راكان المجالي

في العام 1989 قال الرئيس العراقي السابق المرحوم صدام حسين في لقاء مع وفد من اعضاء الكونغرس الامريكي بان العراق سيحرق نصف اسرائيل بالكيماوي رداً على أي اعتداء من قبلها على العراق ، وما قاله صدام واضح وهو انه اذا ما اعتدت علينا اسرائيل فان حقنا ان نرد. لكن هذا التصريح إختزل فقد بعبارة: quot;صدام حسين يهدد حرق نصف اسرائيلquot; وبدأت الماكينة الاعلامية الصهيونية والغربية تهول في الامر ، وكان هنالك قرار بذلك قيد التنفيذ ومع المبالغات واثارة المخاوف واستعطاف العالم والتذكير بحرق هتلر لليهود وكل أشكال التضليل الاخرى التي تصور النظام العراقي وكأنه نازية جديدة وانه يهدد امن المنطقة والعالم بمجرد أن تجرأ وأعلن بانه سيرد على أي عدوان اسرائيلي يستهدف تدمير البنية التحتية للعراق ، بعدها كما هو معروف اطلق العراق صواريخ عادية اصابت قلب تل ابيب رداً على الحملة العسكرية في 15 كانون الثاني تدمير العراق بعد ان انسحب من الكويت.

نستذكر وقائع هذا المشهد ونستذكر قبله وقائع المشهد الذي سبق حرب 1967 والحديث المصري يومها عن صواريخ القاهر والظافر وعن إزالة اسرائيل عبر حنجرة احمد سعيد.. الخ ومع استكار ذلك نتذكر الحالة الجماهيرية يومها بأمواجها الحماسية العالية والتي كانت تتطلع ليوم النصر الذي لم يكن يحتمل فيما مضى وقبل 1967 الا العمل على استئصال السرطان الصهيوني ، وكما هو معروف فقد كان التأييد لكلام صدام حسين وصواريخه التي انطلقت فعلاً باتجاه اسرائيل هو تأييد اقل وكان محاطاً بالشكوك التي ألفت الهزائم والصدمات السابقة بظلالها على تفكير الناس.

نقول هذا الكلام بمناسبة آخر تصريحات الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد التي أكد فيها بأن أية ضربة من قبل اسرائيل لايران سيكون الرد عليها زوال اسرائيل أي ان ايران قادرة على توجيه ضربة ساحقة ماحقة لشطب الدولة العبرية من الوجود ، وتأتي تصريحات نجاد بعد عقود من القصائد والأناشيد والهتاف والشعارات و.. و.. وكل ذلك بدأ تصديق الناس له يتناقص مع الزمن ، ومع ان مليارا ونصف مليار مسلم يتمنون ان يكون نجاد جاداً فيما يقول سواءً امتلكت السلاح النووي او لم تمتلكه. الا ان الشكوك اقوى من الآمال.

وكما نذكر فان المرحوم صدام حسين لم يستطع أن يحرق نصف اسرائيل بعد ما تم ضرب العراق وعندما أطلق صواريخه التي اصابت بدقة قلب تل أبيب فان ذلك قد اسعد كل العرب والمسلمين لكنها لم تكن تحمل يومها رؤوساً كيماوية او بيولوجية ، بل فقد متفجرات عادية ، وبألتاكيد فان العراق كان يمتلك يومها سلاحاً كمياوياً لكنه كان يدرك ان الرد الاسرائيلي سيكون بسلاح نووي يدمر كل المدن العراقية وربما عواصم عربيد اخرى حسبما ابلغ الامريكان صدام بذلك.

بدون شك فان عبدالناصر حقق جماهيرية عالية طاغية ونال شبه إجماع وتأييدا وحماسا واعتزازا وفخرا وكل ذلك رافقه ترقب الحاق هزيمة كاسحة بالعدو الاسرائيلي ، اما صدام حسين فقد نال شعبية أقل لأن الناس مسكونة بالخوف والانكسار والهزائم ، على ضوء ذلك فان تصريحات نجاد بعد كل التداعيات والانكسارات المتواصلة لا تلقى ذلك الصدى الجماهيري ولو ان كل الناس سعداء لأي تحدْ للاستكبار ، وإقلاق لاسرائيل ، لكن العبرة في النتائج ولا يلام الناس اذا ما طغت سحب التشاؤم على كل وعد وشعار،،.