بيروت: ثائر عباس


بدأت laquo;التأثيرات الجانبيةraquo; لأحداث سورية تظهر على الجانب اللبناني من الحدود، ميدانيا عبر بوادر أزمة حدودية بسبب الإجراءات الأمنية السورية، وسياسيا بسبب الاتهامات التي ساقتها سورية - إعلاميا - عبر سفيرها في بيروت لتيار المستقبل بالضلوع في عمليات تمويل وتهريب السلاح إلى المناهضين للنظام السوري، بعد بث التلفزيون السوري شريطا مصورا قال فيه أحد الموقوفين إنه تلقى أموالا وسلاحا عبر عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح، وهو ما استمر تيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري في نفيه بشدة من منطلق أنه laquo;لا يمكن للتيار أن يتدخل فيما يجري الآن في القطر الشقيق والعزيزraquo;، مشددا على أنه لا يتمنى laquo;للإخوة السوريين وللدولة السورية سوى الأمان والاستقرار والازدهارraquo;.

وبعد أن أعلنت مصادر أمنية لبنانية عن توقيف لبنانيين من الجانب اللبناني للحدود وسوريين من الجانب السوري كانوا يحاولون تهريب أسلحة إلى سورية، بدأت السلطات السورية عمليات تفتيش دقيقة للغاية للشاحنات والسيارات العابرة للحدود بين البلدين ما أدى إلى اختناق مروري كبير وامتداد طوابير السيارات لكيلومترات داخل الحدود اللبنانية، خصوصا في منطقة الشمال القريبة من اللاذقية وقراها. وسوف تتهدد هذه الأزمة حركة انتقال البضائع بين البلدين، بالإضافة إلى حركة تصدير المنتجات اللبنانية نحو الدول العربية مرورا بسورية.

وقالت laquo;الوكالة الوطنية للإعلامraquo; الرسمية اللبنانية إن laquo;عدد الشاحنات التي تعبر يوميا لا يتجاوز 120 شاحنة في حين أن عدد الشاحنات الرابضة عند هذه النقطة يفوق 400 شاحنة محملة بشتى أنواع البضائع والتي تنتظر دورها للعبور، فيما الإجراءات السورية عند نقاط العبور الشرعية بين لبنان وسورية، إن كان في العريضة أو في البقيعة، هي نفسها التي عند نقطة الدبوسية - العبودية، إلا أن العبور عند هاتين النقطتين يقتصر على السيارات السياحية وبعض حافلات الركاب، ولذلك فإن الحركة تبقى دائما تقارب شكلها الاعتيادي، والعابرون هناك لم يشتكوا من الانتظار طويلا كما هي الحال عند نقطة العبوديةraquo;.

وكان السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم دعا في مؤتمر صحافي عقده في بيروت، قبل أن يغادر إلى بلاده، السلطات اللبنانية للتحرك في موضوع تهريب السلاح والاتهامات الموجهة إلى النائب الجراح، الذي طلب موعدا عاجلا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لـlaquo;شرح الحملة التي تشن عليهraquo;، فيما دعا تيار المستقبل السلطات السورية للتحرك عبر القضاء وفقا لاتفاقية موقعة بين البلدين لا عبر وسائل الإعلام. وقال مصدر في laquo;المستقبلraquo; لـlaquo;الشرق الأوسطraquo; إن laquo;الاتهامات التي وردت في الشريط التلفزيوني مفبركة ولا أساس لها من الصحة، وإن كان ثمة من شكوى سورية، فلتوجه عبر القنوات الرسميةraquo;.

وقالت مصادر رفيعة المستوى في السفارة السورية في بيروت لـlaquo;الشرق الأوسطraquo; إن السفارة لن تقوم بخطوات إضافية في هذا الموضوع بانتظار تحرك السلطات اللبنانية، مشيرة إلى أن من يتحدث عن اتفاقيات قضائية بين البلدين laquo;يعرف تماما أن اتفاق الطائف ينص على ضرورة عدم استخدام لبنان كمنصة لتهديد أمن سوريةraquo;. وتحدثت المصادر عن laquo;أدلة دامغةraquo; وlaquo;معلومات أخرى لم تبث تثبت تورط أطراف لبنانيةraquo;، مشيرة إلى أن هذه الحقائق معروفة من قبل laquo;المستقبلraquo; ونأمل أن يكون دورهم جيدا في المرحلة المقبلة.

