باريس

الهجرة السرية توتر العلاقات الأوروبية...

الاتحاد الأوروبي والهجرة غير الشرعية، وهجوم ساحة جامع الفنا في مراكش، والسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل الربيع العربي... موضوعات استأثرت باهتمام الصحافة الفرنسية نعرض لها بإيجاز ضمن القراءة التالية.





أسئلة الهجرة

لوران جوفران علق ضمن افتتاحيته ليوم الأربعاء بمجلة quot;لونوفيل أوبسرفاتورquot; على التشنج الذي أصاب العلاقات بين إيطاليا وفرنسا على خلفية رفض هذه الأخيرة السماح لمهاجرين تونسيين غير شرعيين بدخول أراضيها على رغم أن السلطات الإيطالية منحتهم تراخيص سفر في أوروبا بمقتضى معاهدة quot;شينجنquot;. وفي هذا السياق، قال الكاتب إن هذه المشكلة دفعت البعض إلى التشكيك في معاهدة أوروبية ذات أهمية تاريخية تلغي الحدود بين بلدان الاتحاد الأوروبي تقريباً وترمز إلى الإرادة المشتركة في إنشاء فضاء ديمقراطي موحد ومفتوح، مضيفاً أن وصول هؤلاء الشبان التونسيين إلى فرنسا يقدَّم على أنه خطر ماحق، بينما يشير البعض إلى حالة الاستثناء وتُوقف القطارات ويروج حديث عن إغلاق الحدود، quot;وهذا كله رد مبالغ فيه وصادم ومذعور، ويجب قول هذا بأعلى صوت!quot;. ولكن في المقابل، يستطرد كاتب الافتتاحية، يجوز طرح سؤال مزعج على quot;أصدقائنا التونسيينquot;: لماذا يركب آلاف الشبان البحر مجازفين بأرواحهم بحثاً عن آفاق أرحب ومصدر عيش كريم، ويتكبدون الصعاب ويلاقون معاملة مذلة منذ أن تطأ أقدامهم الأراضي الأوروبية؛ ويضطرون لتحمل معاناة المنفى ويعيشون في ظروف مزرية ويُستغلون من أرباب مطاعم جشعين! هذا في حين هناك ثورة ديمقراطية متواصلة في البلد الذي تركوه خلفهم، يقول جوفران، وهي ثورة في حاجة إلى شبابها الجريء والمقدام من أجل إرساء استقرار مجتمعها وتأمين تطورها؟ وبعبارة أخرى، فإن أولئك الشبان أنفسهم إنما ذهبوا للبحث بعيداً عن الحياة الأفضل التي يفترض أن يبنوها في وطنهم: فهل من الصواب تشجيعهم على الرحيل؟ ألا ينبغي على الحكومة التونسية العمل على تبديد سراب المنفى والحد من تسهيلات الرحيل؟ أليست في ذلك، في نهاية المطاف، مصلحة الجميع، وفي مقدمتهم المرشحون للهجرة أنفسهم؟

تفجير مراكش

أفردت صحيفة لوموند افتتاحية عددها لأمس السبت للتعليق على التفجير الذي استهدف الخميس الماضي مقهى يرتاده السياح بمدينة مراكش في المغرب، وأسفر عن مقتل 16 على الأقل وجرح 23 من جنسيات مغربية وفرنسية وهولندية وكندية وبريطانية. الصحيفة ركزت على رمزية الهدف الذي اختارته الجهة التي تقف وراء هذا الهجوم: ساحة جامعة الفنا، مقصد السياح والمكان التاريخي المفتوح في وجه العالم، تقول الصحيفة، وهو رمز مغربي حقيقي أريد تلطيخه، أو حتى القضاء عليه، يوم الخميس 28 أبريل، معتبرة أن الهجوم ربما يمثل ضربة قوية للقطاع السياحي الذي كان يستعد لموسم جديد تشير المؤشرات إلى أنه سيكون واعداً، وأن حصيلة هذا الهجوم quot;الفظيع والجبانquot;، وعلى غرار كل العمليات الإرهابية المماثلة، قد تكون ثقيلة جدّاً.

الصحيفة شددت على ضرورة ألا يؤثر هذا الهجوم على مسيرة الإصلاح التي بدأها المغرب، وأن يواصل تقدمه على طريق الإصلاحات السياسية التي انخرط فيها بما يفضي إلى نظام ملكية دستورية. أما بالنسبة لأوروبا التي تبدو للأسف مهووسة اليوم بمسألة الهجرة مثلما كانت مهووسة بالإرهاب بالأمس، فإن حادث مراكش المأساوي يبرز الضرورة الملحة إلى سياسة متوسطية فعالة. أما صحيفة ليبراسيون، فقد ركزت أيضاً ضمن افتتاحية عددها لأمس السبت على رمزية الهدف: ساحة جامع الفنا، التي تصنفها منظمة اليونيسكو ضمن التراث الإنساني غير المادي؛ والظرفية، في إشارة إلى الحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات الذي يعرفه عدد من بلدان العالم العربي، أو ما بات يعرف بـquot;الربيع العربيquot;. وفي هذا السياق، اعتبرت الصحيفة أن هجوم مراكش يستهدف السياح بقدر ما يستهدف الربيع العربي، معبرة عن أملها في ألا يعرقل التطلعات الديمقراطية.

