فاتح عبدالسلام

إذا صدقت أنباء مقتل ستة طيّارين سوريين مع عسكريين فنيين في هجوم أو كمين قرب قاعدة جوية، فذلك مؤشر خطير وتلك خسارة كبيرة تصب ضد أية معارضة سياسية. ولا يمكن البناء علي صدقية العملية في كونها تستهدف طيارين موالين للنظام قد يقودون ذات يوم طائراتهم ويقصفون أهدافاً لمنشقين عن الجيش أو المعارضة أو التظاهرات.
وبعيداً عن تفسيرات النظام في أن العملية ضد الطيارين تصب في صالح اسرائيل فإنَّها عملية لا تخدم المعارضة السلمية الساعية للتغيير، كما إنّها تعمق نقاط خلاف جوهرية بين التكوينات الاجتماعية في سوريا في توقيتات رجراجة ورخوة قد تخلط فيها هكذا عمليات الحابل بالنابل، فتخسر المعارضة أنصار دعوتها للتغيير ثم يكون إثخان جراح الشعب عائقاً أمام استقبال فكرة التغيير وتقبّلها، لأنَّ الدماء لم تكن يوماً معبراً للإصلاح والتجديد كما يجري حالياً، كما إنّها لن تكون معبراً موثوقاً به للتغيير وانجاز مرحلة سياسية جديدة مهما كانت الأهداف نبيلة، ذلك إنَّ فداحة الخسائر البشرية تجهض أيّ مسعي سامي المقاصد.
الطيّار السوري هو ثروة لسوريا، مهما كان ولاؤه السياسي وموقعه الوظيفي اليوم، وما حصل في العراق من استهداف الطيارين بعد احتلاله يجب أنْ يكون ماثلاً أمام عيون جميع السوريين، بالرغم من أنَّ قتل الطيارين العراقيين كان بدافع خارجي وبتنفيذ محلي مدفوع الثمن ومباركة الموجة السياسية الجديدة.
الصفحة العسكرية من كتاب المعارضات السياسية العربية خطيرة جداً، وما حصل في ليبيا سابقة من الخطأ تكرارها. أعرف أنَّ هناك مَنْ يقول ما العمل؟ وما بديل اللجوء الي السلاح إذا كان هناك مَنْ يطلق النار علي المدنيين ويقتل النساء والأطفال؟ وهذه إشكالية كبيرة ومسؤولية يجب أنْ يعيها أصحاب السلطات في سوريا كلّهم لكي تكون هناك إدانة متوازنة وحقيقية للعنف، من أي مصدر كان.
إنَّ ما يحدث هو جزء من الحرب الداخلية بالمعني العسكري، وربّما كان هذا بحد ذاته عائقاً مرحلياً أمام التدخل الخارجي، لكنّه قد يكون جاذباً له في مرحلة مقبلة طال أمدها أم قصر.