عائشة المري



كان قرار قادة دول مجلس التعاون في اجتماعهم التشاوري في الرياض بالموافقة على طلبي المملكة الأردنية والمملكة المغربية الانضمام إلى المجلس مفاجأة بكل المقاييس، فلم ترسل إشارات سابقة لإمكانية توسيع المجلس ليشمل الأردن شرقاً والمغرب غرباً، فكانت سرعة اتخاذ القرار أدعى للاعتقاد بأن هناك ما يلوح في الأفق السياسي، وبقدر المفاجأة كانت التحليلات والتنظيرات. ولاشك أن هناك فوضى خلاقة تعم الخريطة العربية بين ثورات نجحت في تغيير رؤساء، ومشاريع ثورات في دول أخرى، حكومات تفقد السيطرة على أراضيها بقرار دولي، وأخرى ماضية على الطريق. حالة غليان عربي والشعوب تعيش على صفيح ساخن، فيما التشكل السريع والغامض للخريطة السياسية يدفع للترقب أو الفعل.

لقد اختارت دول مجلس التعاون القيام بخطوة استباقية معلنة على لسان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني: quot;إن هذه الخطوة تأتي انطلاقًا من وشائج القرب والمصير المشترك ووحدة الهدف، وتوطيدًا للروابط والعلاقات الوثيقة القائمة بين شعوب دول مجلس التعاون الخليجي والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة المغربية. كما أنها تأتي متماشية مع النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي وميثاق جامعة الدول العربية اللذين يدعوان إلى تحقيق تقارب أوثق وروابط أقوىquot;. فهل هو إحياء للفكر القومي العربي؟ أم هي عودة لسياسة الأحلاف السياسية والتكتلات الأمنية؟ هل سيؤدي توسيع المجلس إلى تحالف سياسي مضاد بين الجمهوريات الناشئة؟ وبعد كل هذا ما هو تأثيره على الجامعة العربية إيجاباً كان أم سلباً؟ تساؤلات مشروعة ومطروحة.

في ظل نظام عربي جديد يتشكل، وفي ظل تبدل الحقائق على الأرض، كانت الاستجابة الخليجية المطروحة هي توسيع منظومة مجلس التعاون الخليجي لتضم أعضاء جدداً، أن الأمر المؤكد الوحيد بعد مرور ثلاثين عاماً على إنشاء المجلس هو قدرته على التعامل مع مجموعة التهديدات الخارجية والداخلية، فدول المجلس تعاملت بنجاح مع الأزمات السياسية المتكررة، وقد حققت الأزمة البحرينية، ومن قبلها أزمة الكويت، هدفاً مهمّاً من أهداف المجلس والمتمثل في التعامل الجماعي مع التهديدات. فالتهديدات الخارجية كانت وما زالت إحدى أهم أولويات المجلس، فكانت سبب نشأته، وما زالت أهم عوامل تماسكه الداخلي. ومع كل الأزمات الخليجية والعربية كان المجلس يستخدم آلية أقرب للحلول الوسط على رغم تباين الرؤى السياسية للدول الأعضاء تجاه بعض الملفات الساخنة. وعليه لا يخلو خيار ضم الأردن والمغرب من الهاجس الأمني الخليجي، فهو المحرك الأساسي لقيام واستمرار المجلس، ومن ناحية أخرى ستصبح دول الخليج على خط المواجهة الأمامي مع إسرائيل ومجاورة للدولة الفلسطينية المرتقبة، في وقت لا زالت فيه مبادرة السلام العربية تراوح مكانها. ولكن ماذا عن المغرب؟ فالأردن يجاور جغرافيّاً المملكة العربية السعودية، وتتداخل القبائل بين البلدين، فيما يقع المغرب في أقصى الخريطة العربية، ويشترك في تحالف مشترك مع دول المغرب العربي، ويمضي بخطوات دؤوبة نحو النظام الملكي الدستوري.

لقد أعطى المجلس الأولوية للأمن، ونجح في ذلك، وتقييم رحلة المجلس يجب أن يرتكز على هذه الحقيقة قبل غيرها. اليوم وعلى رغم أن الظروف الإقليمية غير مستقرة، إلا أن المضي قدماً في خطوات توسيع مجلس التعاون سيغير الخريطة السياسية والأمنية للمنطقة.