نجيب الخنيزي

ذكرى مرور 30 عاما من قيام laquo;مجلس التعاونraquo; لدول الخليج العربية في 25 مايو/ أيار 1981 جاءت باهتة على المستويين الرسمي والشعبي وبين النخب الخليجية باستثناء احتفال برتوكولي نظمته الأمانة العامة للمجلس إبراء للذمة. ما يبرر جزئيا ذلك الفتور قد يتمثل في الظروف الجارية الدقيقة والمتسارعة، في المشهد العالمي والإقليمي والعربي، وخصوصا المتمثل باندلاع الثورات والانتفاضات والتحركات الاحتجاجية التي شملت العالم العربي الذي بات يمر بمرحلة انتقالية دقيقة وحساسة تتلاشى فيها مرحلة قديمة، في حين لم تتضح بعد الملامح والوجهة النهائية للمرحلة الجديدة، غير أن تأثيراتها وتداعياتها المباشرة وغير المباشرة مست وستمس بالضرورة دول مجلس التعاون. هنا علينا أن نقر بأن العامل والسبب الرئيسي لذلك الفتور هو إحساس شعوب المنطقة ونخبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بأن مجلس التعاون لم يواكب طموحاتها وآمالها التي علقتها عليه حين تأسيسه، وإنه في ظل التعثر إزاء قضايا جوهرية، تمس العمل الخليجي المشترك وصل أوقد يصل إلى طريق مسدود. ومع أن لقاءات القمة (الرسمية) الدورية تعقد في أوقاتها الدورية المقررة ووفقا لأجندة متفق عليها ويصدر عنها توصيات وقرارات (طموحة)، غير أن كثيرا من نتائجها لا ترى النور، وتضيع وسط ركام البيروقراطية وعدم التنفيذ (نستثني بعض القرارات المحدودة)، وهو ما أشار إليه بوضوح وشفافية منذ سنوات الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حين كان وليا للعهد). وذلك يعود في المقام الأول من جراء تغليب بعض التناقضات (الثانوية) الثنائية، وتقديم الأولوية للمصالح الخاصة لكل دولة في رسم وصياغة علاقتها الإقليمية والدولية على كافة المستويات، وهو ما يستدعي القيام بمراجعة دقيقة وشاملة لمسيرة المجلس بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وذلك في إطار من المكاشفة والشفافية للخروج من عنق الزجاجة وتجاوز العقبات والعوامل السلبية الموجودة. وفي هذا الإطار لا بد من التنويه بأن تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية رغم طابعه الظرفي (المرتبط باندلاع الحرب العراقية ــ الإيرانية)، وانطلاقا من مبادئ إعلان تأسيسه ونظامه الأساسي وقراراته فإنه مثل خطوة مهمة تتفق وتلتقي مع طموحات وأهداف مواطني الخليج والجزيرة العربية في تحقيق مزيد من التعاون والتكامل وصولا إلى تطوير هذه الصيغة شكلا ومضمونا باتجاه بلورة حالة أرقى من أشكال الاتحاد أو الوحدة (الكونفدرالية) الخليجية، خصوصا مع توفر العوامل الموضوعية لنجاح هذا التوجه بدرجة أكبر مما في مناطق وأقاليم عربية أخرى، ويكفي أن نشير إلى أن أول تجربة وحدوية عربية ناجحة في العصر الحديث تحققت في الجزيرة والخليج العربي في الثلاثينات من القرن المنصرم عندما تأسست المملكة العربية السعودية، وأمامنا أيضا التجربة الناجحة الأخرى المتمثلة في قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في مطلع السبعينات.