وشكت المصادر من عمليات laquo;تحريض على أمن سوريةraquo;، مشيرة إلى أن laquo;عشرات من العمال السوريين لجأوا إلى الفارة يشكون من حجز بطاقاتهم وتهديدهم لفعل أمور تضر بالأمن السوريraquo;، معلنة أن laquo;السفارة أبرقت بعدد من الحالات الموثقة إلى السلطات اللبنانية وهناك المزيد من الحالات التي تنتظر المزيد من التوثيقraquo;.

وشدد السفير عبد الكريم في مؤتمره الصحافي على أن laquo;قوة سورية ومنعتها هي اليوم أقوى من أي وقت مضىraquo;. واعتبر علي أن ما عرضه التلفزيون السوري من اعترافات لموقوفين قالوا إنهم تلقوا دعما من النائب جمال الجراح لإثارة المشكلات في سورية laquo;هو بمثابة إعلان وإخبار يستوجب من الجهات المعنية اللبنانية وانطلاقا من اتفاق الطائف والاتفاقات الموقعة بين البلدين واتفاقية التعاون والأخوة، أن تبادر ومن دون تقديم طلب جديد من الجهات السورية لمتابعته لأن هذا لا يستدعي تقديم طلب جديدraquo;.

ولفت علي إلى إمكانية أن laquo;تكون الجهات الرسمية اللبنانية تواصلت مع المعنيين في سوريةraquo; حول هذا الأمر، وقال: laquo;ربما اتصلواraquo;، دون أن يؤكد حصول هذا الأمر، وأضاف: laquo;أما بالنسبة إلى الجهات السياسية والاجتماعية والثقافية، فنحن واثقون أن الغالبية العظمى من الشعب اللبناني هم غيورون على قوة ومناعة واستقلال وسيادة سورية، وأن أي أذى يلحق بسورية سيتأذّى منه لبنان، إن لم نقل إنه سيتأذّى أكثر، لذلك نحن مع القراءة الواقعية المسؤولة التي تفترض أن يباشر الجميعraquo;.

وفي المقابل قالت كتلة المستقبل النيابية في بيان عن مكتبها الإعلامي إن laquo;سفير الجمهورية العربية السورية لدى لبنان يعلم تماما أنَّ الدولة السورية والدولة اللبنانية مرتبطتان باتفاق قضائي (...) ينظم العلاقة القضائية بين الدولتين تنظيما دقيقا وشاملا، وعلى هذا، فإذا كان ثمة ما يقال من تورط لبناني في أحداث سورية، فلا بد أن ينظم ملف من قبل وزارة العدل السورية ويسلم بالطرق المعروفة إلى الدولة اللبنانية لكي يقوم القضاء اللبناني بمهامه، علما أن القضاء اللبناني يتحرك بعد ورود ملف إليه عن طريق الإنابة القضائية كما نصت على ذلك الاتفاقية، لأن القضاء اللبناني لا يمكن أن يتحرك تلقائيا في حال عدم وجود ملف، ولا يمكن له أن ينغمس في تحقيقات لمجرد وجود تراشق سياسي تغلب عليه المناكفات والافتراءات وتغيب عنه الوثائقraquo;. مشيرا إلى أن laquo;عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح طلب موعدا رسميا للقاء دولة الرئيس نبيه بري بحكم مسؤوليته عن حصانة وكرامة وسلامة النواب، وذلك لإبلاغه بحقيقة الحملة الظالمة التي يتعرض لها وليطلب منه اتّخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة حقوقه الشخصية والأمنيةraquo;، ولفت البيان إلى أن laquo;المسألة هنا لا تتعلق بالخلافات السياسية، بل هي من صميم مبدأ التكافل الإلزامي داخل المؤسسات الدستورية، والنائب الجراح بهذا لا يبحث عن لجوء أو ملاذ، بل يضع المسألة أمام رئيس مجلس النواب وهي المؤسسة التي ينتمي إليها، وبمقدار المسؤولية الدستورية لرئيس مجلس النوابraquo;. وختم بيان كتلة المستقبل بالقول: laquo;يهم كتلة المستقبل، أن تعلن للبنانيين وللشعب السوري الشقيق أن أيا من نوابها، أو أيا من مؤسسات تيار المستقبل ما تدخل ولا يمكن أن يتدخل فيما يجري الآن في القطر الشقيق والعزيز، وهي تؤكد أنها لا تتمنى للإخوة السوريين وللدولة السورية سوى الأمان والاستقرار والازدهار، علما أنّ المسؤولين في تيار المستقبل يعلنون أنهم لا يؤمنون أصلا بهذا الأسلوب وهم لا يملكون الرغبة أو الإرادة أو المصلحة أو القدرة على تحريك أي أحداث أمنية سواء في لبنان أو في سورية، لأنهم يشكلون تنظيما سياسيا شعبيا، ينتهج العمل السياسي السلمي المشروع، وينبذ العنف، ويرفض اللجوء إلى السلاح أو التدخل في الشؤون الداخلية لبلد عربي أو التآمر وسيلة من وسائل الممارسة السياسيةraquo;.

