحة على الطريقة الإسلامية أو مخنوقة أو مضروبة بالرصاص، مشددا على أن تلك اللحوم 'حرام في حرام في حرام'.
وأوضح أننا لا نعلم كيف ذبحت تلك الماشية، هل بحضور مسلمين أم لا، مشيرا إلى أن الدين أحل لنا أكل ذبيحة أهل الكتاب، لكن لا يمكن أن نستهلك لحوما قادمة من بلد شعبه يعبد الأوثان والأبقار وحتى الحشرات.
وأوضح شمس الدين أن لديه تقارير تؤكد وجود تلاعب كبير لدى الشركات المصدرة للحوم، وهي تقارير صادرة عن رابطة العالم الإسلامي وعن المركز الإسلامي في البرازيل، مؤكدا على أنه لا يمكن أن نثق فيما يقوله أصحاب تلك الشركات، عن أن اللحوم التي يصدرونها حلال.
واضطر وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله أن يرد بفتوى مضادة، مؤكدا أن اللحوم المستوردة من الهند هي لحوم حلال.
وقال أن ما يتردد حول عدم صلاحيتها للمسلمين مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن ربع سكان الهند الذين يفوقون المليار نسمة مسلمون، وأن اللحوم المستوردة من ذلك البلد هي لحوم حلال.
ودخل وزير الصحة جمال ولد عباس على الخط لمساعدة زميله في الحكومة، مشدداً على أن تلك اللحوم خضعت لجميع أنواع الرقابة ابتداء من بلدها الأصلي.
واعتبر أن الذين يقولون بأن تلك اللحوم ليست حلالا ً يقومون بـ'دعاية مغرضة ليس لها أساس من الصحة، و هدفها تشويه سمعة البلاد'.
التعليقات