رضا أمين

يشهد تاريخ وسائل الإعلام أنها استغلت في‮ ‬التسويق السياسي‮ ‬للدول والأنظمة،‮ ‬ووظفت للدعاية الأيديولوجية منذ هتلر الذي‮ ‬كان‮ ‬يروج للنازية ولفكرة أن ألمانيا هي‮ ‬الجنس البشري‮ ‬الأسمى،‮ ‬ومن قبل هتلر وإلى‮ ‬يومنا هذا،‮ ‬وذلك معناه أن ميزان العمل الإعلامي‮ ‬ليست هي‮ ‬المعايير المهنية والموضوعية والحرفية،‮ ‬لكنها الخطط المسبقة التي‮ ‬تحكم على الأداء الإعلامي‮ ‬بالنجاح أو الفشل بمقدار تحقيق برامج هذه الخطط وتنفيذ أهدافها‮. ‬ تشهد الساحة الإعلامية الآن فصلا من فصول المواجهة بين إيران من ناحية وبين الأنظمة الخليجية العربية من جهة أخرى،‮ ‬تحاول فيها الأولى أن تكسب عددا من الجولات بفضل التخطيط المسبق والدعم اللامحدود لعدد‮ ‬غير قليل من القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى،‮ ‬في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يقف فيه الإعلام العربي‮ ‬الخليجي‮ ‬في‮ ‬موقف الدفاع؛ بمعنى أنه كلما أثيرت قضية من قبل الإعلام الموالي‮ ‬لإيران انبرت أقلام ومنابر إعلامية عربية لتفنيد تلك المزاعم ومحاولة كشف عوارها أمام الرأي‮ ‬العام،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬جعل وسائل الإعلام العربية الخليجية في‮ ‬حالة استنفار دائم لصد الهجمات الإعلامية المخططة والمدروسة من الطرف الآخر،‮ ‬وهو ما أثار انتقاد بعض المراقبين والمتابعين الإعلاميين،‮ ‬حيث طالبوا أن‮ ‬يأخذ‮ ‬الإعلام العربي‮ ‬الخليجي‮ ‬زمام المبادرة وأن‮ ‬يتعامل مع الإعلام الآخر بمنطق المبادأة،‮ ‬بمنطق أن الهجوم خير وسيلة للدفاع،‮ ‬وأن ترتكز وسائل الإعلام العربية إلى خطة ذات منهجية واضحة لمواجهة الخطر الإيراني‮ ‬الإعلامي‮ ‬الذي‮ ‬لا شك تقف وراءه أجندة سياسية تعبر عنها‮ ‬،‮ ‬وخطط استيراتيجية تعبر عن المطامع التي‮ ‬يشهد عليها التاريخ‮.‬ بات واضحا أن المكون الإعلامي‮ ‬في‮ ‬مواجهة إيران مع دول مجلس التعاون العربية هو الأبرز في‮ ‬الفترة الحالية،‮ ‬حيث لا‮ ‬يمكن فصل قناة العالم عن الحرس الثوري‮ ‬الإيراني‮ ‬الذي‮ ‬يقوم بعض أفراده بتمويلها وإدارتها والإشراف على خططها وأسلوب أدائها،‮ ‬وتعتمد على أساليب مباشرة وغير مباشرة في‮ ‬إدارة هذا الصراع الذي‮ ‬تعد مملكة البحرين ساحته الأولى،‮ ‬ويمثل فضاؤها جبهة التلاقي‮ ‬مع الإعلام الوافد منها،‮ ‬حيث تصر على وسم دول الخليج العربي‮ ‬بدول الخليج الفارسي،‮ ‬وهو الأمر الذي‮ ‬لا تستسيغه أي‮ ‬أذن عربية مهما كان انتماؤها،‮ ‬ولا‮ ‬يقف الأمر عند مدلول الكلمة بل إن الرسالة التي‮ ‬يمكن توصيلها للجماهير عبر ترديد هذه الكلمة أعمق بكثير من مجرد كلمة تقال في‮ ‬فضاء الأثير،‮ ‬فهي‮ ‬ترجمة لرؤية سياسية تترجمها خطة إعلامية وتستلهم خطوطها العريضة منها‮.‬ تحاول الآلة الإعلامية الإيرانية أن توظف الثورات العربية وفق مشروعها وأجندتها السياسية‮ ‬حيث تنظر إليها باعتبارها‮ (‬صحوة إسلامية‮) ‬هذه الكلمة البراقة التي‮ ‬لا شك تمثل أمنية كل مسلم أن‮ ‬يكون للمسلمين شأن كبير وراية شامخة،‮ ‬وتتجاهل أن جزءا كبيرا ممن قاموا بالثورات في‮ ‬بعض الأقطار العربية ليسوا مسلمين،‮ ‬كما أن مفردات العمل الإعلامي‮ ‬الإيراني‮ ‬تتجاهل إلصاق هذا الوصف بالاحتجاجات ضد الأنظمة التي‮ ‬تدعمها كالنظام السوري‮ ‬على سبيل المثال،‮ ‬حيث‮ ‬يركز الخطاب الإعلامي‮ ‬في‮ ‬قناة العالم على مزيد من الإصلاحات التي‮ ‬يقوم بها النظام في‮ ‬سوريا في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬تتجاهل فيه الحديث عن عدد شهداء الاحتجاجات هناك‮.. ‬والسؤال الذي‮ ‬يطل برأسه في‮ ‬هذا السياق هل سيحسم الإعلام مصير هذه المواجهة؟