وأكد مستشار الحريري الوزير السابق محمد شطح أن laquo;المعلومات التي في متناولنا تشير إلى أن ليس هناك أي نية أو رغبة وأي محاولة للتدخل في سورية بأي طريقةraquo;، مشددا على أن laquo;آخر ما نريده هو تعقيد العلاقات مع سوريةraquo;. وأشار إلى أن laquo;الاتهامات السورية الموجهة إلى جهات لبنانية ليست جدية وتسيء إلى العلاقات بين البلدين ولو كانت بريئةraquo;، لافتا إلى أن laquo;هناك إصرارا على أن يكون لبنان مسرحا لتجاذبات إقليمية ودوليةraquo;، معتبرا أن laquo;أي عاقل لبناني لا يمكن إلا أن يريد وضعا جيدا في سوريةraquo;، وقال:laquo;مصلحة لبنان هي من مصلحة سورية ولكن مصلحة سورية يقررها السوريونraquo;، مشيرا إلى أنه laquo;من وجهة نظر رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري فإن علاقة جيدة بين لبنان وسورية هي مصلحة لبنانيةraquo;.

ولفت عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري إلى أن laquo;موقفنا من سورية هو رفض تدخل أي لبناني بشؤون أي دولة كما نرفض تدخل أحد بشؤون لبنان الداخليةraquo;.وأكد أنه laquo;لدينا مصلحة بحصول استقرار في سورية لأن الاستقرار في سورية ينعكس على استقرارا في لبنان والعكس صحيح، كما أننا نأمل حصول استقرار في سورية كما نأمله في لبنانraquo;.

وشكت الأمانة العامة لقوى 14 آذار من أنه laquo;منذ انطلاق الاحتجاجات الشعبية في سورية، دأبت أصوات ووسائل إعلام تابعة لفريق حزب الله من جهة وأخرى مناهضة للاحتجاجات من داخل سورية من جهة ثانية على فبركة أكاذيب من أجل اتهام قوى في 14 آذار بالتدخل في الأحداث السوريةraquo;. ورأت في ذلك laquo;محاولة من النظام السوري وجماعاته لتسويق نظرية المؤامرة المتهافتةraquo;، وحذرت laquo;من مسعى لإدخال لبنان في مسارات الأزمة السورية مما يمثل تهديدا مضافا لأمن لبنان واستقرارهraquo;، مشددة في هذا الإطار على laquo;أن قوى 14 آذار التي ناضلت منذ سنوات طويلة لوقف التدخلات الخارجية جميعها بما فيها التدخل السوري في شؤون لبنان الداخلية، ترفض مبدئيا التدخل في الشأن السوري الداخلي وترفض الاتهامات الموجهة إلى قوى فيها جملة وتفصيلاraquo;.