مارلين سلوم

في الشارع المصري شعب يهتف ويعبر عن ldquo;غضبهrdquo;، وقوات مسلحة تمارس دورها، لكن هناك أيضاً جماعة مقنعين سارقين .

فجأة ظهروا . حوّلوا بعض التحركات إلى شغب . اندسوا بين الناس لينهبوا .

لا يمكن للأيادي التي رفعت الرغيف لتطالب بحقها في القوت أن تحيد عن مسارها وتتحول إلى قوة تنهب وتسرق .

ولا يمكن للأفواه التي هتفت ldquo;سلميةrdquo; أن تشن حرباً على وطنها وأرضها وممتلكاتها .

من تجرأ على الخروج في وضح النهار ليقول كلمته بأعلى صوت أمام العالم، لن يتحول في العتمة إلى جبان متخفّ يرتدي القناع ليسرق بيت جاره أو تحفة من تاريخ وطنه .

من جازف بحياته من أجل المطالبة بقضية ما، لن تهون عليه القضية والوطن كي يبيعهما في لحظة غضب .

في قلب المعمعة ظهر الخوف، ومن بين المشهد نبتت ldquo;أيادٍ شيطانيةrdquo; تدمر وتكسر وتحرق في مختلف المناطق المصرية .

كان من الصعب التمييز بين الفاعل والمفعول به وسط هذه الفوضى، وكان من الصعب أيضاً على الجيش أن يحصر الشغب ويلاحق اللصوص .

هؤلاء اللصوص من أين جاؤوا وماذا يفعلون؟ يسرقون الشارع من الشعب أم يسرقون الشعب المعتصم في الشارع، أم يسرقون من الوطن تاريخه ومستقبله؟

المشهد مخيف لكنه مطمئن . القاهرة تحترق، لكن مصر محروسة .

من شاهد ما كان يجري أول من أمس من حالة دفاع عن النفس وكيف تحول كل أهل مصر (باستثناء اللصوص)، إلى حراس لممتلكاتهم وممتلكات جيرانهم وبلدهم، وكيف اتحد أهل الحي الواحد ليشكلوا قوة في وجه السارقين الجبناء الضعفاء، أحس كم أن اتحاد الشعب يخلق قوة حقيقية وضرورية . الكل تعاون ومد يده للدفاع عن البيوت والعائلات ولم ينتظروا القوات المسلحة كي تصل إليهم .

من شاهد الشباب الذين شكلوا بأجسادهم سوراً يحصنون به المتحف المصري الذي يضم تاريخ الفراعنة وما يمثله من ثروة لمصر ولكل العرب، شعر بالفخر والاطمئنان لأن مصر محروسة بأبنائها .

اللصوص كسروا واجهة أحد محال الهواتف النقالة بهدف السرقة فتصدى لهم سكان المبنى بالعصي وحملوا إلى بيوتهم كل ما في المحل من معدات وأجهزة واتصلوا بصاحب المحل يطمئنونه إلى أن ldquo;بضاعتهrdquo; بالحفظ والصون .

النخوة، المروءة، الشهامة، لم تتزعزع ولم تهرب وسط كل هذا الغضب والضياع، بل زادت ليلتحم أبناء الشعب الواحد حول الأماكن الأثرية ليحموا آثار وثروة بلدهم من السرقة وفي الأحياء مشكلين حائط سد في وجه ldquo;البلطجيةrdquo; .

من يقتحم مستشفى سرطان الأطفال لا رحمة في قلبه . ومن يستغل الأحداث سوى الخارجين على القانون والقافزين فوق الأكتاف؟

الخوف سيد الشارع ينتقل إلينا، لأننا نشاهد لكننا لا نتفرج، حمى الله أوطاننا من المتسلقين وسارقي الأمن والأمان