محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

تويتر والفيسبوك هو موضة الإنترنت الجديدة. كثيرون من جميع فئات المجتمع وأطيافه مشتركون فيه. وكثيرون هم أيضاً من ينتحلون الأسماء، ويكتبون مشاركاتهم أو تغريداتهم بالاسم المنتحل. المشكلة أن الاسم المنتحل لا تستطيع أن تميزه من الاسم الحقيقي، فليس ثمة إثبات يتطلبه التسجيل في الموقع للتأكد من أن الاسم الذي تظهر المشاركات باسمه هو فعلاً ذلك الشخص. هذه نقطة، النقطة الثانية والمترتبة على النقطة الأولى أن الإساءة للشركة، أو للاسم، أو لفكرة معينة، أو تشويهها، ممكنة وبسهولة؛ فلا يتطلب منك الأمر إلا أن تفتح موضوعاً جديداً في الفيسبوك، أو موضوعاً جديداً في تويتر(هاشتاق) لتستطيع أن تغرد كما تريد، وتكذب إن أردت كما تريد، وتختلق أي فكرة، وتدعي أي دعوى، فتنتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم.

طيب؛ كيف يمكن حماية حقوق الأفراد أو المنشآت -أياً كان توجهها- من الإساءة إليها بشكل مباشر أو غير مباشر؟.. وكيف يمكن ألا تكون مثل هذه المواقع بؤرا تضليلية للأفكار والمعتقدات كالدعوة إلى الإرهاب، أو التكفير، أو الدعوة إلى ما يمسّ السلم والأمن العالمي، وكذلك سِلم وأمن الدول من الداخل؟

أعرف أن هناك نظاماً في المملكة يُعالج جرائم الإنترنت تحت مسمى (نظام مكافحة جرائم المعلوماتية) صدر في ست عشرة مادة بالمرسوم الملكي رقم (م- 17) وتاريخ 8-3-1428؛ غير أن هذا النظام يحد من فعاليته وإمكانية تطبيقه أن الجغرافيا لم تعد لها علاقة بالنشر الإلكتروني؛ فتستطيع أن تكتب في أي مكان في العالم، ليقرؤك في اللحظة نفسها آخرون في كل أصقاع الدنيا. فإذا كنت ndash; مثلاً ndash; في قرية منزوية في أوربا، تستطيع أن تكتب ما تشاء، وتنتحل الاسم الذي تريد، وأنت (تقريبا) في مأمن عن الملاحقة القضائية، ليس فقط بسبب المكان، وإنما لأن ما يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون في المملكة - مثلاً - قد لا يكون جريمة يعاقب عليها القانون في بلد منشأ المعلومة، أو التغريدة، وهذا ما يُسمى في المصطلح القانوني (تنازع القوانين). ولا أرى مخرجاً من هذه المشكلة التي ستضر بالكثيرين، أفراداً أو منشآت، عامة أو خاصة، إلا بأن يكون هناك تشريعات دولية تحاصر جرائم الإنترنت. القوانين المحلية لن يكون لها من التأثير ما يجعلها تحد من هذه التجاوزات، وبالذات محاولات تشويه السمعة.

دعني أفترض جدلاً هذه الفرضية؛ هَبْ مثلاً أن شركة تنتج منتجاً معيناً، ولها منافسون، وأراد أحد المنافسين الإساءة لمنتج الشركة المنافسة، فما عليه إلا أن يضع عنواناً في الفيسبوك أو (هاشتاق) في تويتر بشكل لافت وجذاب، يتضمن الإساءة لمنتج هذه الشركة، أو يوحي بذلك، لتنهال عليه المشاركات من كل حدب وصوب؛ وقد يصل الأمر بهذه الشركة إلى الخسارة، وربما الخروج من السوق، دون وجه حق، متضررة من هذه الإشاعة الكيدية. وهذا بالمناسبة احتمال وارد، فمن يتعامل مع هذه المواقع يدرك أنه بالإمكان أن تشعل النار في سمعة المنشآت أو منتجاتها فتحيلها رماداً إذا تم إتقان اللعبة بعناية. وكذلك الأمر بالأشخاص؛ فقد يتعمّد أحد الأشخاص ترويج إشاعة مغرضة حول شخصية سياسية أو دينية أو اجتماعية مرموقة، فيتلقفها المشاركون في هذه المواقع، وتسيء للشخص إساءة حقيقية؛ وكما يقولون: (الرصاصة اللي ما تصيب تدوش).

لذلك لا بد من إيجاد آلية معينة على مستوى دولي وليس محلي، يكون من شأنها الحد من هذه التجاوزات بشكل يضمن على الأقل الحد منها وإلا فإن إلغاءها يبدو أمراً متعذراً؛ فهل تتبنى وزارة الاتصالات هذه الفكرة وتحاول أن تضعها كمقترح على مستوى التعاون الدولي لمكافحة الجرائم المعلوماتية؟

إلى اللقاء.