مهند عبدالجليل
من يقرأ وثيقة (عهد وسلام) التي أطلقها السيد مقتدى الصدر بعد عودته إلى النجف من الدوحة مؤخراً، يُدرك أن هذا الشاب الذي كان غادر العراق إلى إيران قبل سنتين (لمتابعة تحصيله العلمي) كان يتابع (تحصيله العلمي) في مدرسة ابتدائية لا أكثر. فإضافة إلى أن الوثيقة مكتوبة بلغة ركيكة ومضمون ساذج وسطحي، فإنها تشتمل على كم من الأخطاء الإملائية يخجل منها طالب في الصف الخامس الابتدائي..! هذا علاوة على أن وثيقة العهد والسلام الممهورة بخاتم مقتدى لا تقدم شيئاً جديداً ولا تحمل أية صفة أو معنى..! ولا أعرف شخصياً من الذي اختار مقتدى الصدر للوساطة والتدخل في الشأن البحريني. ولكني أعرف أن هذا الشخص هو أسوأ اختيار ممكن في هذا المجال. ونحن هنا لا نتحدث فقط عن جلاد طائفي مغرور، وجزار لم تجف دماء أهل السنة والشيعة على يديه بعد..! بل أيضاً عن شاب أخرق لم يمتعه الله بأية صفة من صفات الزعامة، علاوة على الكياسة. ولكن في الزمن العراقي الرديء يصير مثل هذا الشخص زعيماً؛ له نواب في البرلمان وقوات تأتمر بأمره، وميليشيات تزرع العراق بالمقابر الجماعية والسجون غير الشرعية.. ويزداد الزمان رداءة فيصير لمقتدى هذا أن يقابل الزعماء والأمراء والحكام، وأن تفرش له السجادة الحمراء في المطارات..! وهي مصيبة عراقية من شأن الشعب العراقي أن يحتملها أو يتقبلها، أما نحن في البحرين فلا نستطيع؛ وليعذرنا مقتدى، إذ لو أنه فكر بزيارة البحرين ـ من غير أهلاً ولا مرحباً ـ فلن يكون باستقباله في المطار سوى عريف في قوة الدفاع.. وهذا أكبر مما يستحق..! ومربط الفرس، أن شؤوننا الداخلية في البحرين، لا تحتاج إلى أمثال مقتدى للوساطة بين أطرافها. وما يستطيع أن يقرره مقتدى في النجف، لا يقرره هنا ولا ينبغي له ذلك. أما الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والاستجابة لمطالب الشعب، فمقتدى آخر من ينبغي له الحديث عنها، ليس فقط لأنها ليست من شأنه، بل لأنها ليست أيضاً من مفاهيمه..! ومع ذلك، فزيارة مقتدى للشقيقة قطر، لم تكن من أجل البحث في الشأن البحريني، وإن كان إعلامه الساذج زعم ذلك وحاول التدليس على الناس بهذه الشعوذة المكشوفة. والزيارة تمت بدعوة شخصية من القيادة القطرية. أي أنها ـ وحسب مبادئ البروتوكول السياسي ـ هي التي تحدد جدول أعمال الزيارة وموضوعاتها. والشأن البحريني ليس من اختصاص مقتدى، وبالتالي فمن المستحيل أن تدعوه القيادة القطرية لتبحث معه شأناً ليس من اختصاصه..! وبالمناسبة فالإعلام الأمريكي كشف موضوع الزيارة وأهدافها، ولم يتطرق إلى الشأن البحريني مطلقاً، حين أشار إلى رفض جيفري فيلتمان الاجتماع مع مقتدى، والاكتفاء بلقاء نائب رئيس الجمهورية عادل عبدالمهدي.. الذي نصح الأمريكان بدوره باللجوء إلى حليف عربي لاتقاء شر مقتدى وإقناعه بضرورة تصويت نوابه لصالح بقاء القوات الأمريكية في العراق. وهذه هي كل القصة الحقيقية لزيارة مقتدى إلى قطر الشقيقة، فلا الشأن البحريني من موضوعاتها، ولا البحرين تقبل أن تكون شؤونها الداخلية جزءاً من صفقة ما أحد أطرافها مقتدى وميليشياته. أما أحلام العصافير، فمشرعة بالمجان. ولمن يشاء أن يحلم بها ليلاً ونهاراً إن شاء.. بما في ذلك مقتدى ونوابه ومليشياته وكل الذين أفلست آمالهم وتطلعاتهم حتى باتوا يعولون على شخص كمقتدى.. كرمكم الله.
التعليقات