وائل الحساوي


اليابان من الدول القليلة في العالم التي نالت قصب السبق في الرقي والتقدم التكنولوجي وأصبحت مثالاً يحتذى في التقدم الصناعي. هزة واحدة من تحت مئات الأميال تحت الأرض استطاعت أن تعصف بجزء كبير من تلك الحضارة، فعشرات الآلاف من القتلى والمفقودين ثم تلاها تسونامي خطير زحف على المدن وجرف معه البيوت والمراكب والسيارات وكأنها لعب أطفال.
لقد طمأنت اليابان شعبها بأن مبانيها قد تم تصميمها لتتحمل زلزالاً درجته 14 درجة على مقياس ريختر، ولكن تسونامي اليابان عندما صاحبه الزلزال المدمر فعل الأعاجيب، إلى درجة أن اليابان قد تحركت من مكانها 2.5 متر بحسب إفادات العلماء.
لم يكتف الزلزال بما فعله في البيوت والسيارات وإنما ضرب مفاعلاً نووياً كان يعمل سلمياً فانتشر الاشعاع إلى كل مكان وقامت اليابان بإجلاء ملايين البشر حتى لا يقتلهم الاشعاع، وذكرهم ذلك بتفجيرات هيروشيما ونجازاكي قبل 66 عاماً.
ولولا رحمة الله تعالى وفضله بأن جعل الضرر على المفاعل بسيطاً وحفظ بقية المفاعلات الأربعة لكانت كارثة يتحدث عنها العالم الى أبد الآبدين.
ومما تميز به هذا الحدث هو أنه قد تم نقله بالصوت والصورة ليرى العالم صورة حية لما تفعله الكوارث الطبيعية بالبشر.
على الجانب الآخر من الكون تابعنا بالدقيقة والثانية laquo;تسوناميraquo; من صنع البشر يجتاح دولاً كنا نعتقد بأنها آمنة مستقرة ليطيح بعروش لم يكن يظن شعوبها بأنهم يستطيعون تحريكها ولو قيد أنملة، فقد شاهدنا تساقط أنظمة جبارة جثمت على أنفاس ضحاياها عقوداً طويلة وكررت قول فرعون لقومه: laquo;ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشادraquo;.
إن المشهد هنا وهناك كله مليء بالقتل والدمار والدماء، هنا من صنع البشر بأنفسهم، وهناك من صنع الطبيعة، الزلزال والتسونامي الياباني كانت أسبابهما عدم استقرار الأرض وتململها من تحت أقدام الناس، ثم انفجارها المدوي بالكوارث المرعبة، أما الزلزال والتسونامي الذي ضرب البلدان العربية فسببه عدم استقرار أوضاع الناس وتململهم من الجوع والقهر والظلم الذي تفجر في شكل ثورات مدمرة اكتسحت دولاً ومازالت تفتك بالآخرين، ولا ندري إن كانت الأمور ستستقر وأحوال الناس ستهدأ، وسيأتي من يرضى عنه الناس أم سيتكرر ذلك المشهد مراراً.
لا شك أن هنالك رابطاً بين جميع تلك laquo;التسونامياتraquo; (جمع تسونامي) ويفسره قوله تعالى: laquo;ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعونraquo;.