رضا أمين
من التطبيقات الجديدة التي انتشرت على الإنترنت مؤخراً باعتبارها مصدراً مفتوحاً للمعرفة موسوعات الويكي، مثل ويكيبيديا، حيث يقوم الأفراد بالتشارك في تدوين المحتوى الموسوعي، ولا يوفر كل المساهمين مصادر لكتاباتهم، وهو ما يجعلها موضعاً للشك في مصداقية محتوياتها. وذلك بالرغم من احتوائها على كثير من المزايا التي تتمثل في تقديم المعلومات بشكل لا مركزي حول موضوعات واهتمامات متعددة. ومواقع الويكي بشكل عام تقوم على مبدأ المشاركة الجماعية، ويسمح لمشتركيه أن يقوموا بصورة جماعية بتعديل محتوياته، أو حذفه، أو الإضافة عليه حسبما يرى المستخدمون أنفسهم، وأشهرها ويكيبيديا التي تأسست في يناير 2001 بواسطة كل من جيمي والز ولاري سانجر. من نماذج موسوعات الويكي، مشروع ويكي قاموس الذي بدأ في ديسمبر ،2002 وويكي اقتباس الذي يضم مجموعة من الاقتباسات، وويكي الكتب الذي يقدم الكتب الحرة التي يتم تحريرها تعاونياً، وويكي جامعة الذي يهدف إلى دعم التعليم الحر، واستضافة مصادر تعليمية حرة ومنها موسوعة (نول) الذي أنشأتها جوجل في 2008 وتسمح للجميع بكتابة المقالات ونشرها على نطاق واسع وفي أي موضوع. وتعتبر ويكيليكس من موسوعات الويكي وهي منظمة دولية غير ربحية، بدأ موقعها في عام 2006 تحت اسم منظمة (سان شاين) الصحافية، وتصف مؤسسيها أنهم منشقون صينيون وصحافيون ورياضيون وتقنيون مبتدئون لشركات عاملة في الولايات المتحدة الأمريكية وتايوان وأوربا وأستراليا وجنوب أفريقيا، ومديرها جوليان أسانج هو ناشط إنترنت أسترالي، وقد ذكرت المنظمة أن الهدف من وراء إنشائها فضح الأنظمة القمعية في آسيا والكتلة السوفيتية السابقة ودول جنوب الصحراء والشرق الأوسط، ومساعدة أناس آخرين حول العالم ممن يرغبون في الكشف عن سلوكيات غير أخلاقية في الحكومات والشركات. كان موقع ويكيليكس قد انطلق في بدايته كموسوعة حرة للتحرير، لكنه انتقل تدريجياً نحو نموذج نشر أكثر تقليدية ولم يعد يقبل بتعليقات المستخدمين، واشتهر الموقع بعد ذلك بنشر مجموعة من الوثائق التي انفرد بالحصول عليها. ذكر موقع ويكيلكس في يناير 2007 أن لديه مليون و200 ألف وثيقة سرية جاهزة للنشر، وعن طريقة التسريب يقال إن أحد نشطاء ويكيلكس لديه ملقم يستخدم كعقدة لشبكة تور، فتمر عليه الملايين من المراسلات السرية، ولاحظ هذا الناشط أن الحكومة الصينية كانت تتنصت على المراسلات الأجنبية بتلك الطريقة، لكن جون أسانج مؤسس الموقع نفى هذا الاتهام، لكن المنظمة تتبع سياسة هامة وهي الحفاظ على سرية مصادرها حتى لا يتعرض أحد ممن يتعاون معهم للعقاب. إذا كانت الإنترنت بشكل عام تعتري محتوياتها مشكلات متعلقة بالمصداقية، وذلك بسبب أن المعلومات المنشورة في الفضاء المفتوح على الشبكة لا تتعرض لأي ضابط، فإن جزءاً من مصداقية المعلومات المنشورة على موقع ويكيلكس والواردة في الوثائق المسربة يتعرض لشبهة عدم المصداقية وذلك بسبب: 1- أن هناك غموضاً يتعلق بكيفية الحصول على تلك الوثائق، فينما تذكر الرواية الرسمية للتسريب أن ضابطاً يدعى برادلي ماننج، الذي يعمل محللا للمعلومات في الاستخبارات الأمريكية الذي قام بدوره بتحميلها على قرص (CD) يحمل اسم مغنية ''جاجا'' على أساس أنها أغاني، ترجح بعض التحليلات أن وراء التسريب الكبيرة لربع مليون وثيقة من وثائق وزارة الخارجية الأمريكية السرية جهاز الاستخبارات الأمريكي نفسه لأهداف سياسية وإعلامية متعددة. 2- أن عملية نشر الوثائق لم تتم دفعة واحدة، إنما يتم تسريبها على دفعات، ويقوم حارس البوابة المعلوماتية بعملية انتقاء لبعض الوثائق، كما يتم حذف بعض الأسماء والوقائع، لما قد يراه إدارة الموقع سبباً في إلحاق الضرر بالعاملين في موقع (ويكيلكس) ذاته. 3- إن عملية النشر في الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية لها اتسمت أيضاً بالانتقائية الشديدة.
التعليقات