عبدالله بن بجاد العتيبي
لدى الشعب البحريني كثير من الحقوق والمطالب المشروعة، تمثلها المعارضة حينا وتمثلها السلطة حينا، وتاريخ البحرين الحديث يشير لاستجابة السلطة لمطالب متعددة للشعب وللمعارضة في العهد الملكي الجديد، وقد قاد ولي العهد البحريني مسؤولية الحوار مع مطالب الشعب في الحراك البحريني الأخير سواء كانوا من المعارضة أم من عامة أبناء البحرين، وقدم مبادرات جديرة بالحوار والنقاش حتى من قبل أكثر جهات المعارضة تشددا.
ثمة أمور يجب وضعها على الطاولة بصراحة ووضوح، فنحن نعيش لحظة تاريخية استثنائية، فمن جهة ثمة ثورات قامت في العالم العربي كثورة الياسمين في تونس وثورة الشباب في مصر والحرب الأهلية في ليبيا، ومن جهة فثمة إيران بكل تدخلاتها القوية والفاعلة في العراق ولبنان وغيرهما، ومن جهة فثمة أمن وطني لكل دولة وأمن إقليمي لكل منظومة سياسية، ومن هنا فقد يتأثر بعض المواطنين البحرينيين بعدوى الجماهير وعدوى الثورات فيرفعون سقف مطالبهم لمستويات غير معقولة تحكمها الأحلام ويسيرها الخيال، وهو ما لا تسمح به مساحة الواقع وصراعاته، وما قد ينم عن قلة وعيٍ لدى البعض بمعطيات المشهد كاملة.
في جهة أخرى فالبحرين كدولة تتعرض منذ سنوات لهجمة إيرانية شرسة تدعي أطماعا فيها خرجت من ألسنة عدد من المسؤولين الإيرانيين، ومع مقارنتها بغيرها من الدول العربية التي تدخلت فيها إيران فمن هنا لا تملك البحرين كدولة إلا الدفاع عن كيانها السياسي المعترف به دوليا، وفي الجهة الثالثة فإن دول الخليج العربي كتكتل إقليمي لن ترضى أبدا بالرضوخ لأية جهة إقليمية كإيران بأن تنجح في زعزعة أمن أي من دولها أو استقلالها بأية حال من الأحوال.
يجب أن نستبعد في هذا السياق البعد الطائفي لأنه يزيد من إشعال المشهد بدلا من إصلاحه، ونركز على البعد السياسي، وفي البعد السياسي فدول الخليج العربي هي دول مستقلة ذات سيادة تحكمها اتفاقيات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية ضمن مجلس التعاون الخليجي، وهذه الاتفاقيات وضعت عبر سنين طويلة وتأخر فيها المجلس عن رغبات مواطنيه التي تطمح بالإسراع والتفعيل والشمول لهذه الاتفاقيات حتى توفر للمواطن الخليجي طموحاته من هذا المجلس ويرى أثرها في حياته اليومية، وهو ما بادرت به هذه الدول ضمن اتفاقياتها تجاه البحرين وعمان اقتصاديا بعشرة مليارات دولار لكل منهما، وبقوات درع الجزيرة لحفظ الأمن في البحرين دعما لمساعي الحوار والإصلاح..
أما الحديث بأن الخطر الإيراني مجرد فزاعة أو إغفاله أو التقليل منه فهو لا ينم إلا عن عدم مراقبة للمشهد في المنطقة إن أحسنا الظن أو عن سذاجة في التعاطي مع الشأن السياسي.
التعليقات