ظاري جاسم الشمالي


كشفت الأخطاء التي أودت بحياة مواطن بسبب تعذيب بعض رجال المباحث له عن ضرورة إجراء ورشة إصلاح فعالة في الداخلية، وبالفعل بدأت العملية بهدوء وهي تسير اليوم بخطى ثابتة لتفادي حوادث مماثلة، ولكنها أظهرت على كل حال ضعف ثقافة حقوق الإنسان عند من هم معنيون بالحفاظ على حقوق الإنسان، وأن هذا المستوى من الضعف الثقافي له أثمان قد تصل إلى هدر الأرواح.

وعلى الخط المقابل تأتي سياسة إسقاط الوضع الكويتي على أوضاع أخرى، لتمنع إنجاز عملية الإصلاح على الوجه الأكمل وتستفز القوى الأمنية لاستدراجها إلى مواجهات تتحول إلى وقود لحملة دعاية إعلامية، توظف سياسيا في الداخل والخارج.

ومهمة الاستفزاز هو ترك الساحة متوترة أو متفجرة لأن المعنيين في إطلاقه لا يستفيدون من الهدوء والتعقل بل يغرفون من فورة الغرائز بطولات وهمية في معارك وهمية مع صور شكلوها بعقولهم لآلية الحكم في الكويت.

لابد أن تسير عملية الإصلاح في جميع الاتجاهات ولكن في الموضوع الأمني والسلام المجتمعي لا بد من حملات توعية للجماهير حول الفرق بين مجرد الصراخ والترهيب من جهة والإصلاح والتقدم والتنمية من جهة أخرى.

لا يتم الإصلاح تحت ضغط الحملات التي تصور الأمور على خلاف حقيقتها، ولو استمر هذا النهج في تسعير الساحة فإنه لن ينتج إلا إعاقة حقيقية للإصلاح الذي بدأ بإرادة حكومية، لأن هناك من لا يرى مصلحة له في أي عملية إصلاح تبدأ بمبادرة من الحكومة ويهمه أن يسلط الضوء على الثغرات فقط مع حالة تضخيم تناسب مصالح المحرضين.

الرد الطبيعي هو تعميم الإصلاح وتعميقه ليشمل كل الأداء الحكومي وخاصة في الإدارة والاقتصاد، ليلمس كل مواطن ثمرات هذه العملية في حياته اليومية وأينما ذهب، في المنزل أو الشارع أو مكان العمل أو الجامعة والمدرسة والمستشفى أو الدوائر الحكومية، وعلى هذا الصعيد سيكون دخولنا في عصر الحكومة الإلكترونية خطوة ممتازة ومشجعة على طريق تيسير المعاملات وتبسيطها والتخلص من مرض البيروقراطية القاتلة، وكما في الإدارة يجب أن نبدأ بتلمس درجة احترام أكبر للمواطن والمقيم، وسياسة تعامل مع كل إنسان بوصفه كائنا محترما إلى أي جهة انتمى، فالكرامة الإنسانية ليست بورصة تتحرك صعودا ونزولا بحسب الطبقة والقبيلة والمذهب والمواطنية، وهكذا يسير الإصلاح مع ثقافة جديدة تحميه وتضمن استمراره.