إسرائيل وquot;الربيع العربيquot;

بيير روسلين لفت في مقال تحليلي له بعدد يوم الخميس من صحيفة لوفيغارو إلى أن quot;الربيع العربيquot; جاء في الوقت الذي كانت فيه عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في أدنى مستوياتها، إذا لم تكن منعدمة، متسائلًا عما إذا كانت صحوة الآراء في بلدان المنطقة ستساهم في رفع الحصار الحالي وستسمح بإعادة إحياء الجهود الرامية إلى تحقيق تسوية إسرائيلية فلسطينية. وفي الوقت الراهن، يقول روسلين، تنشغل مصر والبلدان الأخرى المجاورة لإسرائيل بمشاكل داخلية كثيرة جدّاً تمنعها من الالتفات إلى أي شيء آخر، مضيفاً أن سقوط نظام مبارك، في الحادي عشر من فبراير، شكل تحذيراً لإسرائيل، التي فقدت حليفاً لها في المنطقة. ولكنه يرى أنه طالما أن الجيش هو الذي يحافظ على السلطة في القاهرة، فإن الدبلوماسية المصرية لن تتغير كثيراً، ومن ثم فإن الانتخابات المرتقبة في الأشهر المقبلة ستطلق النقاش حول السياسة المصرية تجاه غزة، وتجاه إسرائيل.

وهذا الأمر، يقول الكاتب، من شأنه أن يحث إسرائيل على أن تبدي قدراً أكبر من الانفتاح على حل متفاوض بشأنه مع الفلسطينيين. وفي الوقت الراهن يبقى الجمود هو سيد الموقف. وقبل ذلك، كان أوباما قد مارس ضغطاً على إسرائيل حين أعرب في سبتمبر الماضي عن رغبته في رؤية دولة فلسطينية معترف بها في الأمم المتحدة خلال الجمعية العامة المقبلة، في سبتمبر. وبعد ذلك بأسابيع قليلة، رفض نتنياهو تمديد تجميد الاستيطان في الضفة الغربية وغدا التفاوض بين الجانبين مستحيلاً. ومنذ ذلك الحين والمفاوضات متجمدة؛ ولا شيء يلوح في الأفق في وقت تشتد فيه الرهانات الإقليمية. وبعد الخطاب الذي يتوقع أن يلقيه نتنياهو أمام غرفتي الكونجرس الأميركي، في أواخر مايو الجاري، يقول الكاتب، سيعقد في باريس خلال يونيو المقبل مؤتمر ثان للمانحين مخصص للأراضي الفلسطينية. وقد تكون ثمة فرصة لإعطاء دفعة جديدة لجهود السلام، مثلما كانت باريس تنوي أن تفعل بمناسبة قمة للاتحاد من أجل المتوسط ألغيت في نوفمبر الماضي.

ساركوزي وفرنسا

أسبوعية quot;لوكوريي إنترناسيونالquot; خصصت افتتاحية هذا الأسبوع لاستعراض تقييمات صحف ومجلات أوروبية مختلفة لساركوزي وفرنسا. وفي هذا السياق، قالت الصحيفة إن مجلة quot;ذا إيكونوميستquot; البريطانية، وصحيفة quot;إيل فوليوquot; الإيطالية، وquot;إيل باييسquot; الإسبانية، وquot;نيويورك تايمزquot; الأميركية... راهنت جميعها على ساركوزي في 2007 ، بل وquot;صوتتquot; عليه تقريباً. أولا، لأنها لم تكن تفهم شخصية سيجولين روايال، منافسته الاشتراكية في الانتخابات الرئاسية. ثانيّاً، لأنها اختارت تأييده على أمل أن يتمكن هذا السياسي quot;الشابquot; المفعم بالحيوية من إصلاح فرنسا وتحديث جمهورية تحب العظمة.

ولكن بعد مرور أربع سنوات، تحررت كل المنابر الإعلامية المشار إليها من أوهامها، تقول الصحيفة. فهذه صحيفة quot;إيل فوليوquot; لا ترى إلا quot;ذرّاً للرماد في العيونquot;، في حين ترى quot;الإيكونوميستquot; رئيساً quot;أُضعف بسبب أخطاء من حيث الحكم والأسلوبquot; أما quot;إيل باييسquot;، التي انتقدته ووصفته بـquot;المريض بالأناquot;، فتعيب عليه ديماغوجية خطابه المعادي للمسلمين. وفي المقابل، تشير الأسبوعية إلى أن فرنسا ينظر إليها عموماً من قبل المراقبين الأوروبيين باعتبارها دولة تمتلك إمكانيات ومؤهلات كثيرة، وإن كان ينبغي عليها أن تولي اهتماماً أكبر لقطاعات مثل التعليم.

إعداد: محمد وقيف