سهلة آل سعد

شكرا لعام 2011 الفريد من نوعه بأحداثه الكبيرة المتلاحقة المؤثرة، نستبشر بهذا العام خيرا فقد حدثت كل هذه الأحداث، ونحن لم ننه شهره الأول بعد.
شكرا للشعب التونسي الحر فردا فردا، فهم من علّموا العالم اليوم دروس الثورة، وهم من أرشدوا الشعوب العربية المستهلكة المستغلة لدروب الكرامة.
شكرا لهم أيضا لأنهم أعطوا الرؤساء العرب درسا في عدم الركون لوداعة الشعوب، وعدم ائتمان جانبها، والمراهنة على صمتها مع إذلالها، شكرا لأنهم أنطقوا الرؤساء الديناصوريين العرب، وأنزلوهم عن عروش جبروتهم وتعاليهم، وزرعوا في قلوبهم الخوف، وفي منامهم الكوابيس، وأنطقوهم بوعود هي في الغالب كاذبة نطقوها لطمأنة أنفسهم قبل تهدئة شعوبهم كي لا تطالهم ثورات شبيهة.
ما كنا لنظن بأننا سنعاصر ثورتين (حتى الآن ولا نعلم ما القادم) مباركتين كثورتي الشعب التونسي والشعب المصري الحريّن (الفأل لجيرانهم ولمن تقبع على صدره وتكتم أنفاسه الأنظمة المهترئة).
ظننا أننا سنعيش ونموت وبلاد العرب ساكنة مستكينة لطغاتها الذين كانوا ثوارا وانقلابيين ذات يوم!!
جميل أن يثور الشعب على ثائر وينقلب على منقلب، لأنه ما عاد ثائرا ومتبن لفكر الثورة التي أتت به، ولا متطلبات الانقلاب الذي قام به، بل ما عاد نزيها ولا موزونا حتى !!.
بن علي أتى به انقلاب سلمي أو أبيض (والأجدر أن يسمى أسود)، مبارك أتت به ديمقراطية عربية (منيلة) خلفا لرئيس مغتال، وغيرهما أتت به ثورة، أو انتخابات متلاعب بأوراقها!!
يا للعجب ترى ما الفرق بين ثورات الجيوش ومن يواليها ويحتمي بها من بطانات مقربة للحكم السابق، وبين ثورات الشعوب النظيفة الناصعة التي لا توالي سوى مبادئها وكراماتها؟!
هذه ثورة وتلك ثورة، ولكن شتان ما بين الثورتين.
وبما أننا بصدد تقديم الشكر للثورات وصانعيها في هذا المقال، فإن موقعي تويتر والفيس بوك وأشقاءهما laquo;النتيينraquo; ومواقع النت الإخبارية والتنويرية عموما تستحق الشكر لمساندتها ونشرها أخبار هذه الثورات الوليدة، وإن كنت أرى أن أفضلها موقع تويتر الذي جعلنا على اطلاع مباشر على تطور الأحداث منذ بدئها حتى قبل وصولها لشبكات الأخبار العالمية، بنقلها من ألسنة أفراد الشعب حارة طازجة مباشرة كرغيف بكر (والله لا يعرف مشجعو أحر مباراة شعور من تابع تلك الأخبار أولا بأول، إنها مشاعر شهود طلق وولادة كرامة عربية جديدة).
عرفنا عن طريق مرشح الرئاسة السابق أيمن نور وغيره من أعضاء موقع تويتر التحركات الأولى للثورة الشعبية المصرية المباركة، ثم حجب النظام الباغي موقع تويتر أولا، ثم أتبعه بحجب بقية مواقع النت -عمن كانوا شعبه- ثم النت عموما والاتصالات عبر أجهزة الموبايل!!
نعيش اليوم زمنا مهيبا فارقا على جميع الأصعدة، زمن الدروس الكبيرة للجميع للمخطئ الظاهر والمخطئ المستتر، للشعوب والرؤساء، لشعبي البلدين الثائرين وللشعوب العربية والممتهنة عموما، ثورة تونس وبعدها ثورة مصر لم تؤثرا في بلديهما فقط، بل في العالم أجمع بما فيه الدول الخليجية.
أعطت الثورة التونسية أملا وأضاءت أنفاقا مظلمة استمر ظلامها عقودا طويلة من الزمن، حملت مشاعل الحرية لشعوب العالم المستعبدة المنتهكة المطأطأة، وقادت قافلة التغيير العالمي، وسيحفظ لها التاريخ ذلك الفضل وهذا الإنجاز الرائع.
أقول لمن حولي إننا نعيش زمنا فارقا اليوم، وسنظل نذكر مطلع عام 2011 على أنه الزمن الذي عاصرنا فيه ثورات ما كنا نحلم في أجمح أحلامنا وخيالاتنا بشهودها ومعاصرتها.
نعيش اليوم أحداثا تاريخية سنرويها لأحفادنا إن امتد بنا العمر، وسيرويها من وعاها من أبنائنا لأبنائهم وأحفادهم، سيحدثونهم ذات يوم عن انتفاض الشعوب العربية الأبية وثورتها في وجه الظلم والانحطاط والاستعباد، وعن حملها مشاعل الحرية، وانتزاعها كراماتها من الأيدي الدنسة الملوثة بعار التاريخ.
مقطع أخير:
إن عرشك: سيف
وسيفك: زيف
إذا لم تزن بذؤابته لحظات الشرف
واستطبت الترف
laquo;أمل دنقلraquo;